"حماة الوطن" يحشد لدعم مرشحيه في "الشيوخ" بسوهاج (فيديو وصور)    وزير التعليم: مناهج اللغة العربية الجديدة تدمج القيم الأخلاقية وتراعي الفروق الفردية    "لو عايز تغير مسارك المهني".. تفاصيل دراسة التمريض المكثف بتنسيق الجامعات 2025    الجيزة تعلن الانتهاء من إصلاح كابل الجهد العالي وإعادة التيار والمياه تدريجيًا    محافظ القليوبية يجري جولة مفاجئة بمدينة الخانكة ويوجّه بتطوير شارع الجمهورية    أقل من 4000 جنيه رسميًا.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الانخفاض الكبير    كوريا الشمالية: لا نهتم بمبادرات السلام مع سول    منها السيارات والأدوية.. الاتحاد الأوروبي يوافق على رسوم 15% على واردات أمريكية    فرنسا: إسرائيل تسعى لاستعادة الأسرى لكن حماس تقتل مزيدًا من جنودها    العراق.. القبض على 14 من عناصر الحشد الشعبى بتهمة اقتحام دائرة زراعية فى بغداد    «اقعد على الدكة احتياطي؟».. رد حاسم من حسين الشحات    أمطار وانخفاض الحرارة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس فى أغسطس: «بداية الانفراجة»    "10 براميل زيت وأتوبيس".. السيطرة على حريق داخل مصنع كريازي بالعبور- صور    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    بالصور.. اصطدام قطار بجرار أثناء عبوره شريط السكة الحديد بالبحيرة    بالصور.. إيهاب توفيق يتألق في حفل افتتاح المهرجان الصيفي للموسيقى والغناء بالإسكندرية    هدى المفتي تحسم الجدل وترد على أنباء ارتباطها ب أحمد مالك    الخارجية السودانية تدين إعلان قوات الدعم السريع «حكومة وهمية» وتطلب عدم الاعتراف بها    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 28 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 28 يوليو    4 انفجارات متتالية تهز العاصمة السورية دمشق    وائل جسار ل فضل شاكر: سلم نفسك للقضاء وهتاخد براءة    منها «الاتجار في المخدرات».. ما هي اتهامات «أيمن صبري» بعد وفاته داخل محبسه ب بلقاس في الدقهلية؟    تراجع سعر الفراخ البيضاء واستقرار كرتونة البيض في الأسواق اليوم الاثنين 28 يوليو 2025    رسمياً تنسيق الجامعات 2025 القائمة الكاملة لكليات علمي علوم «الأماكن المتاحة من الطب للعلوم الصحية»    تنسيق الثانوية العامة 2025 بالقاهرة.. درجة القبول والشروط لطلاب الانتظام والخدمات    «مكنتش بتاعتها».. بسمة بوسيل تفجر مفاجأة بشأن أغنية «مشاعر» ل شيرين عبدالوهاب.. ما القصة؟    العام الدراسي الجديد.. الخريطة الزمنية الرسمية للعام الدراسي 2025–2026    جامعة العريش تنظم حفلا لتكريم أوائل الخريجين    كريم رمزي: جلسة مرتقبة بين محمد يوسف ونجم الأهلي لمناقشة تجديد عقده    مدرب بيراميدز يهاجم تحديد موعد المباراة تحت درجات حرارة قاتلة: "الأمر يتعلق بصحة اللاعبين وليس بالمنافسة"    بعد تصدره التريند.. استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري في التعاملات الصباحية ليوم الإثنين 28 يوليو 2025    السيطرة على حريق أعلى سطح منزل في البلينا دون إصابات    حسين الشحات: لن أرحل عن الأهلي إلا في هذه الحالة، والتتويج أمام الزمالك أسعد لحظاتي    بعد 26 ساعة من العمل.. بدء اختبار الكابلات لإعادة التيار الكهربائي للجيزة    تنسيق الكليات 2025، الحدود الدنيا لجميع الشعب بالدرجات والنسب المئوية لطلبة الثانوية بنظاميها    ردا على الأهلي، ماذا فعل الزمالك مع زيزو قبل لقاء القمة؟    