محافظ الدقهلية:توريد 263 ألف طن قمح محلي بمراكز التوريد والتخزين منذ بداية موسم الحصاد    قبل اجتماع لدعم الاعتراف بفلسطين.. إسرائيل تمنع وزراء عرب من دخول رام الله    باسم مرسي: لاعبو الزمالك قادرين على مصالحة الجماهير بالفوز بكأس مصر    إنريكي: الدافع الأكبر لدي هو كتابة التاريخ مع باريس.. وديمبلي عقل الفريق    ريهام عبدالغفور تهنئ أمينة خليل بحفل زفافها: "بحبك وفرحتلك جدًا"    موعد أذان فجر السبت 4 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    هل هناك طريقة لكشف عسل النحل المغشوش؟.. رئيسة بحوث النحل تُجيب    ولادة متعسرة لمصابة بالإيدز.. ماذا حدث في مستشفى قنا العام؟    أسعار طبق البيض اليوم السبت 31-5-2025 في قنا    وزير الدفاع الإسرائيلي: لن تكون هناك حصانة لأي جهة    خلاف بين ترامب وماسك حول الضرائب أدى لمغادرة الأخير هيئة الكفاءة    عبد العاطي: نتنياهو يماطل لتمديد الحرب ورفض وقف إطلاق النار في غزة    عاجل|أردوغان يجدد التزام تركيا بالسلام: جهود متواصلة لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    روسيا تحبط هجومًا إرهابيًا في موسكو وتتهم أوكرانيا بالضلوع في التخطيط    سعر الموز والخوخ والفاكهة بالأسواق اليوم السبت 31 مايو 2025    كم سجل عيار 21 بعد آخر تراجع في سعر الذهب؟.. «تحديث مباشر»    جراديشار يتحدث عن مدرب الأهلي الجديد.. ومنافسته مع وسام أبو علي    ديروط يتحدى السكة الحديد لحسم البقاء في دوري المحترفين    كهربا: إمام عاشور من نوعيتي.. وكنت أثق في نجاحه مع الأهلي    بعد أنباء الرحيل.. إمام عاشور يوجه رسالة ل علي معلول    عمرو أديب يكشف عن رسالة بعثها له أحمد شوبير بعد فوز الأهلي بالدوري    أجواء معتدلة والعظمى في القاهرة 33.. حالة الطقس اليوم    رابط بوابة التعليم الأساسي للحصول على نتائج صفوف النقل الترم الثاني 2025    إصابة شخص بطلق ناري فى مشاجرة بين أبناء عمومة بسوهاج    اليوم.. انطلاق امتحانات الشهادة الإعدادية بالقاهرة والجيزة وسط إجراءات أمنية مشددة    مصطفى بكرى: آلاف الأسر تضررت من قانون 73 الخاص بتحليل المخدرات للموظفين    محافظ القليوبية يتابع حجاج القليوبية بالأراضي المقدسة ويوجه بتقديم كافة سبل الرعاية    بسبب انفجار أسطوانة غاز.. نفوق 5 آلاف كتكوت في حريق مزرعة دواجن بالفيوم    سعر السكر والأرز والسلع الأساسية بالأسواق اليوم السبت 31 مايو 2025    «كما تدين تدان».. توقعات برج الحمل اليوم 31 مايو    جدال عائلي حول مسارك المهني.. برج الجدي اليوم 31 مايو    الاعتراف بالخطأ لن يقلل من قيمتك.. حظ برج القوس اليوم 31 مايو    بهاء حسنى يرد على جمعية المؤلفين والملحنين: أدعو وزارة الثقافة لحماية الإبداع    أسعار الفاكهة اليوم السبت 31-5-2025 في قنا    «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام».. فضل العشر الأوائل من ذي الحجة    أفضل الدعاء في العشر الأوائل من ذي الحجة 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 31-5-2025 في محافظة قنا    لا تضيع فضلها.. أهم 7 أعمال خلال العشرة الأوائل من ذي الحجة    مصدر بالبترول ل«الشروق»: زيادة أسعار الغاز المنزلي لجميع الشرائح بدءا من فاتورة يونيو    5 فلاتر يجب تغييرها دوريًا للحفاظ على أداء سيارتك    «المصري اليوم» تكشف القصة الكاملة للأزمة: زيادة الصادرات وراء محاولات التأثير على صناعة عسل النحل    مجدي نزيه يكشف أقصى مدة ممكنة لتخزين لحمة العيد    «أصيبت به نوال الدجوي».. ما هو مرض «الدمنشيا» وهل يختلف عن الزهايمر؟    