كيف من الممكن أن يلقى الإنسان من وراء ظهره الدنيا والآخرة معا ويقرر الانتحار؟! ما السبب؟ هل السبب أن المنتحرين لم يجدوا من يستمع إليهم أو يأخذ بيديهم فأقدموا على ما فعلوا! هل هو نقص الإيمان بالله عز وجل وقلة الصبر وضعف الصلة بالله عز وجل، أم أن أوزار جرائم الانتحار يتحملها المجتمع بأكمله؟ فيما مضى كنا نتحدث عن الانتحار على أنه شىء بعيد عن مجتمعاتنا العربية، فكان شيئا طبيعيا أن تسمع عن حالات انتحار فى الدول الغربية. ونعلل الأمر على أنه نقص فى الدين وفساد فى الأخلاق لكن مع الأسف الانتحار طال المجتمع العربى. وألقى بظلاله عليه. كنا نادرا ما نسمع أن فلانا انتحر أو أن فلانة أزهقت حياتها وكان الأمر مرتبطا بمواسم معينة مثل ظهور النتائج أو الأعياد. وتكون حالات فردية لا تتعدى أصابع اليد الواحدة لكن هذه الأيام قل ما تجد أياما قليلة تمر إلا وسمعنا عن حادثة انتحار. مختلف الفئات والأعمار مختلف الأسباب. الظروف الاقتصادية ليست هى السبب الوحيد للانتحار يتحدث علماء النفس عن أسباب الانتحار قائلين: _ أسباب ظرفية: يمكن ربطها بالأحداث التى يعيشها المنتحر. المشاحنات مع الرفاق أو الأسرة، الفشل الدراسى، علاقة فاشلة مع الجنس الآخر، انهيار وضع الأسرة الاجتماعى _ الاقتصادى، فقدان شخص عزيز، وخصوصاً الأب أو أحد المقربين. _ أسباب عائلية: _ التفكك العائلى _ انعدام الأمن والعاطفة نتيجة عوامل مختلفة أهمها: تعاطى الأب أو الأم الكحول. _ المشاحنات بين الزوجين_ غياب أحد الوالدين_ موت الوالدين أو أحدهم_ مرض الأهل الطويل. وتظهر الدراسات أيضا أن مستوى الأسرة الاجتماعى_ الاقتصادى والمستوى الثقافى ليس لهما تأثير كبير فى دوافع الانتحار لدى المراهقين. فلقد تبين من هذه الدراسات أن المراهقين الذين ينتحرون أو يحاولون الانتحار ينتمون إلى جميع الطبقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بشكل متعادل. ظروف شتى فى مجملها عجز إنسان عن تحقيق هدف ما أى هدف، فبدلا من أن ينتقل إلى هدف آخر ويرضى بما قسمه الله أو أن يغير طريقه للوصل لهدفه يستسلم ويقرر أن يضع هو النهاية بيده متخيلا أن نهاية حياته قد حدثت بالفعل عندما فقد هدفه فى رأيى أن سبب انتشار تلك الظاهرة فى المجتمعات العربية يعود إلى عدة أسباب: أولها وأهمها ضعف صلتنا بالمولى عز وجل وفقدان أسباب النجاة المتمثلة فى الدين والقيم. ثانيا- إننا لم نعد كما كنا لم نعد نلق بالا بصديق يتألم أو نبحث عن جار لم نره من فترة وإن الدنيا تبحر بنا فننسى أن لنا زميلا فى أزمة يجب أن نشد من أزره ونذكره بالأرض التى يقف عليها. فوراء كل منتحر صديق أدار له ظهره، أو مجتمع أنكر وجوده. كل منا مر بلحظات فى حياته شعر أن باطن الأرض قد يكون له وسعا رحبا، أكثر من ظاهرة يئس من حياته وتخيل أن الغد قد يأتى بالأسوء. وأن لا مكان يسعه على هذه الأرض بعد الآن. لكنه تذكر أنه كلما كان الصبر أكثر كلما كان الجزاء أكثر لم ينس لحظة أن هناك ربا خالقا، بيده الأمر كله وأن أمره مهم كبر وعظم، فلن يكبر أو يعظم على خالقه تأكد وأبصر أن الله يراه. وإن كان الأمر يحتاج إلى مغفرة وصفح، فباب الله مفتوح للغفران. وإن كان يحتاج إلى عون وفرج فرحمة الله واسعة، وأن الأمر فى الدنيا مهما كبر وعظم عذابه لن يساوى لفحة من جهنم تنسيه كل نعيم الدنيا. إن كانت روحك قد عذبت فى الدنيا، فلا تحكم عليها أيضا أن تعذب فى الآخرة. اترك لها الباب مفتوحا وثق أنها ستعبر منه.