القبض على عاطلين متهمين بهتك عرض زميلهم بشبين القناطر    إدريس يشيد بالبداية المبهرة.. ثلاث ميداليات للبعثة المصرية فى أول أيام دورة الألعاب الإفريقية للمدارس    إسرائيل تفرض رقابة عسكرية مُشددة على المُراسلين الأجانب الراغبين في دخول غزة    مقتل 4 على الأقل إثر خروج قطار يحمل نحو 100 راكب عن مساره جنوب ألمانيا    عبد الكريم مصطفى ينتظم في تدريبات الإسماعيلي بعد تعافيه من الإصابة    أحمد نبيل: تعليم الأطفال فن البانتومايم غيّر نظرتهم للتعبير عن المشاعر    وزير السياحة: ترخيص 56 وحدة فندقية جديدة و60 طلبًا قيد الدراسة    متخليش الصيف ينسيك.. فواكه ممنوعة لمرضى السكر    معاناة حارس وادي دجلة محمد بونجا.. أعراض وأسباب الإصابة ب الغيبوبة الكبدية    أم وابنها يهزمان الزمن ويصنعان معجزة فى الثانوية العامة.. الأم تحصل على 89% والابن 86%.. محمد: ليست فقط أمى بل زميلتي بالدراسة.. والأم: التعليم لا يعرف عمرا وحلمنا ندرس صيدلة.. ونائب محافظ سوهاج يكرمهما.. فيديو    المعهد القومي للكبد: مصر حققت إنجازًا عالميًا في القضاء على فيروس "سي"    أخبار × 24 ساعة.. توقعات بارتفاع الحد الأدنى لتنسيق كليات علمى من 1 ل2%    الفندرى: الصفاقسى أتم تعاقده مع على معلول 3 مواسم.. ونرحب بعودة المثلوثى    الباذنجان مهم لمرضى السكر والكوليسترول ويحمي من الزهايمر    بعد توقف 11 عاما.. رئيس حقوق الإنسان بالنواب يُشارك في تشغيل مستشفي دار السلام    رغم ارتفاع درجات الحرارة.. قوافل "100 يوم صحة" تواصل عملها بالوادى الجديد    رفضت عرسانًا «أزهريين» وطلبت من زوجها التعدد.. 19 معلومة عن الدكتورة سعاد صالح    في الحر الشديد.. هل تجوز الصلاة ب"الفانلة الحمالات"؟.. أمين الفتوى يوضح    بتوجيهات شيخ الأزهر.. قافلة إغاثية عاجلة من «بيت الزكاة والصدقات» في طريقها إلى غزة    هل الحر الشديد غضبًا إلهيًا؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد عز يكتب عن "الانتخابات" وهزيمة المعارضة: الحزب الوطنى تغير‏.. والواقع أيضا.. ولم نحقق كل طموحاتنا بعد
نشر في اليوم السابع يوم 23 - 12 - 2010

هذه دعوة لقراءة الكثير من تفاصيل انتخابات مجلس الشعب الأخيرة‏..‏ تفاصيل تفسر أسباب فوز الحزب الوطنى بعدد كبير من المقاعد وأيضا عوامل هزيمة المعارضة الحزبية ومرشحى جماعة الإخوان المحظورة فى عدد من الدوائر‏.
قد تكون الوتيرة السريعة للانتخابات وحدوثها على مستوى‏ 222‏ دائرة فى يوم واحد لم يمكنا الإعلام من قراءة ما هو أبعد من النتائج بمجرد إعلانها‏..‏ لكن ما حدث يستحق أن نتأمله ونفكر فيه بروية‏,‏ حتى يمكن أن نفهم الصورة الكاملة‏ ، ومن الطبيعى أن تكون أول لقطة فى الصورة هى مقارنة بين مصر فى 2010‏ ومصر فى 2050.‏
صحيح أن أى حزب يحتاج لبذل جهد تنظيمى لحفز الناخبين لدعم مرشحيه فى أى انتخابات عامة‏..‏ إلا أن هذا الجهد ليس هو الحد الفاصل بين الفوز بأغلبية أو خسارتها‏..‏ خاصة إذا كنا نتحدث عن حزب الأغلبية المشكل للحكومة‏..‏ فى هذه الحالة‏,‏ فإن جزءا مهما من أى تصويت فى أى انتخابات عامة يكون اقتراع ثقة على ما حققته أو ما لم تحققه الحكومة القائمة‏..‏ ذلك هو العامل الرئيسى المحرك لاتجاهات التصويت‏.

