سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الاتفاق النووى الإيرانى وسيناريوهات الشرق الأوسط.. يرفع العقوبات عن إيران فتتفرغ للحروب بالوكالة.. خبراء: من مصلحة طهران الالتزام بالاتفاقية.. ومحمود فرج: الاتفاق متوقف على التوافق فى المرحلة المقبلة
أخيرًا اتفقت الولاياتالمتحدةالأمريكية مع إيران على اتفاق مبدئى بشأن برنامجها النووى بعد 18 شهرًا من المفاوضات، ويحرم الاتفاق الجديد إيران من تصنيع القنابل النووية ويحول مفاعلاتها النووية إلى الأغراض السلمية، مقابل أن ترفع عنها العقوبات الاقتصادية وتفك عزلتها عن المجتمع الدولى، ولكن الاتفاق الذى وقع الخميس الماضى فى جنيف، لم يتضمن أى مباحثات بشأن الأدوار السياسية التى تلعبها الجمهورية الإيرانية فى الشرق الأوسط، ولا تضمن مباحثات سرية بينها وبين الولاياتالمتحدة حول توجهات كل منهما تجاه دول الخليج والعراقوسوريا واليمن، إذ تتبنى كل منهما وجهات نظر متعارضة. رفع العقوبات عن إيران حال التزامها بالنظر إلى الاتفاق النووى الإيرانى، سترفع العقوبات الاقتصادية عن إيران حال التزمت باشتراطات اتفاق جنيف، وأثبت مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الدولية أن طهران لا تنوى امتلاك السلاح النووى، وبرفع العقوبات يعنى أن الاقتصاد الإيرانى سيتعافى، وستعود إيران إلى سابق عهدها وترفع من صادراتها النفطية وتستطيع القضاء ولو تدريجيًا على أزماتها الاقتصادية الطاحنة، وهو الأمر الذى يعنى اتجاه طهران نحو المزيد من سياساتها فى الشرق الأوسط تلك السياسات التى أتت نفعًا رغم الحصار، استطاعت طهران أن تمد نفوذها إلى اليمن ودعمت الحوثيين، بالإضافة إلى دعمها المعلن لنظام بشار الأسد وحزب الله فى لبنان وتدخلها العسكرى فى الشأن العراقى، ودعمها لثورة الشيعة فى البحرين، ما جعلها خطرًا على مستقبل دول الخليج والشرق الأوسط. امتلاك إيران للتكنولوجيا النووية حتى وإن كانت للأغراض السلمية، يعنى أن المملكة العربية السعودية سوف تسعى لتأمين غطاء نووى لنفسها بعد أن كانت تعتمد على الغطاء الأمريكى، وتراهن على التوتر فى العلاقات الأمريكيةالإيرانية، وتبذل المزيد من الضغوط لصالح تعطل المفاوضات، إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهى السفن، وتمكنت طهران من تنفيذ اتفاقها النووى، ووفقًا لمتابعين، فإن المملكة العربية السعودية ستسعى لتأمين غطاء نووى بديل سواء بالبدء فورًا فى برنامجها النووى السلمى الذى أعلنت عزمها البدء فيه وكذلك الإمارات، أو تأمين غطاء نووى آخر، أو استيراد رءوس نووية، وربما باكستان هى أكثر الدول المرشحة لتأمين هذا الغطاء خاصة بعدما أصبحت شريكة فى تحدى إيران وساهمت بقواتها فى عاصفة الحزم ضد الحوثيين المدعومين من طهران. رفع العقوبات يعنى مزيدًا من التعقيد لوضع الشرق الأوسط رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران يعنى مزيدًا من التعقيد للوضع فى الشرق الأوسط، ومزيدًا من امتلاك القوة والنفوذ ودفع المصالح الإيرانية قدمًا وهو ما يعنى بطبيعة الحال استمرار الحروب بالوكالة التى تجرى بين إيران والسعودية على أراضٍ بديلة، كما يحدث فى سوريا، وفى اليمن حاليًا، وهو ما يستدعى بطبيعة الحال دعمًا أكبر للحركات الإسلامية الراديكالية المتشددة التى تحارب إيران