وزير الإسكان يعقد اجتماعا بمقر جهاز مدينة "الفيوم الجديدة"    لمواليد برج الثور.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    الجامعة العربية والحصاد المر!    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفد سعودي لبحث سبل التعاون المشترك    مبادرات التخفيض "فشنك" ..الأسعار تواصل الارتفاع والمواطن لا يستطيع الحصول على احتياجاته الأساسية    السيسي: مكتبة الإسكندرية تكمل رسالة مصر في بناء الجسور بين الثقافات وإرساء السلام والتنمية    وزير التنمية المحلية: إنشاء 332 مجمعًا خدميًا في قرى «حياة كريمة»    ختام فعاليات المرحلة الثانية من الدورة التدريبية لخطوات اختبارات الجودة    تحقيق جديد في اتهام سائق بالتحرش.. وتوصيات برلمانية بمراقبة تطبيقات النقل الذكي    يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    وزير دفاع الاحتلال: لا نعترف بسلطة محكمة الجنايات الدولية    150 هزة ارتدادية تضرب غرب نابولي.. وزلزال الأمس هو الأقوى خلال العشرين عامًا الماضية    موعد تجديد عقد لوكاس فاسكيز مع ريال مدريد    جاهزية بديل معلول.. الأهلي يتلقى بشرى سارة قبل مواجهة الترجي بنهائي إفريقيا    كشف حقيقة ما تم تداوله على أحد المواقع الإخبارية بشأن محاولة خطف طالب بالقاهرة    الرقابة النهرية: معدية أبو غالب رخصتها منتهية ومخالفة للاشتراطات    ضبط طرفى مشاجرة بالقاهرة نتج عنها وفاة طفلة وإصابة آخر    أجازة 9 أيام .. تعرف على موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2024    بتهم القتل والبلطجة.. إحالة أوراق عاطل بالقليوبية لفضيلة المفتي (تفاصيل)    تأجيل 12 متهما ب «رشوة وزارة الرى» ل 25 يونيو    رئيس الوزراء يلتقي أعضاء المجلس التصديري وغرف الصناعات الغذائية    تعاون مصري سعودي لتعزيز حقوق العمال.. برنامج تأميني جديد وندوات تثقيفية    هيدي كرم تكشف عن البوستر الرسمي لمسلسل الوصفة السحرية.. يعرض قريبا    العرض على شاشات المتحدة.. صبا مبارك بطلة مسلسل وتر حساس من 45 حلقة    كيت بلانشيت بفستان مستوحى من علم فلسطين.. واحتفاء بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي العرب (صور)    دعاء النبي في الحر الشديد: كيفية الدعاء أثناء موجة الطقس الحار    احذروا الشائعات.. مجلس الوزراء يكشف حقيقة بيع المستشفيات الحكومية ووقف الخدمات المقدمة للمواطنين    في اليوم العالمي للشاي.. أهم فوائد المشروب الأشهر    إجراء 74 ألف عملية جراحية لمواطني المنيا ضمن مبادرة «القضاء على قوائم الانتظار»    «الشراء الموحد»: الشراكة مع «أكياس الدم اليابانية» تشمل التصدير الحصري للشرق الأوسط    وزير الري: أكثر من 400 مليون أفريقي يفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى مياه الشرب    «القاهرة الإخبارية»: حماس تنتقد جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنين    الخارجية الأردنية: الوضع في قطاع غزة كارثي    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    «التضامن»: مغادرة أول أفواج حج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة 29 مايو    هالاند.. رقم قياسي جديد مع السيتي    أحمد الفيشاوي يحتفل بالعرض الأول لفيلمه «بنقدر ظروفك»    الموعد والقناة الناقلة لقمة اليد بين الأهلي والزمالك بدوري كرة اليد    هل يصبح "خليفة صلاح" أول صفقات أرني سلوت مع ليفربول؟    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    وزير التعليم: مدارس IPS الدولية حازت على ثقة المجتمع المصري    كرة اليد، ماذا يحتاج الزمالك لاقتناص لقب الدوري من الأهلي؟    الهجرة تعقد عددًا من الاجتماعات التنسيقية لوضع ضوابط السفر للفتيات المصريات    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    «ختامها مسك».. طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان اللغة الإنجليزية دون مشاكل أو تسريبات    طلب تحريات حول انتحار فتاة سودانية صماء بعين شمس    دونجا: ياسين لبحيري حماني من إصابة خطيرة.. وشكرته بعد المباراة    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    خبيرة تغذية توجه نصائح للتعامل مع الطقس الحار الذي تشهده البلاد (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    حسام المندوه: الكونفدرالية جاءت للزمالك في وقت صعب.. وهذا ما سيحقق المزيد من الإنجازات    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جوانتانمو.. السجين رقم 63
نشر في اليوم السابع يوم 21 - 06 - 2010

الكتب أنواع: بعضها تستمع بقراءته، وبعضها يحرق دمك.. بعضها لا تستطيع أن تتركه قبل الانتهاء من آخر صفحاته، وبعضها تتركه بعد قراءة الصفحة الأولى.. وهناك كتب تعلق بالذاكرة، وكتب أخرى تنساها بعد قراءتها.. هناك كتاب تكتشف فيه جديداً فى كل قراءة، وكتاب لا تجد فيه شيئاً ذا قيمة عند أول قراءة.. كتب لتزيين المكتبات، وكتب لا يمكن أن تستغنى عنها أى مكتبة.
