يحدد الدكتور محمود علم الدين الاستاذ بكلية الاعلام جامعة القاهرة ما نحتاجه في مدونة السلوك الاعلامي في ثلاثة مبادئ عامة يجب الالتزام بها, اولا: عدم تصدير صورة اعلامية واحدة علي انها الشكل العام علي الرغم من كونها حالة فردية, او مجموعة من الحالات لكنها لا تعبر عن الوضع العام, ثانيا: استخدام صياغة موضوعية وعدم الخلط بين الرأي والمعلومة او انتقاء المصادر التي تؤكد وجهة نظر مسبقة, ثالثا: استخدام مفردات التشكيك في حالة عدم التأكد من صحة المعلومات, او عدم اعلانها الا بعد الاستيثاق من مصادر معلومة. ولفت علم الدين الذي وصف المبادرة بانها جاءت في وقتها, الي ان بعض الصحفيين والاعلاميين يبحث عن الانفراد والمجد الصحفي علي حساب الحقيقة, وهو يعلم تماما الاثار المدمرة التي يمكن ان تترتب علي ما يعلنه من معلومات. وقال ان وضع مدونة سلوك امر ضروري لان هناك بعض الممارسات الاعلامية بها قدر من التجاوز, واهملا اخلاقيات المهنة, ويجب ان نعلم ان القوانين وحدها لا تكفي, ولا يمكن ان تحافظ علي مسار الممارسة الاعلامية, لان هناك اشياء لا تحرمها القوانين, ولكن لا تحبذها الاخلاقيات, ولذلك لابد من حدوث توازن بين القانون والاخلاقيات والحرية الاعلامية المرتبطة بالمسئولية الاجتماعية. واشار محمود علم الدين الي ميثاق الشرف الاخلاقي للاعلام العربي الذي وضع عام2007 بواسطة وزراء الاعلام العرب, بالاضافة الي مدونات موضوعة بواسطة عدد من الدول العربية ودول العالم, علينا ان نستفيد منها, هذا الي جانب بعض القواعد العامة مثل الامانة الاعلامية, والانصاف, والموضوعية, والدقة. واستكمل د. علم الدين قائلا لابد ايضا من التعامل بشكل مسئول مع بعض فئات المجتمع مثل المرأة والاطفال وذوي الاحتياجات الخاصة حيث انه في مواثيق الشرف بعض البنود المتعلقة بالمرأة وتقديرها والتي اثيرت بسبب تعامل الاعلام معها كجسد, نفس الامر بالنسبة للاطفال وذوي الاحتياجات الخاصة وصورتهم في وسائل الاعلام المختلفة, وكذلك احترام خصوصية الشخصيات العامة والمشاهير. واوضح انه لابد من الالتزام ايضا بقيم المجتمع لان مبادئنا الاساسية تختلف عن باقي دول العالم فنحن لنا منظومة قيم مختلفة عن الغرب وهي القيم المستمدة من الكتب السماوية, وهذا ايضا يأخذنا الي ضرورة تعميق مبدأ المواطنة, والتسامح, واختلاف الرأي والرأي الاخر. اما علي المستوي العربي فلابد ان يكون الاعلام أداة من ادوات الاندماج العربي القومي, واحترام خصوصية كل بلد وحقوقه السياسية والاقتصادية وانظمته القانونية. الي جانب كل ذلك لابد من ضرورة مناقشة حماية الملكية الفكرية, وكذلك مسألة البث الاذاعي والتليفزيوني علي شبكة الانترنت والموبايل, كل ذلك في النهاية يحتاج تعديلات تشريعية ومواثيق اعلامية. وقال الكاتب الصحفي صلاح عيسي رئيس تحرير جريدة القاهرة ان فكرة طرح مدونة سلوك للاعلاميين العرب هي فكرة هامة وجيدة, لكنها يجب ان تحتوي علي عدة مبادئ ومعايير يلتزم بها كل العاملين في الاعلام العربي, مع وجود هيئة مستقلة مسئوليتها رصد المخالفات الاعلامية والاشارة اليها ومعاقبة من يخالف الوثيقة الاعلامية مهما كان