فيورنتينا الإيطالي يجدد رسميا عقد دي خيا حتى 2028    شريف عبد الفضيل يحكى قصة فيلا الرحاب وانتقاله من الإسماعيلي للأهلى    تكريم شيري عادل في ختام مهرجان الفيلم للسينما الفرانكوفونية.. صور    بدء تصوير "دافنينه سوا" ل محمد ممدوح وطه الدسوقي في هذا الموعد    حسام الحاج: ميكالى يرحب بتدريب الزمالك ومزيزى يقترب من الأبيض    عمرو أديب: مصر تقف مع أبناء غزة على قلب رجل واحد    مشرف بعثة الحج السياحي: إلغاء ترخيص الشركات السياحية المخالفة للضوابط المنظمة    وزير التعليم يبحث مع «جوجل» تعزيز دمج التكنولوجيا في تطوير المنظومة التعليمية    تطرق أبواب السياسة بثقة :عصر ذهبى لتمكين المرأة فى مصر.. والدولة تفتح أبواب القيادة أمام النساء    وفد من مسئولي برامج الحماية الاجتماعية يتفقد المشروعات المنفذة بحياة كريمة في الدقهلية    الأحد.. مجلس الشيوخ يناقش الأثر التشريعي لقانون التأمين الصحي والضريبة على العقارات المبنية    «أوقاف الدقهلية» تفتتح مسجدين وتنظم مقارئ ولقاءات دعوية للنشء    الأعلى للجامعات: فتح باب القبول بالدراسات العليا لضباط القوات المسلحة    ليلة في حب وردة وبليغ حمدي.. «الأوبرا» تحتفي بروائع زمن الفن الجميل    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل مريض التوحد يمكن أن يتحول إلى عبقرى؟
نشر في اليوم السابع يوم 28 - 11 - 2010

تسأل إحدى الأمهات: هل ممكن لطفلى المصاب بالتوحد أن يصبح عبقريًا فى مجال الرسم مثلا ولا يصيبه هذا المرض بالعجز، وخاصة أننى أرى الكثير من ذوى الإعاقة الذهنية يحققون بطولات فى ألعاب كثيرة وما تفسير هذه الظاهرة وهل ممكن للعقل أن يبرع فى شىء ما رغم وجود قصور فى الجانب الآخر؟
يجيب الدكتور عبد الهادى مصباح، أستاذ المناعة عضو الأكاديمية الأمريكية للمناعة، قائلا: بداخل كل منا براعم للإبداع والعبقرية فى كل من مجالات الرسم والموسيقى والرياضيات، والقدرة على إنماء هذه البراعم وإظهارها تعتمد على إيقاف جزء من المخ وهو الجانب الأيسر المسئول عن المنطق، والذى يكبح بدوره الجانب الأيمن، المسئول عن الفن والإبداع والموسيقى والرياضيات، ولعل من دلائل العدل الإلهى أن الخالق عز وجل عندما ينتقص من الإنسان جزءًا من نعمه التى وهبها لكل البشر، فإنه يمده بجزء آخر ليس موجوداً عند كل البشر، ولكن المهم أن ندرك ما هو هذا الجزء الذى يكمن فيه النبوغ والعبقرية ونركز عليه ونبرزه.
ولقد توصل العالم " آلان شيندر " إلى هذا الاستنتاج من خلال بحث نشر أخيراً فى مجلة Proceedings Of The Royal Society، وقد استشهد د. " شنيندر" ببعض الأمثلة لعبقريات مختلفة فى مجالات الرسم والموسيقى والرياضيات فى أشخاص بعضهم مصابون بداء التوحد، والبعض الآخر أصيب فى حادث أفقده النطق وأثر على مخه، وعلى عدد آخر من ذوى الإعاقة الذهنية نتيجة لسبب أو لآخر.