انتخابات مجلس الشعب الأخيرة جرت على خلفية رئيسية مفادها أن مصر‏2010‏ أفضل فى كثير من المجالات عما كانت عليه فى‏2005..‏ فى الوقت الذى كانت فيه المعارضة وبعض وسائل الإعلام التى أصبحت تقوم بدور المعارضة تشكك فى كل إنجاز يتحقق‏..‏ تحاول خلق شعور عام بأن مصر تتدهور‏,‏ لا تتطور‏..‏ كانت الحكومة تنفذ برنامجا انتخابيا رئاسيا رقميا‏,‏ ربما لأول مرة فى أى دولة عربية‏.‏
حقا لم نحقق كل طموحاتنا‏..‏ لكنها مثلت طفرة قوية فى الولاية الحالية للرئيس مبارك‏,‏ فقد تحقق فيها أعلى متوسط لمعدلات النمو فى مصر على مدار أربعة عقود‏..‏ أكبر زيادة حقيقية فى الإنفاق العام‏..‏ أكبر نسبة زيادة فى الإيرادات العامة‏..‏ زادت فيها صادراتنا غير البترولية بأكثر من الضعف‏..‏ شهدت زيادة‏7‏ أمثال فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة‏..‏ خلقنا‏4‏ ملايين فرصة عمل في‏5‏ سنوات‏..‏ متوسط الدخل السنوى للفرد زاد من‏7700‏ جنيه ل‏15500‏ جنيه‏..‏ العاملون بالحكومة مرتباتهم زادت بنسبة‏100%..1.5‏ مليون مدرس مرتباتهم زادت بنسب من‏100-200%..‏ ما يقرب من‏300‏ طبيب مقيم فى وزارة الصحة دخلهم الشهرى زاد من‏630‏ جنيها ل‏1380‏ جنيها‏..‏ العمالة الزراعية بلغ متوسط الزيادة فى أجرها فى بعض محافظات الوجه البحرى ما يقرب من‏100%..‏ العمالة بقطاع الإنشاءات ارتفع أجرها فى المتوسط بنسبة لا تقل عن‏80%..‏ بالنسبة لعمال اليومية فى هذا القطاع‏,‏ أجرهم الشهرى زاد فى المتوسط من نحو‏250‏ جنيها عام‏2005‏ إلى أكثر من‏700‏ جنيه عام‏..2010‏
عموما ارتفع مستوى معيشة الطبقة المتوسطة المصرية‏..‏ يشهد على ذلك المليون و‏600‏ ألف طالب فى المدارس الخاصة‏..‏ والعدد يتزايد بمعدل‏20%‏ فى السنة‏..‏ مليون مصرى اشتروا سيارات جديدة فى ال‏5‏ سنوات الماضية‏..(80%‏ من هذه السيارات سعرها أقل من‏75‏ ألف جنيه‏)..‏ تصاريح المبانى السكنية زادت أكثر من‏10%‏ خلال عام‏2009‏ فقط‏..‏ يعمل فى مصر الآن‏39‏ بنكا خاصا ومشتركا وأجنبيا لهم أكثر من‏3400‏ فرع بمحافظات مصر المختلفة‏..‏ توفر هذه البنوك بالتوازى مع شركات الاتصالات والكمبيوتر ومكاتب الاستشارات الهندسية وشركات البناء والتشييد الآلاف من فرص العمل لأبناء هذه الطبقة‏..‏ وفرص عمل تعنى تحسنا فى الدخل‏.‏
صاحب هذا انحياز كامل للمواطن الأقل دخلا خلال السنوات الماضية‏..‏ فنحن نصرف خمس إيراداتنا العامة لتغطية أجور‏5‏ ملايين موظف حكومى‏..‏ نصرف ثلث إيراداتنا على برامج الدعم والحماية الاجتماعية‏..‏ أصدرنا‏1.4‏ مليون بطاقة تموينية جديدة‏..‏ نصيب المواطن من الدعم زاد من‏680‏ جنيها ل‏1300‏ جنيه فى‏5‏ سنوات‏..‏ أنشأنا‏300‏ ألف وحدة سكنية للشباب‏..‏ طورنا‏169‏ مستشفى عاما ومركزيا و‏1826‏ وحدة صحية أساسية‏..‏ استثمارات تخدم بالأساس المواطن المصرى البسيط‏..‏ كل هذه البرامج يتم تمويلها بالأساس من خلال الضرائب‏..‏ ضرائب أغلبيتها يتم تحصيلها من شرائح المجتمع الأعلى دخلا‏..‏ حقا نحتاج لبذل المزيد فى هذا الإطار‏..‏ لكن هذا لا ينفى حجم ما تحقق‏.