فى العراقوسوريا، ويعنى أيضًا أن خريطة جديدة من التحالفات الإقليمية سوف تتشكل، إذا أخذنا فى الاعتبار أن تحالف عاصفة الحزم سينفك بمجرد حل الأزمة اليمنية لأن الدول المشاركة فيه ليس لديها نفس الأجندة تجاه باقى القضايا محل الخلاف الإيرانى العربى، وهو ما دفع جامعة الدول العربية لإصدار قرارها بعدم إجبار الدول المشاركة على التدخل عسكريًا فى أزمات لاحقة، وتركت الأمر اختياريًا. فى المقابل، فإن الولاياتالمتحدة التى سترفع العقوبات عن إيران، ستسعى فى الوقت نفسه لتقوية أعداء إيران فى المنطقة لكى تتمكن من خلق توازنات فى منطقة الشرق الأوسط، وهو ما بدا واضحًا بعدما قررت الولاياتالمتحدة دعم عاصفة الحزم، وأفرجت عن شحنة المعونات العسكرية التى ترسلها لمصر، من أجل خلق هذا التوازن. المشهد الجديد فى الشرق الأوسط المشهد الجديد فى الشرق الأوسط، يشى بمزيد من التعقيد بعد أن تنفك عزلة إيران الدولية، فهى من ناحية ستتعافى اقتصاديًا وتتفرغ لدورها الإقليمى، ومن ناحية أخرى، ستسعى الولاياتالمتحدة لخلق توازن نوعى فى تلك المنطقة لكى تتفرغ لملف دول شرق آسيا الذى تنوى التغلغل فيه. الاتفاق تاريخى من جانبه علق السفير محمود فرج رئيس مكتب رعاية المصالح المصرية فى إيران سابقا بقوله: "ما حدث اتفاق تاريخى، يعطى إيران فرصة للحركة فى المنطقة العربية كلها، خاصة مع سورياوالعراقولبنان والمنطقة كلها، سيحاول الإيرانيون إبداء صورة جيدة والالتزام بما تم الاتفاق عليه. وعن رد فعل الجانب الإسرائيلى الرافض للاتفاقية قال فرج "إسرائيل صمتت، وبينها وبين إيران علاقات ممتدة وتجارة سرية وسلاح ومخدرات واستيراد وتصدير". وأبدى فرج تأكده من أن إيران ستحرص على اتمام الاتفاق، وكذلك أمريكا لما فى ذلك من مصالح مشتركة بين إيران والغرب من علاقات اقتصادية وتجارية وغيرها. ويدلل فرج على كلامه بالمشروعات الجارية بين الطرفين الإيرانى والأوروبى قائلاً: "بدأت تباشير هذا الاتفاق فى الظهور فى حركة الشركات التجارية تجاه أوروبا، وهناك مشروعات بترول وغاز، خاصة مع انجلترا تصل إلى 30 مليار جنيه إسترلينى فى السنة، بينما بلغت تجارة الإمارات مع إيران 60 مليار دولار . وعن الخريطة العربية بعد عقد الاتفاق يرى فرج "أن جميع ذلك متوقف على حسن النوايا والتوافق فى المرحلة المقبلة والتى ستقودها دول كبرى كالسعودية ومصر والجزائر والمغرب مؤكدًا وجود علاقة اقتصادية جيدة ونوع من التواصل على كل الأصعدة الثقافية والاجتماعية والعسكرية.. إلخ. وعن تخوف البعض مما يسمى "المد الفارسى" ورغبة إيران فى توسعات لها على مستوى الدول العربية واسترداد أمجادها، قال فرج: "هو أمر مبالغ فيه، بالضرورة سيتمخض الاتفاق عن إيجابيات عدة، وسيتوقف ذلك على كيفية تعاطى المنطقة مع الاتفاق الإيرانى، والدخول مع إيران على تفاهمات لصالح المنطقة. وشدد على إمكانية إخضاع إيران لغير هذا الاتفاق خاصة مع رغبة إيران فى الخروج من حصارها إلى الخارج لمواجهة مشاكلها الاقتصادية. من جانبه قال محمد حسين أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة هو "اتفاق إيجابى أتى بعد مفاوضات طويلة، لم يثن إيران عن المضى قدمًا عن البرنامج النووى، وقد تحفظت إيران ضد الغرب مع التفتيش المستمر على المنشآت النووية الإيرانية وعلى أنها لم تصنع