ومن ضمن الأمثلة التى ساقها "د.شنيندر" مثال " نادية "، وهى طفلة مصابة بداء التوحد Autism، وهذه الطفلة لا تستطيع الكلام، إلا أن الخالق عز وجل حباها موهبة لا تضاهى فى الرسم، حيث تستطيع أن ترسم التفاصيل الكاملة للوحة ليوناردو دافينشى أو بيكاسو، بشكل لا يستطيع معه الخبراء التفرقة بين الأصل والصورة إلا بصعوبة بالغة، وعندما ترسم حصانًا مثلاً من الذاكرة، تجيد رسم التعبيرات الحية والألوان فى الصورة حتى تكاد تظن أنها تنطق، والغريب أنها يمكن أن ترسم ذلك من الذاكرة، ودون تدريب سابق، والحقيقة أن نادية كانت تعانى من تخلف فى المخ جعلها لا تستطيع أن تتكلم، ولا حتى أن تتعرف على أمها أو تفرق بينها وبين الممرضة التى تعتنى بها، ومع ذلك فهى تبدع وتتألق فى رسمها بشكل تلقائى يثير الدهشة.
أما المثال الثانى فهو " لتوم" الذى أصيب بتخلف عقلى ولا يستطيع التعامل مع الآخرين أو فهمهم، إلا أن الخالق عز وجل قد وهبه موهبة فذة وهو لا يزال فى الرابعة من عمره، فهو يستطيع عزف "سوناتا" البيانو لموتسارت بمجرد سماعها، دون الحاجة إلى نوتة موسيقية، ويمكن أن يعيد سرد محادثة سمعها تدور بين اثنين، كل بنفس نغمة صوته، وبنفس الكلمات والحروف التى ترددت، وبنفس ترتيبها وكأنه آلة تسجيل، بل إنه يمكنه أن ينتحل شخصية أى شخص من الجالسين معه، ويقلدهم بنفس الأسلوب ونغمة الصوت والكلمات، وبنفس ترتيبها.
ولعل الشخصية التى مثلها الممثل القدير "داستين هوفمان" فى فيلم "رجل المطر" Rain Man، والذى يدعى "جوزيف" الذى كان يعانى فيه من داء التوحد، ويظهر من خلالها متخلفًا عقليًا، إلا أنه يملك قدرة فائقة مذهلة تجاه الأرقام، حيث يمكنه أن يجيب بدقة وفى ثوان معدودة عن حاصل ضرب تسعة أرقام فى تسعة أرقام أخرى مختلفة.
كل هذه الأمثلة كانت محوراً للبحث الذى أجراه " آلان شنيدر" ليتعرف على أسباب هذه الظاهرة علمياً، ويحللها حتى يستطيع أن يحاكيها لكى ينتج جيلاً من العباقرة والمبدعين فى هذه المجلات، وكانت أولى هذه الحقائق التى توصل إليها " شنيدر " أن هناك عمليات أولية للتجهيز تحدث داخل المخ دون أن نشعر بها، قبل أن تقفز الفكرة أو الموضوع إلى أذهاننا كمنتج نهائى قابل للفهم أو للعرض، وعندما تصبح الفكرة أو الموضوع مكتملاً، فإننا لا نعى أو نتذكر بصفة عامة المقدمات التى أدت إلى تبلور هذه الفكرة فى مخنا كمنتج نهائى، أى أننا لا ندرك المواد الخام التى صنعت منها الفكرة.
وعلى سبيل المثال عندما ترى شيئاً أو شخصاً معيناً، أو تذهب إلى مكان معين، وتشعر بالألفة والارتياح تجاهه، لا بد أن هناك أسبابا وراء هذه النتيجة، التى تشعر بها بداخلك، ولكنك لا تدرك هذه الأسباب، ولا تستطيع تحليلها أو الوصول إليها، وإذا افترضنا أن هناك عاهة أو خللاً معينًا انتاب الجزء من المخ المسئول عن بلورة الفكرة أو الموضوع فى شكلها النهائى، فإن الموضوع سيظل مطروحاً من خلال العقل الباطن أو اللاوعى بكل مقدماته ومقوماته، التى يمكن أن تؤدى إلى النتيجة التى لن يستطيع المتخلف الوصول إليها.
لذا فإن التخلف العقلى، الذى يصيب هذه المنطقة، يطلق العنان للشخص المتخلف، لكى ينهل من الثروات والخبرات المختزنة فى اللاوعى أو فى العقل الباطن، مما يعطيه قدرات خاصة فى المجالات التى تحتاج هذا المخزون، مثل الرسم والموسيقى والرياضيات، فهؤلاء الأشخاص يرون التفاصيل الدقيقة للأشياء، إلا أنهم لا يتمكنون من رؤية الصورة الكاملة للموضوع ودلالتها، وذلك على عكس الأناس العاديين أو الطبيعيين، الذين يرون الصورة الكاملة، دون الالتفات إلى التفاصيل بداخلها.
