وزير الخارجية يشارك في الاختبار الشفوي للمتقدمين لمسابقة التعيين بوزارة الخارجية    «طفولة آمنة».. مجمع إعلام الفيوم ينظم لقاء توعوي لمناهضة التحرش ضد الأطفال    نقابة المهن التمثيلية تنعى والدة الفنان هاني رمزي    محافظ المنيا يستعرض إنجازات ملف التقنين واسترداد أراضي الدولة    محافظ كفر الشيخ: توزيع 2 طن لحوم صكوك الأضاحى للأسر الأولى بالرعاية    رئيس البرلمان العربي: تصعيد المستوطنين لاقتحامات المسجد الأقصى إرهاب منظم    «سلامٌ على غزة».. أول خطاب للناطق الجديد باسم القسام بعد استشهاد أبو عبيدة    الخارجية الصينية: نعارض أي محاولة لتقسيم الأراضي الصومالية    تشكيل منتخب أنجولا لمباراة مصر في أمم أفريقيا 2025    شتيجن في أزمة قبل كأس العالم 2026    قرار جديد بشأن 24 متهمًا في قضية الهيكل الإداري بالتجمع    فجوة هائلة بين أعداد المرضى.. مسؤول يكشف تفاصيل مروعة عن أوكار علاج الإدمان    رمضان 2026| تفاصيل ظهور خالد كمال ف«حد أقصى» بطولة روجينا    هدى رمزي: كنت أتمنى أعود للفن ولكن ما يحدث جعلني أصر على موقفي    خالد عبدالغفار: تعاون مصرى تركى لدعم الاستثمارات الصحية وتوطين الصناعات الدوائية    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    مدرب تونس: لا وقت للرد على الانتقادات.. وهدفنا حسم التأهل أمام تنزانيا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وزارة العدالة الاجتماعية !?    موعد ومكان جنازة والدة الفنان هاني رمزي    مواصفات امتحان الرياضيات للشهادة الإعدادية 2026 وتوزيع الدرجات    السيمفونى بين مصر واليونان ورومانيا فى استقبال 2026 بالأوبرا    أسماء المصابين في حادث تصادم أسفر عن إصابة 8 أشخاص بالقناطر الخيرية    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الإصطناعى    تاجيل محاكمه 49 متهم ب " اللجان التخريبيه للاخوان " لحضور المتهمين من محبسهم    صعود مؤشرات البورصة بختام تعاملات الإثنين للجلسة الثانية على التوالى    آدم وطني ل في الجول: محمد عبد الله قد ينتقل إلى فرنسا أو ألمانيا قريبا    الاتحاد الدولي للسكري يعترف رسميًا بالنوع الخامس من مرض السكري    الأزهر ينتقد استضافة المنجمين والعرافين في الإعلام: مجرد سماعهم مع عدم تصديقهم إثم ومعصية لله    حصاد 2025 في قطاع التعليم بأسيوط.. مدارس جديدة وتطوير شامل للبنية التحتية وتوسعات لاستيعاب الزيادة الطلابية    مراد مكرم يطرح أغنية جديدة في 2026: التمثيل عشقي الأول والأخير    وزير الصحة يستقبل نظيره التركي بمطار القاهرة الدولي    وزارة السياحة الفلبينية: المنتدى المقبل للآسيان فرصة لمناقشة استدامة السياحة وتحقيق التعاون الإقليمي    وزير الاستثمار يفتتح فعاليات منتدى الأعمال المصري- السوداني    تايلاند وكمبوديا تتفقان على ترسيخ وقف إطلاق النار وإعادة بناء الثقة السياسية المتبادلة    "الوزير" يلتقي وزراء الاقتصاد والمالية والصناعة والزراعة والمياه والصيد البحري والتربية الحيوانية والتجارة والسياحة في جيبوتي    ذا بيست - دبي تستضيف حفل جوائز الأفضل في 2026    طاهر أبوزيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    "دورة محمد جبريل".. الثقافة تكشف تفاصيل مؤتمر أدباء مصر في العريش    عاجل- مدبولي يترأس اجتماعًا لتطوير الهيئات الاقتصادية وتعزيز أداء الإعلام الوطني    عاجل- الحكومة تعلن خطة هيكلة شاملة للهيئات الاقتصادية: تصفية 4 ودمج 7 وتحويل 9 لهيئات عامة    وزارة التضامن الاجتماعى تقر تعديل قيد جمعيتين في محافظتي القليوبية وكفر الشيخ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    محافظ قنا ينعى المستشارة سهام صبري رئيس لجنة انتخابية توفيت في حادث سير    وزير العمل يفتتح المقر الجديد للنقابة العامة للعاملين بالنقل البري    إحالة ربة منزل للمفتى قتلت زوجها وابن شقيقه بسبب خلافات فى كفر شكر    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    ارتفاع جماعي في مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة اليوم    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    نتنياهو يلتقي ترامب في الولايات المتحدة لمناقشة مستقبل الهدنة في غزة    قطرات الأنف.. كيف يؤثر الاستخدام المتكرر على التنفس الطبيعي    الجيش الصيني يجري مناورات حول تايوان لتحذير القوى الخارجية    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    بشير التابعى: توروب لا يمتلك فكرا تدريبيا واضحا    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    لا رب لهذه الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر بين تعميق القيود وتخفيف القواعد
نشر في اليوم السابع يوم 05 - 11 - 2010

تكرر الحديث عن ضرورة وجود قواعد تحكم الأداء السياسى والإعلامى فى مصر، وزاد الحديث عن تجاوزات كثيرة تشهدها الساحة الإعلامية والصحفية، بصورة تستلزم ضرورة وضع منظومة جديدة تضبط «الانفلات الإعلامى»، وتؤسس لإعلام جديد يحترم القواعد المهنية والأخلاقية.