منصبه الاعلامي. وطالب عيسي بان تكون المدونة مرجعية لمواثيق الشرف المهنية والادبية والاخلاقية مع ضرورة تطبيقها دون استثناء واخطار الاعلاميين بالاخطاء التي يقعون بها لان هذه الاخطاء اذا لم يتم الحد منها ستصبح جزءا من المفاهيم الاعلامية ولن نستطيع منعها. واشار الي ضرورة وجود مراقبة ورصد ومتابعة لما ينشر ويذاع في المحطات الفضائية لان بهذه المراقبة سيتم احترام التقاليد الاعلامية. واكد عيسي اهمية الدقة ونسب الاخبار والمعلومات الي مصادر وعرضها بموضوعية, وان يكون الخبر مستكملا لاركانه, ولا يتم الخلط بين الاعلام والاعلان, وعدم توجيه الدعوات التي تسبب العنصرية بين المواطنين المستهلكين للمنتج الاعلامي, والتحذير من استخدام الاعلام للمصالح الخاصة بالمؤسسات وان يرسخ مبدأ ان الاعلام ملك للجميع. رحب ابراهيم العقباوي رئيس شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات وامين عام مهرجان الاعلام العربي بفكرة اقرار مدونة سلوك للاعلاميين العرب, مشيرا الي افتقاد الاعلام العربي لمثل هذه المدونة وزيادة عدد الاخطاء المهنية حتي اصبح الامر يحتاج الي مراجعة, مضيفا ان الغالبية تمارس هذه الاخطاء ولاتبدي اي احترام لمواثيق الشرف الاعلامي. واكد العقباوي ضرورة الزام المؤسسات الاعلامية باحترام هذه المدونة بعد مناقشتها واقرارها, وان تتم دراسة التوجهات التحريرية الموجودة في غالبية المؤسسات الاعلامية العالمية والدولية وكيف يتم تطبيقها, ولدينا امثلة كثيرة في عدد من التجارب الديمقراطية. وطالب العقباوي بان تلزم المدونة الهيئات والافراد علي حد سواء بالاحترام لمواثيق الشرف الدولية والتي تتفق مع المعاهدات الدولية وما تتبعه الدول الديمقراطية في التعامل مع وسائل اعلامها, لانها تضع محاذير تحافظ بها علي الدقة والموضوعية, مضيفا انه يجب وضع قوانين تنظم عمل الفضائيات ووسائل الاعلام المختلفة, وتحاسب من يخالف. وتقول الدكتورة نائلة عمارة استاذة الاعلام بكلية الاداب جامعة حلوان ان اهم ما يجب ان تتضمنه مدونة سلوك للاعلام العربي هو وضع مبادئ لعمل المواقع الالكترونية والاعلام الجديد الذي يحتاج لضوابط تحكمه وتضبط اداءه, مشيرة الي ان كل ما هو موجود علي الانترنت يسمي صحافة المواطن ويجب وضعه في اطار اخلاقي. وشددت علي ضرورة ان تضع المدونة قواعد للتفرقة بين الرأي و الخبر, حتي لا يتعرض المواطن للتضليل, والتفريق بين والاشكال المتعارف عليها في الاعلام لان هذا الخلط سيؤدي الي الابتعاد عن الحقائق. وطالبت بعدم الخلط بين الاعلام والاعلان, مثل الدعاية التي يطلقها الاطباء من خلال شاشة التلفاز لمجرد ان يعرف الجمهور بنفسه ويجذبهم الي عيادته الخاصة, وان يتحمل الاعلام مسئوليته الاجتماعية. الاعلامي حسين عبد الغني المدير الفني لمكتب الجزيرة طالب بان تشترك عدة جهات لها خبرة في وضع مدونة سلوك للاعلاميين, وحذر من ان تنفرد بها جهة معينة حتي لا تسيطر علي ما يتم وضعه من محاذير والتزامات. واشار الي انه يجب ان تتسم بمساحة كبيرة من الحرية واتاحة الفرصة للصحفيين للعمل والحصول علي المعلومات الصحيحة, وسهولة الوصول الي المصادر لتأكيد او