وهذا بالتحديد ما حدث مع الطفلة "نادية"، ذات الموهبة الفذة فى مجال الرسم، فهى تفتقر إلى المرحلة الأخيرة فى مخها التى تمكنها من رؤية ومعرفة الصورة ككل، ولكنها تعى جيداً كل خط، وكل لون، وكل ملمس، وكل بروز داخل الصورة، مما يجعلها ترسمها بشكل، وكأنها الرسام الأصلى لها، دون أن تعرف أو تدرى علام تدل هذه الصورة، أو إلى ما ترمز إليه، إلا أن هذه الموهبة الفذة كانت على حساب القدرة اللغوية، والمهارات، والعلاقات الاجتماعية، والدليل على ذلك أن نادية عندما بدأت فى النضوج والتقدم فى السن، والتحقت ببرامج خاصة من أجل علاج الطفل المتوحد، وبدأت فى تعلم الكلام، والتفاعل مع الآخرين، أصبح رسمها عادياً، وليس بالعبقرية التى كانت عليها عندما كانت فى الرابعة من عمرها، ولم تكن تستطيع الكلام.
ومن الغريب أن البحث استنتج أن هذه الموهبة يمكن أن تظهر فى مرحلة متأخرة عندما يصاب الإنسان فى مخه بإصابة معينة، مثلما حدث مع الصبى الذى يدعى
"سيريل"، الذى أصيب فى رأسه بكرة البيسبول وعمره عشر سنوات فى ولاية
"أورلاندو" الأمريكية، وبعد الإصابة التى سببت له عاهة مستديمة فى المخ، أظهر هذا الصبى نبوغاً وعبقرية بشكل فذ فى مجالات الرياضيات والحساب والموسيقى، فعلى سبيل المثال إذا سألته عن يوم 23 أكتوبر عام 1992، يجيبك على الفور: لقد كان يوم سبت ممطر ما بين الساعة كذا والساعة كذا، وكانت الشمس تشرق فيه الساعة كذا، وتغرب الساعة كذا، وكان يملك من الأذن والموهبة الموسيقية ما يمكن أن يجعله يخرج النغمة النشاز من أى آلة فى أوركسترا مكون من مائة عازف أو أكثر، كما يمكنه أن يسمع لحنين مختلفين فى نفس الوقت، ويحدد النغمة النشاز فى أى منهما أو فى صوت المغنى.
وهناك صبى آخر كان عمره تسع سنوات أصيب بحمى شوكية أثرت على مخه، وأصبح بعدها من عباقرة الموسيقى الذين يشار إليهم بالبنان.
ولعل من أحدث الأبحاث التى يجدر الإشارة إليها هو ذلك البحث الذى توصل فيه
د."بروس ميللر"، أستاذ الأعصاب بجامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو، إلى أن هناك نوعاً من ضعف الذاكرة Dementia، يحفز الطاقات الفنية للإنسان المسن، الذى كان لا يظهر أى موهبة أو عبقرية فى الرسم أو الموسيقى من قبل، إلا أن هذا النبوغ والعبقرية تبدأ فى الظهور على حساب القدرة اللغوية، والمهارات والقدرات الاجتماعية، والشىء الذى خرج به الباحث ومن قبله عدد من الباحثين، أن هناك وسائل مختلفة لإظهار هذا النبوغ والعبقرية، دون الفقد الدائم للقدرة اللغوية والعلاقات الاجتماعية.
وهكذا نرى أنه كما أن لكل شىء فى الحياة جانبه السلبى، وجانبه الآخر الإيجابى، فإن الخالق، عز وجل، حتى فى أحلك الظروف، ومن خلال أصعب أنواع الابتلاءات، يمد الإنسان المبتلى بمميزات وخصائص، تعوضه عما انتقص منه، ولكن المهم أن نحاول دائما أن نبحث عن الجزء المضىء من الصورة، لا أن نركز فقط على الجزء المظلم، ونعيش فيه، فهو دائمًا الله الحكم العدل " فتبارك الله أحسن الخالقين".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.