البنية الأساسية باتت أفضل‏.. 60‏ مليار جنيه تم صرفها على مشروعات مياه الشرب خلال السنوات الخمس الماضية‏..‏ لا يمكن أن تكون قد ضاعت هباء‏..‏ لابد وأن يكون المواطن شعر بأثرها على حياته‏..‏ أضفنا‏33%‏ فى حجم الطاقة الاستيعابية لشبكات الصرف الصحي‏..‏ انتهينا من إجراء تصوير جوى أدى إلى اعتماد أحوزة عمرانية جديدة لكافة قرى الجمهورية‏..900‏ قرية وتابع تمت إنارتها فى الأربع سنوات الأخيرة‏..377‏ ألف أسرة من سكان العشوائيات تم ربطهم بشبكة الكهرباء بصورة قانونية‏.‏
كل هذه مؤشرات قد لا يستشعرها عدد من وسائل الإعلام التى تحصر تركيزها فى المناطق الحضرية أو مناطق ما حول العاصمة‏..‏ لكنها مؤشرات تصنع فارقا فى حياة الملايين من المصريين فى الريف‏..‏ بالمناسبة‏,‏ الريف المصرى يشكل الكتلة التصويتية الرئيسية فى‏72%‏ من دوائر الجمهورية‏..‏ أمانة السياسات فى الحزب‏,‏ وهى تدرس ظروف المواطن‏,‏ وتصيغ السياسات الملائمة التى تنفذها الحكومة‏,‏ كانت تعرف جيدا أن هذه المؤشرات هى التى تصنع الفارق فى حياة الفلاح الذى وجد ربما لأول مرة منذ‏30‏ عاما أن الدولة وضعت نظاما للتوسع العمرانى المنظم يسمح له ببناء مسكن له وعائلته بالقرب من زراعته‏..‏ هو نفس الفلاح الذى استشعر زيادة حقيقية فى دخله على مدار الأعوام الخمسة الماضية ربما باستثناء عام‏2009‏ كنتيجة لسياسة الحكومة الخاصة بأسعار توريد المحاصيل الزراعية‏..‏ هذه المؤشرات صنعت الفارق فى حياة المواطن الذى لاحظ تحسنا ملحوظا فى خدمة مياه الشرب والصرف الصحي‏..‏ فى حياة مئات الآلاف من العاملين فى المحليات الذين رأوا تصحيحا ثوريا فى هيكل الأجور لصالحهم‏..(‏ فى مايو‏2008,‏ تم رفع الحد الأدنى لحافز الإثابة لحوالي‏3‏ ملايين موظف بالإدارة المحلية من‏25%‏ إلي‏75%,‏ بالإضافة إلى ال‏30%‏ التى حصل عليها جميع العاملين فى الدولة فى هذا العام‏)..‏ قلل ذلك من خلل كان موجودا على مدار سنوات لا يمنح موظفى الإدارة المحلية نفس رواتب العاملين بالوزارات المركزية ممن على نفس الدرجة الوظيفية‏.‏
انتخابيا‏,‏ تلك كتل تصويتية كبيرة وضخمة‏..‏ بعض منها اتجه للتصويت العقابى ضد الحزب فى انتخابات‏2005‏.. فى انتخابات‏2010‏ تحسن أحوالها عكس هذه الظاهرة‏..‏ صحيح أنه لا يزال أمامنا الكثير لتحقيق طموح أى مواطن مصرى‏..‏ لا نقول إنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان‏..‏ لا ندعى أن ما حدث من تحسن إيجابى هو كاف‏..‏ لكن التحسن فى أى مجتمع يتم قياسه بصورة نسبية‏..‏ ما حدث لا يمكن إنكاره‏..‏ ما حدث كان حتما سينعكس على صندوق الانتخاب‏..‏ شكل هذا الأساس العملى لاختلاف نتائج انتخابات‏2010‏ عن انتخابات‏..2005‏ خاصة أنه فى المقابل‏,‏ كل القوى الأخرى كانت تسعى إلى تيئيس الناس‏..‏ تحاول أن توهمهم بأن كل ما يطرأ على حياتهم من تغيير غير حقيقى‏.‏