والحقيقة أن هذا الخلط المتكرر بين القواعد والقيود تكرر فى كثير من الأحاديث والمواقف الحكومية، فوضعت الحكومة قيودا حين استلزم الأمر وضع قواعد، وغيبت الأخيرة حين كان يجب حضورها.
والحقيقة أن المشهد الإعلامى والسياسى الأخير يعكس هذا الارتباك، فهناك تجاوزات كثيرة مارسها الإعلام المصرى من الزاوية المهنية والأخلاقية، وخاصة الفضائيات، وبصورة أخص كثير من البرامج الرياضية والدينية. فما جرى أثناء مباراة مصر والجزائر فى العام الماضى وفواصل الردح والشتائم والسب والقذف التى جرت فى معظم الفضائيات ضد الشعب الجزائرى وشهدائه ( وليس المشجعين أو الإعلام) جرت تحت سمع كبار المسؤولين، وربما دعمهم، لأنها كانت بعيدة عن السياسة وخطوطها الحمراء، فغابت أو غيبت القواعد المطلوبة لصالح الفوضى والعشوائية فى الأداء.
أما حين تعلق الأمر بالأمور السياسية، فهنا تحضر الدولة بقوة، وتضع عراقيل كثيرة أمام تغطية الإعلام بكل صوره لما سيجرى فى الانتخابات التشريعية القادمة، فمنعت أجهزة البث المباشر من العمل فى مواقع الحدث دون موافقة مسبقة، كما أعلنت أن أى بث يجب أن يكون من مدينة الإنتاج الإعلامى.
كما تحول مسار صحيفة الدستور مائة وثمانين درجة، وأغلقت الصحيفة القديمة، وأقيل رئيس تحريرها، وتوقف معظم صحفييها عن العمل، وظلت السياسة مسؤولة عن هذا التحول الذى أصابها حتى لو حاول مالكوها التنصل من هذه المسؤولية.
وإذا كانت هذه القيود السياسية على الإعلام والصحافة واردة فى مجتمعات التعددية المقيدة، فإن غياب القواعد لا علاقة له دائما بديمقراطية النظام إنما «بخيبته» أو فشلة المهنى والإدارى، فهناك نظم تعددية مقيدة، عرفت قيودا فى السياسة، ولكنها نظمت إعلامها وبيئتها السياسة بصورة أفضل بكثير من مصر.
والحقيقة أن الأسئلة المهنية الكبيرة المتعلقة بالإعلام ونمط ملكيته لم نجب عليها فى مصر، فعلاقة الصحافة برأس المال، والقواعد التى يجب أن تحكم هذه العلاقة، والقيود القانونية التى مازالت تحرم الصحفيين وغيرهم من امتلاك أسهم فى الصحف. صحيح أن صيغة المالك الفرد موجودة فى كل بلاد العالم، لكن بجوارها هناك صحف كبرى مملوكة لمحرريها ولآلاف المواطنين من خلال الأسهم، وتحميها ترسانة من القوانين والقواعد المنظمة للعلاقة بين المالك ومحررى الصحيفة، فهناك صحيفة الجارديان البريطانية التى يمتلكها أفراد من خلال أسهم جانب منها أقرب لوديعة بنكية، وبعض هؤلاء المساهمين من رجال الأعمال الذين رأوا من مصلحة المجتمع البريطانى وجود صحيفة يسارية مستقلة لكى تحدث توازنا بين سطوة رأس المال والمجتمع، وهناك صحيفة «الزمان» التركية التى نمط ملكيتها عبارة عن «وقف»، وصارت منذ خمس سنوات الصحيفة الأولى فى تركيا رغم حداثتها.
