لا أدرى لماذا سيطرت على ذهنى طوال الأسابيع الماضية أفكار غير مترابطة، لرواية قرأتها منذ ما يزيد عن 20 عاما للكاتب المبدع فتحى أبو الفضل.. الرواية كان عنوانها "فى قاع الكأس بقية"، لم أستطع الفكاك من أسر العنوان، كلما تابعت مجريات العملية الانتخابية.. الدائرة رحاها بقسوة، منذ 40 يوما تقريبا.. واليوم أغلقنا الصفحة الأخيرة بغلق صناديق الاقتراع منذ ساعات.. ليعود أغلب الناخبين أدراجهم، كأن شيئا لم يكن.. هذه المرة لم يغلبنى السؤال الذى داهمنى، فى لحظة مشابهة عام 2005.. هل فاتنى الكثير لأنى لا أملك بطاقة انتخاب؟.. بعد انتهاء الانتخابات وإعلان النتائج ومتابعة تفاصيلها فى مراحلها الثلاثة.. أدركت أنه لم يفتنى شىء البتة بعدم حصولى على تلك البطاقة.. هذه المرة كنت مدركة منذ البداية، أنه لا بأس أيضا هذه المرة من عدم الحصول على تلك البطاقة.. وأن مرحلة الفوضى الانتخابية التى نعيشها منذ فترة طويلة.. مازال فى قاع كأسها بقية!! بين غلق صناديق الاقتراع، وإعلان النتائج ساعات أيضا.. تتحدد على أساسها الكثير من الأشياء المهمة.. أهمها على الإطلاق، ما سيدخل فى يقين عشرات الآلاف من الشباب فى هذا الوطن.. ممن تم تسجيلهم فى الكشوف الانتخابية تلقائياً بعد انتخابات 2005.. هؤلاء الشباب الذين آمنوا بضرورة التغيير.. التغيير فى أضعف صوره.. التغيير بالمشاركة فى الانتخابات البرلمانية الحالية.. تفاعلوا مع الحدث وتابعوه فى الشارع.. استمعوا لبرامج المرشحين وتناقشوا حولها.. حددوا مرشحهم والتفوا حوله.. بذلوا من طاقتهم وجهدهم مدفوعين بذلك الإيمان الخفى الذى يملكه الشباب.. الإيمان الطاغى بفكرة بعينها.. دونما السماح للشك بالتسلل داخل نفوسهم.. وشهدوا - ربما للمرة الأولى فى حياتهم - فعاليات يوم انتخابى طويل.. صارعوا فيه لأجل مستقبلهم الأفكار القديمة.. والأساليب القديمة فى إدارة يوم الانتخاب.. استماتوا ليحافظوا على ما اعتقدوا أنهم بذلوا فيه الجهد طوال الأسابيع الماضية.. حتى أغلقت الصناديق ورفعت الأحبار وانتهى كل شىء. فى تلك الساعات التى تفصل غلق الصناديق عن إعلان النتائج، أتصور ما يعتمل فى نفوس أولئك الشباب المملوء بالأمل فى المستقبل.. والأمل فى ذاته وفى وطنه.. وأتصور صدمتهم وهم يتلقون نتائج لم تكن فى حسبانهم.. فقد أنفقوا وقتاً طويلاً مغموساً بعرق كثير لحساب مقدمات بعينها وفق رؤيتهم.. آملين أن تصل بهم لنتائج ترضى رغبتهم فى التغيير وإيمانهم به.. وبقدر ما أتصور إحباطهم عند إعلان النتائج.. بقدر تفاؤلى الشديد مما حدث فى الانتخابات التى تجرى الآن.. فما بذله الشباب من جهد لصياغة رموز برلمان 2010.. وبغض النظر عن توافق نتائجه مع جهدهم أو رغبتهم.. سيكون هو الوقود الذى سيحركهم فى انتخابات 2015.. وما تسبب فى صدمتهم الآن، ودفعهم للاعتقاد فى سذاجة أدائهم وقصور فهمهم.. هو ما سيبنى عليه تحركهم فى انتخابات 2015، مضافاً إليه من ستسجل أسماؤهم تلقائياً فى كشوف الناخبين بعد 5 سنوات. متفائلة لأن أعداد الشباب الفاعلين فى الانتخابات الحالية ليست بقليلة أبداً.. تلك الأعداد ستتضاعف بعد 5 سنوات.. لذا فلست محبطة أو مصدومة أو نادمة على أننى لم أحصل على بطاقة انتخابية.. فأنا متأكدة أننى سوف أسعى لها فى برلمان 2015.. من يعرف!!