محافظ أسيوط يفتتح المعرض الزراعي الشامل.. تخفيضات تصل إلى 50 ألف جنيه على الجرارات    أسعار اللحوم اليوم الاثنين في شمال سيناء    وزيرة التنمية المحلية: برنامج تنمية صعيد مصر نجح في خلق 369 ألف فرصة عمل    إنشاء 83 عمارة بمبادرة «سكن لكل المصريين» في العلمين ب2.2 مليار جنيه    بركات: إطلاق الموقع الإلكترونى المطوّر للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء    بالفيديو.. اتحاد الغرف السياحية يوضح أسباب تراجع أسعار الحج السياحي للموسم الجديد    فيديو.. اصطفاف العشرات من شاحنات المساعدات أمام معبر رفح تمهيدا لإدخالها لغزة    الأمم المتحدة تعرب عن قلقها البالغ إزاء الوضع في الفاشر السودانية وتدعو لوقف فوري لإطلاق النار    وزير الخارجية يبحث مع نظرائه في 4 دول تطورات الأوضاع في فلسطين والسودان    ترامب مهاجما بوتين: كان عليه إنهاء حرب أوكرانيا بدلا من اختبار الصواريخ    دجلة يواجه الاتحاد السكندري في الدوري    مقتل شاب على يد شقيقه في مشاجرة بسبب خلافات مالية بقنا    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة وفرص ضعيفة لأمطار خفيفة    «الداخلية»: تحرير 1173 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 36 سيارة متروكة بالشوارع خلال 24 ساعة    بعد قرار الحكومة.. إجازة افتتاح المتحف المصري الكبير 2025 للقطاعين العام والخاص    ترامب يحذر الحوامل مجددًا| لا تستخدمن دواء "تايلينول" إلا للضرورة القصوى    وزارة العمل تنشر نتائج حملات تفتيش على 721 منشآة    ترامب يؤكد ضرورة إنهاء بوتين للحرب فى أوكرانيا    التعليم العالي: جامعة المنيا تستهدف التحول إلى مركز جذب للطلاب الوافدين    خروج 24 مصابا وتحويل حالتين لمستشفى الغردقة بحادث طريق الزعفرانة رأس غارب    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    تقرير: أهلي جدة بدون محرز وكيسي أمام الباطن في كأس الملك    آخر استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    محافظ القاهرة يوجه بتخصيص جزء من الإذاعة المدرسية للتعريف بالمتحف المصرى    "لا أعلم سبب اللغط".. الكومي ينشر عقوبات السوبر المرسلة ل الزمالك وبينها إيقاف نبيل عماد    الرعاية الصحية: تكلفة تطوير مستشفى دار صحة المرأة والطفل بالسويس 870 مليون جنيه    وفاة شخص إثر تصادم تريلا مع ملاكي في قنا    بعد غد.. وزيرا دفاع اليابان والولايات المتحدة يجتمعان في طوكيو    جامعة حلوان تطلق تطبيقا لتعزيز الخدمات الرقمية للطلاب    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في بورسعيد    نورا ناجي: رواية حامل مفتاح المدينة تمزج بين الواقعية السحرية والخيال    قانون اللاجئين الجديد ينظم أوضاع نحو 9 ملايين لاجئ في مصر.. تعرف على التفاصيل    رضا عبد العال: توروب غير مقنع مع الأهلي حتى الآن.. والسوبر المصري الاختبار الحقيقي    الرقابة الصحية: إطلاق أول معايير وطنية لمكاتب الصحة والحجر الصحى    بطولة محمد سلام.. التفاصيل الكاملة لمسلسل «كارثة طبيعية» قبل عرضه الأربعاء    اتحاد المبدعين العرب: المتحف الكبير يجسد عبقرية المصري القديم وريادة مصر الحديثة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في محافظة قنا    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 27اكتوبر 2025 فى المنيا    استقرار نسبي في أسعار الأسمنت اليوم الإثنين 27أكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    فريدة سيف النصر تعلن تفاصيل عزاء شقيقها اليوم    أول أيام الصيام فلكيًا.. متى يبدأ شهر رمضان 2026؟    