وهذا الكتاب أغضبنى، رغم الجهد الكبير الذى بذله كاتبه.. ليس لأنه كشف عن أمر جديد، وإنما لتأكيده على معان فقدت قيمتها فى هذا الزمن.. أغضبنى ما حملته سطوره من انتهاك للعدالة واحتقار للقانون، ليس هذا فحسب، وإنما أيضاً محاولة تبرير ذلك.
صدرت الطبعة الأولى للكتاب عام 2008 تحت عنوان: "فريق التعذيب.. كشف جرائم الحرب فى أرض الحرية" بقلم فيليب ساندز أستاذ القانون بجامعة لندن، وهو يبحث فى وسائل التعذيب التى استخدمت فى معتقل "جوانتانمو"، ويتخذ من السجين رقم 63 مثالاً تطبيقياً لذلك.
ما ورد فى الكتاب يمثل حيثيات قانونية متكاملة لجريمة حرب ارتكبتها الإدارة الأمريكية فى عهد الرئيس بوش الابن، حيث انتهكت التزامات أمريكا الدولية وفقاً لاتفاقيات جنيف، واتفاقية منع التعذيب، وكذلك العرف الدولى.
الكتاب أيضاً يوثق جرائم أطباء وجنرالات وسياسيين ورجال قانون، بشكل لا يحتمل أى لبس، واختار مثالاً حياً هو السجين رقم 63 الذى لاقى كل صنوف التعذيب والإهانة، وصلت إلى حد استخدام الإناث كى يثيروا غضب هذا السجين الذى لا يطيق تعمدهن لمس أجزاء من جسده، وكانت المهمة هى تحطيم إرادته وثقته فى نفسه، والوصول به إلى الحد الذى لا يعرف فيه الفارق بين الليل والنهار، وتسليط الأضواء الباهرة فى عينيه، وحرمانه من النوم لأيام متوالية، وصب الماء البارد عليه، وتعمد إهانة مقدساته، وخاصة القرآن الكريم.. إلخ..
إن الكاتب يثبت – بالوثائق – أن أساليب التعذيب تم اعتمادها من أعلى مستويات إدارة الرئيس بوش، وأنه تم نقل ما تم تطبيقه فى معتقل جوانتانمو فى سجن أبو غريب، وذلك بشكل منهجى وليس كما قال المعتذرون إنه كان أخطاء فردية.
وحرصاً على مشاعر القارئ، فإننى أتفادى عمداً نقل بعض الفقرات التى وردت فى هذا الكتاب/ الوثيقة، لأنها مؤلمة وقاسية، ليس فقط للمسلمين والعرب، بل لأى إنسان لديه ضمير وإحساس، فضلاً عن أن نقل هذه الفقرات يحتاج إلى ما هو أكثر من مقال، إنه صحيفة إدعاء لا أدرى كيف غفل عنها السيد أوكامبو مدعى المحكمة الجنائية الدولية، الذى يشنف آذاننا كل حين بترانيم العدالة الدولية، وأهازيج عدم الإفلات من العقاب، ويركز جهوده على تقفى بعض "الجرائم" فى أفريقيا، ويستعرض عضلاته القانونية على بعض رجال حرب العصابات من أتباع جيش الرب فى أوغندا، أو يجد فى أثر رئيس السودان.
ومن الطرائف المؤلمة، أن هؤلاء الذين ارتكبوا تلك الجرائم الشائنة، هم أنفسهم الذين يدعون حرصهم على حقوق الإنسان، ويلقون علينا مواعظ الجبل حول كرامة الإنسان وحرية التعبير والديمقراطية، وبلا أدنى خجل.
