قالت صحيفة الجارديان البريطانية، إن رفض العلمانية من جانب أغلبية الشعب المصرى يمثل عائقاً كبيراً أمام الديقراطية فى مصر، وتحدثت الصحيفة فى المقال الذى كتبه أسامة دياب عن الهدنة السياسية الهشة بين الإسلاميين والعلمانيين فى البلاد. وقالت إن القوى الإسلامية والعلمانية متفقة حول أمر واحد فقط، وهو ضرورة رحيل نظام مبارك. ولذلك فهو يطرح تساؤلاً عن المدى الذى يمكن أن تظل عنده هذه القوى متحدة بعد تحقيق هدفها. ويوضح الكاتب مقصده بالقول إن المعارضة فى مصر يوحدها العداء لمبارك على الرغم من تنوع أطياف هذه المعارضة ما بين إسلاميين وليبراليين وناصريين، واعتبر أن جماعتى كفاية وشباب 6 إبريل تمثلان مثالاً جيداً للجماعات التى حظيت بشعبية كبيرة ونجحت فى جذب المصريين من مختلف الخلفيات السياسية والدينية والاجتماعية. واعتبر دياب أن وحدة المعارضة ليست دلالة على الحب أو انسجام الأيدولوجيات ولكنها ببساطة تعكس الإدراك بأن التغلب على وجود مبارك فى السلطة يتطلب نوعاً من التحالفات الشعبية، التى كانت موجودة آخر مرة أثناء مقاومة الاحتلال الأجنبى لمصر. فالأحزاب المختلفة تتفهم أن ظهور الديمقراطية فى مصر هى فرصتها الواقعية الوحيدة للوصول إلى السلطة من خلال وسائل شرعية وفى انتقال سلس للسلطة. وهذا يعنى أن التحالف الحالى بين المعارضة مرتبط بظهور الديمقراطية، فبمجرد تحقيقها، ستعود الخلافات بين المعارضة إلى السطح من جديد. واعتبرت الصحيفة أن هذا الأمر يطرح تساؤلاً مهماً يتعلق بالمشهد السياسى فى مصر بعد مبارك. وأجابت قائلة إن زيادة التدين فى مصر تزامن مع مجتمع عولمى يتبنى فيه مزيد من المصريين كل يوم المفاهيم الحديثة لحقوق الإنسان. وهذا التباين سيجعل من الصعب على العلمانيين والإسلاميين إيجاد أرضية مشتركة. وترى الجارديان أن النظرة السلبية للعلمانية فى عقول أغلبية المصريين ستكون أمراً محورياً فى جدل سياسى فى المستقبل. ففى المجتمعات الدينية المحافظة مثل مصر تُرفض العلمانية كما أسسها كمال أتاتورك، ومن المفارقات أن الكثير من المصريين يوافقون على الفصل بين الدين والدولة دون أن يسموا ذلك علمانية، أو حتى يعترفوا بأن ذلك يجعلهم علمانيين. وهذا الفهم الخاطئ للعلمانية فى مصر يمثل عائقاً أمام الديمقراطية، فعلى الرغم من أن أغلب المصريين يفضلون التدين، إلا أنهم يخشون عدم تسامح أى حكومة إسلامية يمكن أن تتولى زمام الأمور، بما فى ذلك جماعة الإخوان المسلمين "المعتدلة". ولهذا السبب، فإنهم يفضلون الحكم الاستبدادى عن حكومة إسلامية منتخبة من الممكن أن تحول البلاد إلى دولة دينية متشددة. ويقاوم المصريون التغيير خشية من أن يؤدى إلى عواقب غير محمودة، وللتغلب على المخاوف من التغيير، هو ألا يكون هذا التغيير جذرياً، بمعنى أن المعارضة وهى تحارب الديكتاتورية وحالة الطوارئ، يجب أن تبقى عينها على المستقبل وتتوافق على إطار عام يمكنهم العمل فى ظله. ولعل الشعبية الكبيرة التى يتمتع بها المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعى، تمنح أملاً بأن التغيير فى مصر لا يجب أن يقوده الإسلاميون. بل إن هذه الشعبية تكشف أيضا عن أنه على الرغم من الجهود الحثيثة التى بذلها النظام فى العقود الأخيرة لسحق أى بدائل علمانية وإظهار أن الإسلاميين أو الإخوان المسلمين هم البديل الوحيد لمبارك من أجل إرهاب العلمانيين والمجتمع الدوليين، فإن العلمانية لا تزال موجودة فى مصر. وخلصت الصحيفة فى النهاية إلى القول بأن العلمانيين فى حاجة إلى تفسير العلمانية بشكل لا يظهرها معادية للدين، فمثلا الرئيس الأمريكى باراك أوباما مسيحى متدين إلا أنه مؤمن بالدولة العلمانية. ومن أجل أن تحظى المعارضة العلمانية بشعبية كبيرة، يجب أن تكون قائمة على احترام حقوق الإنسان العالمية وعدم التمييز على أساس الدين أو الجنس وما إلى غير ذلك وهو ما لن يقدمه أى نظام إسلامى، ولكن سيوفره نظام علمانى قائم على المساواة. للمزيد من الاطلاع اقرأ عرض الصحافة العالمية على الأيقونة الخاصة به.