قدر الله أن نعيش ونحتفل هذه الأيام بمناسبتين عطرتين جليلتين فى نفوسنا جميعا، لا تفصل بينهما سوى أيام قليلة كما لا تفصل بين رسالات أصحابهما إلا أشياء يسيرة، فما جاء به النبى محمد والسيد المسيح عيسى بن مريم ليخرج من مشكاة واحدة، أيها العالم، مبارك عليك ميلاد النبى الهادى محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبة وسلم وميلاد السيد المسيح عيسى بن مريم صلوات الله وسلامه عليه. ولكأنى أرى بعين الخيال فى عالم المحال رسول الله، وهو ينظر إلى الأرض نظرة أسى وعلى ثغره الشريف بسمة أمل، مشفقا على هذا العالم مما يكابده من مآسٍ وأحزان وظلمات ويود لو ينتهى هذا كله، وكأنى أرى السيد المسيح وهو يتمنى لو يحتضن آلام العالم ويذيبها فى قلبه حتى تذهب بلا رجعة وكأنى أرى كلاهما رافعا يديه للسماء داعيا الله أن يخلص تلك البشرية المعذبة من آلامها، ويهدى الحيارى إلى طريق النور، وكأنى أراهما متصافحين متعانقين . يارب.. نبتهل إليك فى هذه الأيام بكل ما أوتينا من قوة وبكل ما فى قلوبنا من أمل أن تجعل لاحق الأيام خير من سابقها وأن تهدينا جميعا إلى سبيل الرشاد، وما فيه رضاك وأن تخلصنا من كل شر وسوء لا ترضاه لنا وأن ترزقنا المحبة والوحدة والأمن والأمان والرضا والاستقرار وهناء النفس وراحة الضمير فلقد أرهقتنا الأيام وتخطفتنا الهموم والآلام، وما لنا سواك ندعوه فتقبل منا يا الله واستجب .. آمين .