قال البنك الدولى: "إن مصر تعد أحد أفضل الدول فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التى نجت من آثار الأزمة المالية العالمية". وقال التحليل الوارد فى أحدث "التوقعات الاقتصادية الإقليمية" للبنك بعنوان "منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحافظ على تعافى الاقتصاد فى أوقات عدم اليقين"، إن مصر جاءت من بين أفضل الدول التى نجت من آثار الأزمة ضمن تصنيف الدول المستوردة للنفط مع المغرب، وتونس، ولبنان، والأردن وجيبوتى من بين دول أخرى فى المنطقة. إلا أن التحليل حذر من التطورات التى حدثت فى أوروبا وضعف نمو الائتمان نسبيا فى بعض الدول، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن يضعف النمو فى عام 2010، خاصة بالنسبة للدول المرتبطة اقتصاديا بالاتحاد الأوروبى. ونوه بأن لبنان تمثل استثناء فى هذا الصدد، نظرا لازدهار العقارات والقطاعات المصرفية بها اللذين يقودان الأداء القوى للنمو. وتوقع البنك الدولى أن تحقق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نموا بنسبة 9،4 فى المائة عام 2010، و3،5 فى المائة فى 2011، و7،5 فى 2012 على ضوء تحقيق تقدم مطرد فى مجال الإصلاحات الهيكلية. كما حذر التقرير من أن مصر والمغرب يواجهان أعلى تقديرات لواردات القمح شهريا، مما يزيد من فاتورة الواردات بشكل أكبر. ونوه بأن الحوافز التى ضختها الدول المستوردة للنفط بالمنطقة عملت على تخفيف أثر الأزمة ودعم الانتعاش، ولكن الكثير من هذه الدول تعمل حاليا على تقليل هذه الحوافز المالية مما يشكل ثغرة طويلة الأجل. وأوضح التقرير أن الإصلاحات فى هذه الدول ظلت بشكل عام على المسار الصحيح مع بعض الاستثناءات القليلة، مما يعطى الفرصة لهذه الدول لمواصلة عملية تحويل اقتصاداتها، ورفع مستوى قدراتها التكنولوجية وتحسين قدرتها التنافسية. وأشار البنك الدولى فى "التوقعات الاقتصادية الإقليمية" بعنوان "منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحافظ على تعافى الاقتصاد فى أوقات عدم اليقين" إلى أن الانتعاش الاقتصادى يتقدم حاليا فى المنطقة، وإن كان بمستوى أقل من الاتجاهات المعتادة من قبل والإمكانات الاقتصادية للمنطقة، مشيرا إلى أن الآفاق الاقتصادية للمنطقة تتوقف على التطورات العالمية ومواطن القوة المستمر فى الطلب فى الأسواق الناشئة واتجاهات أسعار النفط. وقال شامشاد اختار، نائب رئيس البنك الدولى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لشئون العمليات، إن "الإدارة الاقتصادية الكلية السليمة والنهج المتعقل لتنظيم القطاع المالى ساعد دول المنطقة على النجاة من ركود شديد". وأضاف أن "التحدى الرئيسى الآن هو المحافظة على النمو بعد الانتعاش، حيث إن هذه المنطقة يمكن أن تستفيد من قاعدة القوى البشرية والمادية القوية التى استثمرتها فى العقود الماضية". وأوضح التقرير أن وتيرة التعافى فى المنطقة كانت أقل من مناطق نامية أخرى، وتوقع أن تكون نسبة النمو فى المنطقة حوالى 4 فى المائة فى عام 2010، على أن تعود فى عام 2011 و2012 إلى المعدلات التى تحققت قبل الأزمة الاقتصادية والمالية. وقالت إيلينا إيانتشوفيتشينا، المؤلف الرئيسى للتقرير وكبيرة الاقتصاديين فى المنطقة بالبنك الدولى إن العوامل التى تحد من الانتعاش الإقليمى الحالى موجودة بدرجات متفاوتة فى الثلاث مجموعات الرئيسية فى دول المنطقة، وهى الدول المصدرة للنفط فى مجلس التعاون الخليجى والدول النامية المصدرة للنفط ومستوردى النفط. وقال التقرير إن مجموعة دول مجلس التعاون الخليجى (المملكة العربية السعودية، والكويت والبحرين، وقطر، والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان) كانت أشد الدول تضررا من الأزمة، إلا أنها تعافت بسرعة مع اشتداد الطلب على النفط من الأسواق الآسيوية الناشئة، ومع استقرار قطاعها المالى. وفى عام 2010 أعاق ضعف الائتمان التوسع فى النمو فى دول المجلس، إضافة إلى أن بعض دوله التزمت بتقليل إنتاج النفط للحفاظ على مستوى أسعاره، ومن المتوقع أن تحقق دول المجلس فى عام 2010 نموا اقتصاديا بنسبة 2،4 فى المائة بعد أن كان معدل النمو قد وصل إلى صفر فى المائة عام 2009، يرتفع فى 2011 إلى 5 فى المائة قبل أن ينخفض إلى 8،4 فى المائة فى عام 2012. أما فيما يتعلق بالدول النامية المصدرة للنفط فى المنطقة مثل الجزائر، وإيران والعراق، وليبيا، وسوريا واليمن، فقال تقرير البنك الدولى إنها قد شعرت بأثر الأزمة الاقتصادية إلى حد كبير من خلال النفط، حيث تشرف الدولة على هذا القطاع غير المرتبط بالأسواق المالية العالمية. وتوقع التقرير أن يبلغ النمو الحقيقى لهذه الدول حوالى 9،2 فى المائة فى عام 2010، و2،4 فى المائة فى عام 2011، و9،3 فى المائة فى عام 2012. وقال التقرير إن الدول النامية المصدرة للنفط معرضة بشكل حاد لانخفاضات كبيرة فى أسعار النفط ويشكل تزايد تقلب الأسعار خلال الأشهر القليلة القادمة مشكلة رئيسية لها، مما يشير إلى أن الحكمة فى إدارة الإيرادات عائدات النفط أصبحت أمرا مهما وأكثر تحديا. وأكد التقرير ضرورة التنوع لهذه الاقتصادات، وقال إن الأخطر هو أنها بحاجة لتوسيع نطاق المصادر غير النفطية للنمو من أجل المساعدة على الحد من ضعفها فى المستقبل القريب وعلى المدى الطويل على وجه السرعة". وأضاف أن بعض هذه الدول أيضا عرضة لصدمات أسعار الأغذية على أساس الزيادات الأخيرة فى أسعار القمح. وأشار شامشاد اختار، نائب رئيس البنك الدولى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لشئون العمليات، إلى أن الدول النامية المصدرة للنفط تواجه مشاكل هيكلية عميقة وستواصل انخفاض النمو على المدى الطويل، مشيرا إلى أن بعض هذه الدول تراجعت عما كانت تبذله من جهود الإصلاح وسن قوانين لزيادة مستويات الحماية فى أعقاب الأزمة الأخيرة. وخلص اختار إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا تحتمل فى عالم ما بعد الأزمة، أن يغيب عن تفكيرها التحديات طويلة الأجل، والتحديات الهيكلية للنمو وخلق فرص العمل". وأضاف لا يسعنا أن نشعر بالرضا إزاء الضعفاء، مشيرا إلى أن البنك الدولى يساعد 10 دول فى المنطقة من خلال شبكات الأمان الاجتماعية الموجهة توجيها جيدا، وإصلاح الدعم وبرامج التأمين الاجتماعى الفعالة ماليا.