قنبلة". وعن المشروع النووى الإيرانى وما إذا كان سيتوقف بعقد هذا الاتفاق قال أستاذ العلاقات الدولية: "إيران مناور بارع ومفاوض جيد فى العلاقات الدولية، منذ سنين تفاوض وتراوغ ولم تغلق الباب واستفادت من التفتيش على العراق وكوريا الشمالية، ستسير فى برنامجها، وأرجح دخولها لمصاف الدول الكبرى ما سيحدث أنه سيتم تبطئتها ولن تمتنع ولن يستحيل عليها إنتاج القنبلة النووية. قنبلة إيرن لن تكون مصدر تهديد وعما إذا كانت تلك القنبلة مصدر تهديد للمنطقة العربية قال حسين: "قنبلة إيران بالنسبة للوضع العربى لن تكون مصدر تهديد، ولكنها تقلق الدول المحيطة". ويسترسل حسين فى الشرح قائلاً: "القنبلة لا تهدد أمريكا باعتبارها دولة نووية كبرى، ولكنها قلقة لأن أمريكا تحتاط ولا تريد أن يكون هناك مصدر تهديد ولو بعد سنوات". وعن موقف إسرائيل قال: "قلقة وحتما ستقلق الدول العربية كالسعودية ومصر ما يدفعها إلى الضغط على أمريكا لإخفاق الاتفاق، لانها ستهددهم فالأقليات الشيعية فى تلك الدول قد تستقوى وتزيد مطالبها، كما حدث فى البحرين من تمرد شيعى تم إخماده بواسطة درع الجزيرة التابع للامارات والسعودية . وقال هذا الاتفاق سيؤدى الىرفع العقوبات الأوروبية عن إيران الذى فرضه مجلس الأمن، وسينتعش الاقتصاد الإيرانى حتما. وأوضح الخبير فى الشأن الإيرانى محمد محسن أبو النور: "من حيث المبدأ يجب القول إن تلك الاتفاقية لن تغير فقط من موازين القوى فى إقليم الشرق الأوسط، بل ستغير من السياسات الخارجية لدول الإقليم لمجاراة الوضع الطارئ والذى أنتجته الاتفاقية بخروج إيران قوة رئيسية فى الإقليم تتحدث باسم 5 ملفات، ما يعنى أن اتفاق لوزان تجاوز البرنامج النووى إلى الأمن الإقليمى بحيث خرجت إيران شريكة للقوى الكبرى فى مكافحة الإرهاب فضلاً عن تأمين ممرات الطاقة من الخليج إلى أوروبا التى يقف اقتصادها على حافة تلك الطاقة. وعن تداعيات الاتفاق النووى وأثره على سيناريوهات العلاقات الإيرانية العربية قال أبو النور: "أتصور أن الدول العربية خاصة تكتل دول مجلس التعاون الخليجى الخمس بالإضافة إلى الأردن ومصر سيتعاملون وفقًا لبنود اتفاقية جدة، ما يشير إلى أن تشكيل القوات العربية المشتركة أصبح ضرورة وليس رفاهية بروتوكولية". وأكد أصبحت دول الخليج مقتنعة تمامًا بأهمية تشكيل تلك القوات ومن المرجح أن يتمخض اجتماع رؤساء أركان الحرب العرب فى المملكة العربية السعودية عن تشكيل فعلى لتلك القوات". وعن الخريطة الدولية قال الخبير فى الشان الإيرانى: "أتوقع أن تنتقل ساحة الصراع الدولى على الأمن والنفوذ من إقليم الشرق الأوسط إلى إقليم جنوب شرقى آسيا فى منطقة دول الآسيان خاصة بعد أن حصلت القوة الرئيسية فى المجتمع الدولى على اكتفائها الذاتى من الإنتاج النفطى من الزيت المستخرج من بين الصخور. وأضاف: "مؤخرًا لم يعد أمام القوى الرئيسية فى العالم (واشنطنبكين، موسكو) إلا التنافس فى منطقة دول الآسيان لاعتبارات متعددة أهمها النمو الاقتصادى المطرد وكونها منطقة بكر سياسيًا وإستراتيجيًا، ويمكن القول إن أهم ما تمخضت عنه الاتفاقية الإطارية النووية بإيجاز غير مخل أنها: نقلت ساحة الصراع من منطقة الشرق الأوسط إلى منطقة دول جنوب سرقى آسيا. موضوعات متعلقة -مسئول بالجيش الإسرائيلى: الاتفاق النووى الإيرانى ليس سيئا