عندما نتحدث عن الوحدة الوطنية فهذا يعنى أنه كان هناك انشقاق بين أبناء الوطن الواحد وهناك تحفز لبعضهم البعض وأنا واحد من نسيج هذا الوطن ولا أعرف ولا ألمس هذا على الأقل فى محيط معارفى وهم كثيرون، حيث وهبنى الله حب الناس لى وحبى لهم بلا أدنى نظرة إلى لون أو كيان أو دين، فأنا لا أسمع عن التوتر سوى فى وسائل الإعلام وأتعجب أين يحدث هذا؟! إن لى أصدقاء كثيرين مسيحيين تجمعنا صداقة ويجمعنا حب ويجمعنا ولاء لهذا الوطن، نعم نختلف ولكن نختلف كأى فردين عاديين على تشجيع فريق للكرة ونتناقش ويحتدم النقاش لينقلب بتهريج وسخرية كل منا بالفريق الذى يشجعه الآخر ليتحول الخلاف إلى كوميديا ساخرة تنتهى بأن يدعو أحدنا الآخر على كوب من الشاى أو فنجان من القهوة، نتبادل التهانى فى الأعياد وأحزن أو أقلق إذا أحدهم تخلف عن تهنئتى بعيد من الأعياد فأتصل لأطمئن عليه وإذا كان بخير فأهاجمه وأعاتبه وأتهمه بالبخل لأقول له أرسل لى ماسج تهنئة بالعيد وأدفع لك تمنها يا بخيل وبكل حب تنتهى مكالمتنا على أمل اللقاء بعد العيد، وعندما أقابله أعده بألا أرسل له رسالة فى عيده لتكون المعاملة بالمثل فيضحك ويهرج ويأتى عيده لأكون أول المهنئين لأنه لا يهون على ألا أشاركه فرحته. أعتقد أن كل المصريين هكذا من قديم الأزل، فمن منا ليس له أصدقاء وأحبة مسيحيون، ومن منا لم ترعاه جارته المسيحية وتعامله كابن من أبنائها وكذلك العكس، فأنا لا أنسى فريد خلة الذى كان صديقا لى ولوالدى وكيف كنا نتبادل الزيارات والدته ووالدتى وإخوته وإخوتى وكم من رحلات كنا نقوم بها فى محبة وأخوة، وكم حزنت وحزن جميع من يعرفه عندما هاجر هو وأسرته إلى استراليا وكأننا فقدنا أحد أعمدة أسرتنا الغالية. ولا أنسى صديقى جورج خليل سيدهم زميل الدراسة والذى كنا ننتظر عيد الميلاد المجيد لتجمعنا والدته وتقدم لنا الكعك والحلويات وإثناء دراستنا كنا نحتاج إليه إذا مررنا بمشكلة ما ونجتمع عنده ليدلو برأيه فى حل المشكلة وكذلك هو عندما يمر بضائقة ما.. نظل بجانبه نأبى أن نذهب إلى منازلنا قبل أن تحل المشكلة وأسماء كثيرة لا نتذكرها وذاكرتنا لن تسعفنا لأنهم كثيرون وإخوة أحباء لن تفرقنا الأيام ولن تجعلنا نكرههم فكيف يكره الأخ أخاه فرب أخ لم تلده أمى. ولا أنسى فريد توفيق خلة الصديق المسيحى والذى كان يكبرنى بعدة سنوات وكان لى أصدقاء أنا ووالدى نقضى أوقاتا فى نادى صغير وفى حرب أكتوبر كان السيد حامد وأحمد خميس وعبد الله الصعيدى وعطية المهدى كانوا مشاركين فى حرب أكتوبر وانتهت الحرب وجاء الإخوة بعد الانتصار العظيم وكل كان فى سلاح مختلف عن الآخر وكانت فرحتنا فى استقبالهم لا توصف ولكن تأخر توفيق خلة وهو مسيحى فكنا كلنا فى حزن وقلق وترقب إلى أن جاء بعد فقدنا الأمل ولم تكتمل فرحتنا إلا عندما وصل ولا أستطيع أن أصف وقت استقباله وعودته سالما لقد هتفنا عند رؤيته فى صوت واحد الله وأكبر وبالأحضان والقبلات والدموع المختلطة بالفرح لعودته سالما واكتملت شلتنا بعد النصر العظيم، فلم نكن نعرف المسيحى من المسلم ولا دين أحد ما فكنا فى سعادة ووئام وهذا مثل لا ينسى هذه هى حياتنا وهذا هو دربنا وأعتقد أنه درب كل المصريين ودأب الجميع على أننا إخوة أصدقاء أحباب فلا ضغينة بيننا ولا كراهية. ولكن فى النهاية ما هذا الذى يحدث؟ ومن صاحب المصلحة فى النفخ فى الكير وإشعال فتيل الفرقة وكما قلت ليس هذا له وجود سوى على صفحات الجرائد ووسائل الإعلام المختلفة بينما نحن فى الواقع كأصدقاء وإخوة وأحبة لا نلمس ذلك على مستوى صداقاتنا.