وربما يقول قائل من المعتذرين أو الوقوعيين (من الواقعين المنبطحين وليس الواقعيين)، إنه يكفى أن ديمقراطية أمريكا سمحت بالكشف عن تلك الجرائم، وكأن ذلك يغسل أدران تلك البشاعة والخسة، تماماً مثلما قامت أمريكا بقتل مئات الآلاف فى فيتنام، ثم أنتجت بعد ذلك فيلم "العسكرى الأزرق" أو "ماش" كى تغسل ضميرها من هذه المذابح الوحشية.
لقد شعرت بالاكتئاب وأنا أقرأ سطور هذا الكتاب، وكأننى كنت أنصت من بين صفحاته إلى صرخات ذلك السجين العربى المسلم الذى لا يوجد أى إثبات على ارتكابه لأى جرم، لقد شعرت بالأكبال التى كبلته وكأنها فى ساقى ويدى، واختنقت مع وصف الماء الذى يسكبونه عليه كى يشعر بالغرق، وملأنى الغضب وهم يعبثون ويلطخون كتاب الله، بل إننى عاجز فى هذا المقال عن التعبير عن مدى شعورى بالعجز كإنسان حيال تلك التصرفات الوحشية ممن يدعون الحضارة والتمدين.
لقد ذكر الكاتب فى كتابه أن سبب المآساة هو قرار للرئيس بوش بأن معتقلى جوانتانمو لا يتمتعون بأى حماية قانونية، سواء تلك التى أقرتها اتفاقية جنيف أو غيرها، أى أنهم كانوا فريسة يطبق عليهم فقط قانون الغاب، وأشار إلى مقال نشرته مجلة تايم فى مارس 2006 حول أن ما تعرض له السجين رقم 63 هو نفس ما تعرض له معتقلو سجن أبو غريب.
لقد ترأست إليانور روزفلت (زوجة الرئيس الأمريكى روزفلت) وفد بلادها فى المؤتمر الذى أقر الإعلان العالمى لحقوق الإنسان عام 1948، والذى ينص فى المادة الخامسة على أنه لا ينبغى أن يتعرض أى إنسان للتعذيب أو المعاملة الوحشية غير الإنسانية المهينة، وهى نفس المادة التى تم إعادة صياغتها فى المادة السابعة من اتفاق مناهضة التعذيب وغيره من المعاملة الوحشية أو غير الإنسانية أو المهينة، وقد حددت المادة الأولى التعذيب بأنه أى فعل يمارس على إنسان بشكل عمدى ويتسبب فى ألم أو معاناة، سواء جسدية أو عقلية، بواسطة موظف عام للحصول على معلومات أو اعترافات، بل إن الاتفاق حظر التعذيب بشكل عام ودون استثناء حتى فى الحروب (بما فى ذلك الحرب ضد الإرهاب).
وقد نقل الكتاب العديد من دفتر أحوال سجن جوانتانمو بخصوص السجين رقم 63، وسأكتفى هنا بجزء بسيط، ففى هذا الدفتر وتحت تاريخ 17 ديسمبر 202، جاء ما يلى:
الساعة 0120: تم عرض صور على السجين من مجلة لنساء عاريات.. الساعة: 1400: تم عرض عدة مشاهد لمراسم تذكار 11 سبتمبر.. الساعة: 2100: أبدى المعتقل عدم ارتياحه من النداء عليه بأنه "شاذ جنسياً"، وأنكر أنه كذلك، ووضح عليه الضيق عند ذكر أن أمه وأخته عاهرات.. الساعة: 2200: بدا على السجين الضيق من عرض مجموعة صور لأسامة بن لادن ونساء فاتنات.. تم تقييد ذراعى السجين لمنعه من الصلاة.
تم عرض صور فتيات يرتدين البكينى على السجين، وسأله المحقق أن يفرق بينهن، فرفض النظر إلى الصور، وبدأ يبدى المقاومة، فتم إسقاط نقاط من المياه على رأسه للسيطرة عليه.. قام المحقق بعرض صورة لمكة، انهار السجين وبكى.. قاوم السجين محاولة إحدى الإناث من المحققات أن تقوم بلمسه، كان يحاول الصلاة بينما تهمس الفتاة فى أذنه.. بدأ المحقق تدريب السجين على أن يرفع مستواه الاجتماعى إلى درجة كلب، فأمره بالثبات والرقاد وأن يذهب ثم يعود، ثم ينبح.. قال له إن الكلاب أفضل منه لأنها تحمى الأبرياء من الأشرار.. تم وضع برقع على رأس السجين، وبدأ المحقق يدربه على الرقص.
اسم هذا السجين هو محمد القحطانى.. أنظر إلى المرآة ستجده هناك..!!
* عضو اتحاد الكتاب المصرى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.