أضف إلى ذلك أن الحزب الوطنى في‏2010‏ لم يكن هو نفس الحزب فى2005‏ إعدادنا كحزب لانتخابات‏2010‏ تم منذ عام‏2005‏ أدخلنا الكثير من التغييرات والمبادرات التى أعلت من قيمة العضو‏..‏ عززت من مبدأ الالتزام الحزبى للعضو العامل‏..‏ للنائب البرلمانى‏..‏ ولعضو المجلس المحلى عن الحزب‏..‏ بداية من إجراء انتخابات داخلية لشغل عضوية لجان الحزب على مستوى جميع تشكيلاته التنظيمية‏..‏ انتخابات تجربتها الأولى كانت في‏2007‏ ثم كررنا نفس التجربة فى‏2009 (عدد المقاعد التى كان يتم التنافس عليها كانت فى المتوسط‏140‏ ألف مقعد على مستوى الجمهورية‏)..‏ خلال هذه الأعوام أيضا دربنا كوادرنا 3‏ مرات فيما كان يعرف ب منتديات الوطنى للأعضاء التنظيميين‏..‏ المحتوى التدريبى تضمن موضوعات تنظيمية فضلا عن عدد من القضايا العامة وسياسات الحكومة للتعامل معها‏..‏ تجربة من التدريب السياسى أعتقد أنها فريدة سواء من حيث المحتوى التدريبى‏,‏ أو ضخامة عدد القيادات المشاركة فيها (أكثر من‏5‏ آلاف متدرب فى المرة الواحدة‏).

بدأ بعد ذلك الاستعداد المباشر لانتخابات‏..2010‏ نقطة الإنطلاق كانت اختيار‏3‏ مسارات للترشيح‏..‏ المجمعات الانتخابية‏,‏ والانتخابات الداخلية‏,‏ واستطلاعات الرأى‏..‏ الجمع بين المسارات الثلاثة معناه عملا أننا استطلعنا آراء أكثر من‏2‏ مليون مصرى على مدار‏5‏ أشهر قبل الدفع بأى من مرشحينا‏..‏ أعددنا خطة للتحرك الحزبى بتكليفات ومهام محددة لأعضائنا التنظيميين‏..‏ تقوم على تكوين حلقات اتصال مع الناخبين تتفرع لدوائر أوسع لضمان تغطية ما يقرب من‏5‏ ملايين ناخب على مستوى الجمهورية‏..‏ شكلنا ودربنا لجان استقبال ناخبين لتوجيه ناخبينا أمام كل مقر انتخابى‏..‏ يوم الانتخابات أدرنا منظومة تضمنت غرفة عمليات مركزية فى مقر الأمانة العامة بقوة‏260‏ مسئول اتصال وأخرى فى مقر الحزب بكل محافظة‏..‏ النتيجة كانت أننا كنا على اتصال دائم كل ساعة بكافة المقار الانتخابية التى يزيد عددها عن‏10‏ آلاف‏..‏ كنا نقوم بمتوسط‏8218‏ اتصالا فى موجة الاتصال الواحدة‏..‏ منظومة مكنتنا من الرصد والمتابعة بصورة نادرا ما تتوفر لأى حزب سياسى آخر فى مصر‏.‏ كل هذه التطورات الجذرية أنشأت حزبا أكثر كفاءة فى العمل‏..‏ أكثر قدرة على حفز ناخبيه‏..‏ أكثر استعدادا للحفاظ على أغلبيته فى انتخابات‏.2010‏
والسؤال التلقائى هنا‏:‏ ماذا حدث على الجانب الآخر؟‏!‏
الإجابة ببساطة هى أن الجماعة المحظورة في‏2010‏ أضعف من‏.2005‏
صحيح شهدت انتخابات‏2005‏ أكبر تمثيل برلمانى لجماعة الإخوان المحظورة فى تاريخها‏..‏ عاملان رئيسيان ساهما فى حصول مرشحى الجماعة فى هذه الانتخابات على هذا العدد الكبير من الأصوات‏..‏ أصوات تعرف حتى قيادات الجماعة نفسها أنها أكبر بكثير من قوتها التصويتية الحقيقية‏.‏