مصرع شخص سقط من الطابق الرابع بمنطقة التجمع    «الداخلية» تضبط «دجال» بتهمة النصب على المواطنين في الإسكندرية    بسملة علوان ابنة القليوبية تحصد المركز الثاني ببطولة الجمهورية للكاراتيه    «معرفش بكره في إيه».. عبدالحفيظ يكشف رأيه بشأن التعاون مع الزمالك وبيراميدز في الصفقات    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 27 أكتوبر    أمين عام حزب الله يتحدث عن إمكانية اندلاع حرب جديدة مع إسرائيل    لاتسيو يقهر يوفنتوس.. وتعادل مثير بين فيورنتينا وبولونيا في الدوري الإيطالي    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    أنظمة الدفاع الروسية تتصدى لهجمات بطائرات مسيرة استهدفت موسكو    الداخلية تضبط شخصين روجا شائعات وأكاذيب تحريضية بواقعة المنيا    "البلتاجي "على كرسي متحرك بمعتقل بدر 3 ..سر عداء السفاح السيسى لأيقونة يناير وفارس " رابعة"؟    نمط حياة صحي يقلل خطر سرطان الغدة الدرقية    الزبادي اليوناني.. سر العافية في وجبة يومية    حماية المستهلك: ضبطنا مؤخرا أكثر من 3200 قضية متنوعة بمجال الغش التجاري    غزل المحلة: الأهلى تواصل معنا لضم ثلاثى الفريق الأول.. ولكن    من هو صاحب الذهب المشتراه من مصروف البيت ملك الزوجة ام الزوج؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس.. خضراءٌ.. فلا تحرقوا الأخضر واليابس
نشر في اليوم السابع يوم 21 - 01 - 2011

السُّحب فى السماء تدفع بعضها بعضاً كالأمواج فى البحر تُصارع بعضها، كذلك الحرائق فى الغابات تحرق بعضها بعضاً إذا اندلعت ولو بثقاب كبريت، لا أحد يستطيع التنبؤ بنيران الغابات أين ستنتهى إن انتهت، وبشعلاتها المنطفئة إن انطفأت.
تونس الخضراء رغم اخضرارها الداكن اخترقها ذلك الثقاب، ثقابٌ أشعل به نفسه شابٌ تونسى فى سيدى بوزيد بالوسط الغربى الفقير من البلاد، من يومه وإلى اليوم تونس بخسائر بشرية 78 قتيلاً و94 جريحاً، ومادية ثلاثة مليارات دينار، وضعٌ مقلق.
دخلنا الأسبوع الثالث وقلب العاصمة شارع بورقيبة مازال تشغله المظاهرات، وصفاقس ثانى أكبر المدن تلوثه الحرائق السوداء.. فإلى أين يا تونس الخضراء؟ هل نقول "إنه ربيع تونس وللربيع خريفه؟ وأن الربيع لن تشعر بلذته إن لم تتذوق شيئاً من طعم الخريف!".. إذن نرجوه هذا الخريف أن يرحل دون تخريف.. و"التخريف" كلمةٌ (عن إذنك) أشحنها لأرادفها هنا بكلمة التجريف.. "والتجريف" كلمةٌ قد لا يفهمها عامة الناس إلا الصياد الضليع فى مهنة الصيد البحرى بالجرف، وهو القضاء على الثروة السمكية جرفاً للأخضر واليابس، يبلع به صياد اليوم كل ما فى البحر، فلا يترك لجيل الغد وبعد الغد فى البحر غير الصخور والقشور! ومن المؤسف أن هذا النوع من الصيد الطاغى كان مسموحاً به فى بحر تونس الغنية بالثروات يوماً وبات فقيراً لفرخة سمك بعد أن مسحتها السفن الأجنبية الجارفة بحفنة من الدولارات، وما أحلم به اليوم أن لا ينقل الشعب التونسى فى غفلة هذا الأسلوب الجارف من البحر إلى البر ليصبح الجرف بعد أن كان مسموحاً على الحيتان والهوامير، أيضاً مشروعاً فى الشوارع على أبناء تونس وبناتها! ولكى يتعرف القارئ الكريم على ما فى بلاده من خير أضيف هنا: "أن هذا النوع من الصيد غير مسموح به فى بلادى، لأنها تعتبر كنوز البحر ثروة الآباء والأجداد يجب أن تصل إلى الأبناء والأحفاد.. فلا صيد بالجرف فى مياهنا، ولا تراخيص للسفن الأجنبية الجارفة فيها، ولا حتى السماح لها المرور عابرة بترانزيت، لأنها لُدغت من خديعة تلك السفن التى تمرّها مستأذنة، وهى تجرف البحر جرفاً تسرقها المياه الإقليمية ملايين الدولارات من خيرات البحر، فبالتالى لا صيد بالجرف فى مياه الخليج، ولا صيد فى موسم التكاثر والتناسل للأحياء البحرية، ثم ولا صيد إلا بالأدوات التقليدية المسموحة بها من شباك "القراقير" ذات الفتحات الكبيرة الواسعة التى تسمح للأسماك الصغيرة مغادرة شبكة الصياد للاحتفال بمعايشة البحر إلى العام القادم، لجأت إلى ذكر البحر هروباً من خنادق البر وخناقها.. والله لن أبالغ لو قلت إنى كتبت اليوم عن تونس على رائحة الدم والدخان، من 225 قتلى تفجيرات تكريت العراق، والحرائق المتصاعدة من تونس العامرة.
