لا توجد لدى أى متابع زملكاوى محايد لا يميل لحكم الفرد أى قناعة بتلك الأفعال الخرقاء التى يرتكبها مرشحو الرئاسة للبيت الأبيض، لمجرد الوصول لسدة الحكم فى ميت عقبة. فكل من يدعون أنهم أبناء القبيلة البيضاء وعلى رأسهم ممدوح عباس والمندوه الحسينى وإسماعيل سليم ومرتضى منصور، نجحوا فى الزج بناديهم إلى النفق المظلم، هذا التعبير الذى يستخدم دائما فى المواقف المأساوية حالكة السواد. فبالنسبة لعباس، فقد نجح فى توريط الزمالك ماديا عبر جلب نجوم جدد للفريق بداية من أجوجو ومرورا بالبرازيلى الخالى اللعب ريكاردو وعمرو عادل وعلاء كمال وأيمن عبد العزيز ومحمود سمير وهانى سعيد بتكلفة تقارب 18 مليون جنيه مصرى بخلاف رواتب سنوية تتعدى ال12 مليون على الأقل، إذا اعتبرنا التجديد لعبد المنصف الحارس الدولى وعلاء عبد الغنى ضمن ميزانية "دين عباس" الذى وصفه بالقرض الحسن.. أى قرض حسن هذا الذى يورط مؤسسة فى وجوب اختيار الشخص المقرض للوفاء بالالتزامات "القرضية"، بالإضافة لربطه النجاح بإنشاء مبنى اجتماعى وفندق خمس نجوم .. وهذا يعنى حباً مشروطاً بالنجاح أو الكرسى قبل الصرف دائما .. وليس أحيانا. كما ابتدع عباس نظرية جديدة، ألا وهى المظاهرات "الدليفرى" كتلك التى خرجت قاصدة المجلس القومى للرياضة جار الزمالك للهتاف بحياة عباس ووجوب بقائه رئيسا للبيت الأبيض دعما لمعادلة "إحنا من غيرك .. ولا حاجة ياصاحب الفضل"، وكم كان غريبا أن نشاهد المتظاهرين يهتفون وفى أيديهم وجبة "دليفرى" من أحد المطاعم الكبرى للوجبات السريعة وزجاجة مياه معدنية وأخرى غازية! وضع عباس الزمالك فى ورطة مادية كبرى تحتاج سنوات للخروج منها مقابل التواجد على الكرسى، لأنه يملك شفرة حل الأزمة. أما المندوه الحسينى فيملك وسائل ضغط مختلفة، أهمها شعار "الضنا غالى"، فهو يهتم بأولاد الأعضاء ويفتح لهم أبواب مدارسه على مصراعيها، مع إعطاء تخفيض أو إعفاء من المصروفات حسب تأييد الأسرة، فلو كان التأييد "نص ..نص" ينال ولى الأمر خصماً، أما لو وصل التأييد منتهاه فالإعفاء أمر وجوبى بطبيعة الحال، فى عام الانتخابات فقط. الخطير هو إعلان المندوه عن عطايا أخرى تلغى دور المؤسسة، فهو يؤكد على إقامته لمصيف دائم للأعضاء على نفقته الخاصة بخلاف مصايف النادى ... المندوه اعتمد شعاراً جديداً، هو "وجبة .. ومايوه .. وشاطىء .. لكل ناخب". إسماعيل سليم يعتمد منهجاً آخر مختلفاً، إذ يعتبر نفسه رمزا للفانلة البيضاء ويفخر بأنه صاحب فكرة إنشاء فريق الأحلام بقيادة أحمد الكأس ومن بعده التعاقد مع التوأم حسن والفوز ب14 بطولة، مشيرا إلى أن الزمالك وقتها كان القطب الأوحد وغاب الأهلى تماما عن المنافسة. ويلعب سليم بخطة "الضرب تحت الحزام"، ويستغل خناقات منافسيه لسحب الأصوات ب "ونش"، بل ويعتبرها قاعدته التى ينطلق منها، ودائما يضع منافسيه تحت ضغط الرد على اتهاماته، فيتهم عباس بأنه لم يفلح فى الفوز بأى بطولة خلال عامين إلا كأس مصر فى غياب الأهلى والإسماعيلى، ويتهم المندوه بأنه خائن أو ما شابه ذلك. ومن جانبه، يعتمد مرتضى منصور دائما على قواعده القانونية، ويحاول جاهدا أن يظهر فى صورة المضطهد، فهو يكيل لمنافسيه تهم الفساد والمحسوبية والقرب من كل ذى سلطان للضرب فى الجميع. هذا الرباعى أدخل نادى الزمالك، كما ذكرنا، نفقا مظلما، فأصبح اسم النادى الكبير يتردد فى المحافل القانونية ويقرأ فى "المحاكم". ولعل الحكم الأخير الذى ظاهره عدل، حيث أعاد حقا دستوريا لمواطن بس مش غلبان هو مرتضى منصور، يوضح ما نرصد، لأن باطن هذا الحكم هو مزيد من إجراءات التقاضى وتحويل اسم الزمالك لصفحات الحوادث، والأسوأ هو حالة الانشقاق بين الجمعية العمومية وتحولها تجاه الأفراد بحثا عن فوائد بدلا من التجمع تحت الشعار الأبيض ومحاولة تقديم برامج تنموية وخدمية للنادى، مع البحث عن موارد مالية يستحقها اسم الزمالك الذى يمكن تسويقه وليس "تسويئه" للفوز بمنصب رئيس البيت الأبيض. الزمالك فى حاجة لأبنائه المخلصين لانتشاله من هذا المستنقع الذى ينبئ بتدمير مؤسسه عظمى، لأن القضايا والمحاكم لن تصلح الحال، ففوز مرتضى بحكم يعنى استشكال عباس، وقبول استشكال عباس يعنى رفع قضايا جديدة، وبطبيعة الحال لن يسكت مرتضى. الصورة الآن قاتمة وتعبر عن حب النفس والنفع، فمرتضى تقدم باستشكال استباقى لاستمرار تنفيذ الحكم قبل أن يتقدم منافساه عباس والمجلس القومى للرياضة بطعن لدى الإدارية العليا، وهى غير المحكمة الإدارية فقط التى حكمت لصالح عودة مرتضى، وذلك يعنى أننا نجد "عرض حالجى" مثلا يتقدم للترشيح ضمن مجلس الإدارة لأنه ببساطة موجود دائما أمام أبواب كل الدوائر القانونية، كما أن كل من يدعون البنوة للزمالك يرفعون شعار نفسى ومن بعدها النادى، أو إن "جالك على الكرسى طوفان حط ناديك تحت رجليك". حالة من الدهشة تسيطر الآن على الأوفياء من أبناء القلعة البيضاء الذين لا يملكون مواهب المال والترويج والنفوذ، وكل غرضهم وجه ناديهم واسمه وسمعته، لدرجة أنهم من فرط خشيتهم من خطورة التنافس على الكرسى وليس الصالح العام يرفعون شعار "لمن الزمالك اليوم؟".