نفي المعلومات. واضاف عبد الغني: علي المدونة ان تضع ما يحمي الحياة الشخصية للافراد و العقائد الدينية, وان تتيح للاجيال الصحفية الصاعدة معايير وقواعد للعمل عليها دون الاهتمام بوضع قيود, وهو ما لا يوجد في ظل الاعلام الحالي, وبالتالي يجب ايجاد اعلام جديد بأشخاص جدد. قالت الدكتورة ماجي الحلواني عميدة الاكاديمية الدولية لعلوم الاعلام: يجب وضع قواعد لمراعاة الموضوعية فيما تتيحه وسائل الاعلام من اخبار ومعلومات واثارات قضايا, وان تمنع صياغة الرأي في شكل تقريري, وان تلزم كل وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة, بعدم إعادة انتاج المعلومات وتوجيهها سلبيا. واشارت الي ان اي قضية لها جوانب سلبية واخري ايجابية, لكن البعض من اجل الحصول علي مجد شخصي يتاجر ويبرز سلبيات القضية دون ايجابياتها. ولفتت الي انها اثناء الانتخابات البرلمانية وعندما شاهدتها علي التليفزيون شعرت ان القتال يدور في الشوارع, وان هناك احداثا غير عادية في مصر, وعندما ذهبت للتصويت وجدت الامور عادية جدا, ولم تجد بلطجية, او شخصا يقول لي انتخبي فلانا, مضيفة انها ادت دورها الانتخابي في هدوء تام ولم تصدفها اي مشاكل, وهذا لا يعني ان الامور تمت في سلام ولكن هذه الاشياء موجودة في كل دول العالم لانه لابد من الاختلافات والمشاحنات. وأيدت نص مدونة السلوك علي الاخلاقيات المهنية, واستخدام المفردات السليمة وعدم العرض بصورة فجة, او استخدام عبارات او الفاظ جارحة, ومعاقبة من ينتزع حدثا من سياقه ويقوم بتضخيمه علي غير الحقيقة. وطالبت د. ماجي الحلواني بضرورة التزام مراسلي القنوات الاجنبية والعربية بالحياد, والابتعاد عن الصورة الثابتة الموجودة في ذهنهم والتعامل مع الامر بشكل اكثر حرفية. اكدت الدكتورة حنان يوسف استاذة الاعلام بجامعة عين شمس اهمية وضع واقرار مدونة للسلوك الاعلامي يتبعها العاملون في الاعلام العربي, متضمنة التشديد علي عدم انتاج معلومة دون التأكد من صحتها, والحصول علي كل الاراء عند توجيه نقد الي سياسة معينة, واستضافة كل اطراف القضية المطروحة للنقاش. وطالبت باحتوائها علي مواد تحدد المسئولية الاجتماعية, وان يكون هدفها توجيه المجتمع نحو النهضة والتنمية والارتقاء, بدلا من ان نجد المواطن العربي في حالة من ضياع الفكر والمستقبل في مجال الاعلام.اضافت د. حنان ان التوازن والجدية في العمل الاعلامي هما اهم شروط الصحفي, مشيرة الي قيام البعض باساءة استخدام المعلومة او الصورة الصحفية علي خلاف الحقيقة, ومحذرة من خطورة انهيار اقتصاديات دول بسبب اخبار كاذبة, او تعامل غير عاقل ومسئول.وطالبت بان تنص مدونة السلوك علي تطوير الخطاب الاعلامي العربي, والاهتمام بالارتقاء باللغة التي تحمل رسالة بدلا من حالة الصراخ الذي يتوه داخله المتلقي خاصة فيما يخص المنتج الاخباري.وقالت انه يجب اخراج جيل جديد من الصحفيين والاعلاميين العرب لديهم مجموعة من القواعد المهنية تضبط اداءهم, افضل من البحث عن الشهرة والمجد الشخصي علي حساب الموضوعية.وختمت د.حنان حديثها قائلة, وان تتضمن قواعد لمحاسبة المخالفين, لان الاعلام العربي تاهت داخله الحقيقة.