والحقيقة أن تجربة الإعلام فى مصر شهدت منعطفات كثيرة، فمن عصر الصحافة الخاصة المنتعش والمتنوع قبل ثورة يوليو، مرورا بعصر تأميم الصحافة فى الستينيات وتملك الدولة لها، وانتهاء بمرحلة ظهور الصحافة الحزبية فى عام 1976 مع بداية التعددية الحزبية، والتى توازت مع الصحافة الحكومية، إلى أن جاء عقد الثمانينيات وظهرت الصحف الخاصة أو المستقلة، وأعقبها فى التسعينيات ظهور الفضائيات الخاصة التى تزايد عددها فى الألفية الثالثة، وضمت ألوانا مختلفة من قنوات الإعلام المرئى: دينية، رياضية، اجتماعية، أما السياسة فتوقفت عند حدود برامج ال Talk show التى باتت تتكرر تقريبا بنفس الطريقة فى كل القنوات دون قواعد واضحة.
والحقيقة أن مصر تشهد جدلا حقيقيا حول مساحة الحرية التى يتمتع بها الإعلام، وهل أزمته ترجع للقيود السياسية المفروضة على حرية التعبير، أم إلى مشكلات مهنية تتعلق بنمط الملكية السائد، والعلاقة بين الإدارة والتحرير، والتداخل بين الإعلان والمادة التحريرية، وضعف القدرات المهنية لكثير من الصحفيين، أم للمشكلتين معا.
والحقيقة أنه فى الفترة الأخيرة تصاعد الحديث بصورة أكبر عن «المشكلات المهنية» فى الإعلام المصرى، وبات واضحا أن تعمقها لا يعود فقط للمشكلات السياسية، إنما أيضا لجوانب ذات طابع قانونى ومهنى، يمكن إصلاح جانب منها رغم القيود السياسية المفروضة.
فهناك أولا مشكلة الإعلام الحكومى الرسمى الموجود فى صورة قنوات تليفزيونية وصحافة مملوكة للدولة، وهى بعيدة عن تقاليد المؤسسات العامة، أو بالأحرى القنوات العامة المملوكة للدولة ( لأنه لا توجد صحف مملوكة للدولة فى الدول الديمقراطية) والتى تحكمها مجموعة صارمة من القواعد المهنية، وتدار بمنطق المؤسسة العامة، وليس لسان حال الحكومة أو الحزب الحاكم.
والسؤال: كيف يمكن للإعلام المملوك للدولة أن يستفيد من التجارب المشابهة فى البلدان الديمقراطية من أجل تحسين القدرات المهنية لهذه المؤسسات حتى لو ظلت هناك قيود سياسية نتيجة ملكيتها للدولة التى لم تنفصل بعد فى مصر عن الحكومة والحزب الحاكم؟
أما النمط الثانى فهو الصحافة الحزبية، وهى فى الحقيقة اختفت من كل البلاد الديمقراطية، وآخرها كان صحيفة الحزب الشيوعى الفرنسى l Humanité (الإنسانية) التى تحولت منذ منتصف التسعينيات من لسان حال الحزب الشيوعى إلى صحيفة يسارية بشكل عام، وحلت النشرات الحزبية المعبرة عن الأحزاب المختلفة مكان الصحف الحزبية، وبقيت هناك صحف خاصة غير مملوكة للأحزاب ولا الدولة معبرة عن توجهات سياسية، «يسار أو يمين أو وسط».
وهذا التوجه لا يعنى أنها نشرة حزبية تعرض التوجهات السياسية والأيديولوجية لأحزاب اليسار واليمين، إنما يعنى أنها قد تركز مثلا بالنسبة للصحف التى توصف بأنها يسارية على القضايا الاجتماعية وحقوق المرأة والأقليات بصورة أكبر من الصحف اليمينية، دون أن تتحول إلى نشرة للتحريض والتعبئة السياسية، وتحترم كل القواعد المهنية المعروفة فى التعامل مع الخبر من خلال سياسية تحريرية واضحة.
إن نموذج الصحافة الخاصة السائد فى البلدان الديمقراطية، تحكمه قواعد تفصل بين الإدارة والتحرير، وتقيد دور رأس المال فى التدخل فى السياسة التحريرية للصحيفة، كما أنها تفتح الباب أمام نمط آخر للملكية يقوم على امتلاك مواطنين لأسهم فى الصحيفة بمن فيها محرروها، فى محاولة لكسر احتكار الشخص الواحد لملكية الصحيفة كما هو جارٍ فى مصر.
نقلاً عن ملف إن للديمقراطية أنياباً المنشور فى العدد الأسبوعى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.