العامل الأول تمثل فى استخدام الشعارات الدينية على نطاق غير مسبوق‏..‏ شعارات مدعومة فى نفس الوقت بعدد كبير من مرشحى الجماعة فى الدوائر‏..‏ المجتمع المصرى مجتمع متدين بطبعه‏..‏ احترامه وتقديره الشديدان للدين يدفعه لاحترام وتقدير أى شخص يتحدث باسم الدين‏..‏ النتيجة كانت حالة تشبه الانبهار بمرشحى الجماعة في‏2005‏ وبشعاراتهم الدينية القوية فى اللفظ والتعبير وبالتالى التأثير‏..‏ شعارات ولدت لدى المواطن فى عدد من الدوائر شعورا خاطئا بأنه أمام تيار جديد من السياسيين ربما لم يعهده من قبل‏..‏ انعكس هذا الشعور على صندوق الانتخابات فى هذه الدوائر بصورة ضخمة من الكتلة التصويتية الرئيسية للجماعة‏.‏
العامل الثانى كان حسن استغلال مرشحى الجماعة لطبيعة النظام الانتخابى المصري‏..‏ قد يكون الاسم المتعارف عليه لدى المواطن العادى وبعض وسائل الإعلام للنظام الانتخابى المطبق فى مصر أنه نظام فردي‏..‏ الواقع أن النظام الانتخابى المصرى ليس نظاما فرديا بصورة كلية‏..‏ فعلى عكس أى نظام فردى بحت‏,‏ فى إطار النظام الانتخابى المصرى ينجح عن الدائرة الانتخابية الواحدة مرشحان اثنان‏..‏ قانونا‏,‏ بطاقة الاقتراع تصبح باطلة لو لم يتم فيها اختيار مرشحين اثنين‏..‏ النتيجة المباشرة هى ضرورة نشأة تحالفات بين أزواج من المرشحين فى كل دائرة‏..‏ تحالف بموجبه يحصل كل مرشح على أصوات مؤيدى المرشح الآخر وبالعكس‏..‏ غالبا ما تكون هذه التحالفات بين أحد مرشحى الفئات من جهة وأحد مرشحى العمال‏/‏الفلاحين من جهة أخري‏..‏ تلك التحالفات تسمح لكل مرشح طرف فيها الحصول على تأييد مركز ثقل المرشح الآخر الذى ما كان له أن يحصل عليه لولا هذا التحالف‏..‏ واقعنا الانتخابى هو صعوبة فوز مرشح بأى من مقعدى الدائرة دون حليف من المرشحين على المقعد الآخر‏..‏ التعبير المتعارف عليه فى الريف المصري‏:‏ مين حيرمى على مين‏(‏ هذا الواقع قد يدفع المجتمع إلى إدخال تعديلات على هذا النظام ليصبح فرديا بصورة كلية‏).‏
مرشحو الجماعة أحسنوا استغلال هذه الصفة الهيكلية للنظام الانتخابى المصرى في‏..2005‏ أبرم مرشحوهم تحالفات على مستوى كل دائرة إنتخابية سمحت لهم بالحصول على أصوات مؤيدى مرشح آخر فى ذات الدائرة‏..‏ حدث هذا فى نفس الوقت الذى فتت فيه الحزب الوطنى آنذاك كتلته التصويتية فى الدائرة الواحدة بعد أن أصر على دعم مرشح واحد من أبنائه مما أغضب أعضاءه الآخرين الذى رغبوا فى الترشيح‏..‏ دفع هذا هؤلاء إلى خوض الانتخابات كمستقلين والتحالف مع مرشحى الإخوان عتابا منهم للحزب‏..‏ وفر هذا السياق أرضية خصبة لمرشحى الجماعة لتحقيق التكتيك الانتخابى القائم على تعظيم كتلة المؤيدين من خلال التحالفات‏.‏الوضع في‏2010‏ اختلف كثيرا‏..‏ الاختلاف كان من شأنه ألا يتكرر حدوث هذين العاملين‏..‏ أو على الأقل بنفس الأثر الذى كانا عليه فى انتخابات‏2005.‏