اسمحوا لى بدعوة مصالحة بين البحر والبر، مصالحةٌ قد تولّد منطقة برية بحرية متحدة لا انقسام فيها للعرب ولا خلافات، لا حروب فيها ولا استعباد، منطقةٌ كلها عدالة لا مساحة فيها للبطش والإرهاب.. فيها جيوش تحمى الأرض وتحرس الأمة من عدو حقيقى ولا تتوعد الجيران والأحزاب من عدو وهمى، خضراء تونس لا تعنى تونس لوحدها، هى جزء من ذلك الكل الذى أعطانا الله فيه خيراً كثيراً موزعاً على امتداد جغرافيا الوطن، كلما زاد الخير فى بعضه ورقى إلى الكمال (والكمال لله) واقتربنا من مرحلة الاكتفاء الذاتى دخلنا فى حروب غبية ورائها مؤامرات معتوهة من خارج الوطن، ثم تنتهى على صراعات تافهة داخل الوطن! أحسُّ وقلب المؤمن إحساسه، إن التوانسة لن يحرقوا بعضهم بعضها بل ينصرون، كما فعله يوما الجزائريون والمغاربة الليبيون والموريتانيون، وهذا هو المأمول من كل العرب وكل المسلمين، فلن نسمع بعده وكالات الأنباء تنشر خبرا عن عرب اتفقوا يوما واختلفوا فى اليوم الثاني، تعانقوا ثم تصارعوا، دخلوا برلماناتهم بباقة الزهور ولهم مليشيات متناحرة فى الشوارع بالمدفع والرشاش! إن شعوب المغرب العربى على مدى التاريخ كانت من الشعوب التى تؤمن بالجيرة الطيبة، تستقبل الضيف والغريب برحابة صدر، وأنا شخصياً التقيت وتفاجأت بأسماء من قبائل إماراتية وخليجية فى أرياف الجزائر وإحياء تونس ومدن ليبيا.. يقظةُ تونس لن تتحول إلى خلافات داخلية تشغلها المليشيات المتناحرة بمعسكرات داخلية.
كل الخلافات العربية لم تتعد عن خلاف واحد مع عدو واحد انتزع الأرض أصحابها الشرعيين وشردهم غرباء بلا وطن منذ ستين سنة.. وبقية الخلافات كلها مفتعلة وراءها حسدٌ أحمق وغيرةٌ حمقاء! الأراضى الصفراء الوعرة تحسد الخضراء الخصبة، والحقول النفطية الغنية تحسدها الفقيرة الجافة، وكلٌّ يقول "ما ذنبى هكذا خلقنى ربى"! من يدرى تونس الغد إن ولدت بطموحاتها قد يلد منها (مترو المغرب العربى الكبير) تشبك السوق الأفريقية المشتركة ببعضها أسرع من تلك التى اشتهر بالأوروبية المشتركة فى الاتحاد العربى، فيخرج السائح أو رجل الأعمال من مطار قرطاج الدولى إلى محطة الشبكة الموحدة للقطار التونسى الليبى الجزائرى، يتعشى فى بنغازى، يفطر فى الدار البيضاء، ثم ينزل فى نواكشوط ليتناول غداءه الدسم ويخرج إلى الصيد البرّى فى جبال موريتانيا.
أحس أن الشعب التونسى أمام يوم جميل إن لم يقاتلوا بعضهم، ولها عبرةٌ من الصومال والعراق واليمن وأفغانستان، لا يزال فيها الأقوياء لا يزال يتصارعون على كعكعة كيف يتقاسموها داخل البرلمان، وفى الخارج مواطنوها على موائد فاضية تنتظر المخلفات! لا أعتقد أن تونس نامت كى تفيق، وأعتقد أن تونس يقظة بشعب يقظ لا يسمح بتدمير بُناها التحتية المحسودة عليها، وأكيد أن تونس ستسارع إلى إحلال دخان الحرائق بلوحات سلام شامل، وتنفق المزيد على المصانع والمدارس والمستشفيات والمطارات والمتروات.. من يدرى الصفارة الأولى لانطلاقة قطار المغرب الكبير قد نسمعها من تونس الخضراء؟
كاتب إماراتى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.