نظرة الناخب المصرى نفسه لنواب ومرشحى الجماعة اختلفت‏..‏ فى عدد كبير من الدوائر بات الناخب المصرى ينظر إلى نائب الجماعة على أنه سياسى يخوض عملية انتخابية‏,‏ كأى نائب أو مرشح آخر‏..‏ تلاشت إلى حد كبير صورة مرشح الجماعة على أنه رجل دين‏..‏ هذه نتيجة ساهمت تصرفات الجماعة فيها أكثر من أى شىء قلناه أو فعلناه‏..‏ بداية من حادثة العرض العسكرى لميليشيات الجماعة فى حرم جامعة الأزهر‏..‏ مرورا بتصريحات مرشد الجماعة السابق التى قال فيها حرفا طظ فى مصر‏..‏ وأنه لا يمانع فى أن يحكم مصر مواطن ماليزى أو نيجيرى مادام مسلما‏.‏
أضف إلى ذلك أداء نواب الجماعة تحت القبة الذى كان عبارة عن اعتراضات لا نهائية وغير منطقية‏..‏ مماطلة لا معارضة‏..‏ أداء امتزجت فيه المعارضة بالتعريض‏..‏ أصبح فيه الهجوم شخصى أكثر منه موضوعي‏..‏ امتزجت فيه المعارضة بالامتعاض‏..‏ الأولى تعكس قدر من التفتح فى حين أن الثانية تعكس نفورا سياسيا وفكريا‏..‏ النتيجة كانت أن الكتلة البرلمانية للجماعة لم تكن كتلة معارضة قد تشاركك الطريق نحو نفس الهدف ولكن برؤى مختلفة‏..‏ لكن كتلة معطلة بحيث تقطع أى طريق لأى هدف‏..‏ المشهد الختامى كان صورة امتزج فيها رفع الحذاء باعتراض ورفض عنيفين عندما اقترح نائبنا محمد أبو المجد نصار الإشارة إلى اسم الشهيد المصرى على حدودنا مع غزة أحمد شعبان فى بيان للمجلس‏..‏ هذا الشهيد الذى أريق دمه برصاص من كنا نحسبهم أصدقاء‏..‏ لكن الأهم عند نواب الجماعة من دم هذا الشهيد‏,‏ كان عدم المساس بحركة حماس‏.‏
ملخص أداء نواب الجماعة تحت القبة طوال الخمس سنوات السابقة كان الإصرار على رفض كل مشروع قانون‏..‏ بل كل مادة‏(‏ وكل فقرة فى كل مادة‏)‏ فى كل مشروع قانون دون أى مبررات منطقية‏..‏ نواب الحزب الوطنى وحكومته شرعوا قوانين لحفز الاقتصاد المصري‏..‏ هم لم يوافق منهم أحد‏..‏ شرعنا قوانين لزيادة الأجور ورفع أسعار الطاقة على الصناعات الثقيلة‏..‏ هم لم يوافق منهم أحد‏..‏ جرمنا ختان الإناث‏,‏ شرعنا للسماح بنقل الأعضاء لإنقاذ مرضانا‏..‏ هم أيضا لم يوافق منهم أحد‏..‏ نوابنا ناقشوا‏,‏ وعدلوا‏,‏ ثم وافقوا على قانون يسمح بمشاركة القطاع الخاص فى مشروعات البنية الأساسية لكى تتخطى بلدنا سقف إنفاق الموازنة‏..‏ هم لم يوافق منهم أحد‏..‏ نحن من شرع لقانون الضرائب العقارية‏..‏ الذى يؤسس لعدالة اجتماعية تفرض سعر ضريبة أعلى على العقارات الأكثر قيمة‏..‏ هم لم يوافق منهم أحد‏..‏ بل برروا رفضهم بأنهم يريدون إعفاء المسكن الخاص بالرغم من أن‏95%‏ من المساكن الخاصة معفاة عملا طبقا للقانون‏..‏ المنازل الوحيدة التى يفرض القانون ضريبة عليها هى منازل المواطنين الأعلى دخلا‏..‏ وكأن نواب الجماعة أصبحوا نوابا عن هؤلاء بالأساس‏.‏
فى الحلقة الثانية..
أسرار عملية إسقاط مرشحى المحظورة وأخطاء حزب الوفد..
وضعنا البلتاجى فى كماشة شبرا الخيمة‏..‏ الكتاتنى كان يواجه حصارا ثلاثيا فى المنيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.