سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
دار الإفتاء: "الطلاق" ليس هدما للأسرة.. والإسلام جعله بيد الرجل لأنه يضبط مشاعره أكثر من المرأة وينفق عليها.. والرسول حذر من التهاون بشأنه.. والشريعة حفظت للمطلقة حقوقها
قالت دار الإفتاء المصرية أن الإسلام جعل الطلاق بيد الرجل وليس المرأة لأنه هو "الأضبط لمشاعره من المرأة، فكثير من النساء لا تستطيع ضبط مشاعرها فى كثير من المواقف، لاسيما مواقف الحياة الزوجية، لأنها تحتاج إلى خبرة كبيرة، وتحتاج إلى نوع من التفكير يغلب عليه العقل لا العاطفة التى هى سِمْة المرأة، والمرأة لا تفطن لذلك غالبًا، لذلك جعل الله القوامة فى يد الرجال". وتأتى هذه الإجابة فى إطار بحث أعده قسم الأبحاث الشرعية بالدار، فى ردها على شبهة وجهها سائل قائلا: لماذا شرع الإسلام أن يطلق الرجل زوجته؟ حيث جاء فى القرآن: {لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [البقرة 236]، ومن ثَمَّ فقد أباح القرآن للرجل، بإرادته المنفردة، بدون رجوعٍ لأحد فيما يريد، أن يَهْدِم أسرته ويقوِّض أركانها ويشتتها، فيوقع يمين الطلاق على زوجته. وأضاف السائل "من المبكيات أن نرى الرجل المسلم إذا تشاجر خارج البيت، وحلف اليمين ثلاثًا يطرد زوجته الآمنة من بيتها، لا لسببٍ إلا لأنه حلف فى مشاجرة لا ناقة للمرأة فيها ولا جمل! ثم يقولون: "إن أبغض الحلال عند الله الطلاق"، فكيف يُحَلِّل الله شيئًا يكرهه؟ أليس الأصح أن ما يكرهه يُحَرِّمه؟". وأشار البحث إلى أنه من أسباب جعل الطلاق بيد الرجل، لأنه هو المنفق، فقد كلَّفه الله بتكاليف إقامة هذا البيت، كما كلَّفه كذلك بدوام الإنفاق عليه، فهو أكثر من غيره حرصًا على بقاء هذا البيت؛ ولما كان الإسلام حريصًا على بقاء الأسرة وَكَّل هذا الأمر إليه، وأضاف أنه وليس فى كل طلاق، كما قال السائل، هدمًا للأسرة وتقويضًا لأركانها، بل قد يكون الطلاق هو الحل الوحيد لراحة كلا الطرفين، والصورة التى فرضها السائل لرجل يتشاجر مع آخر، ثم يحلف طلاقًا يترتب عليه طرد زوجته من بيتها، هذه صورة للعوام وغير المتدينين من المسلمين، وليس من الصحيح أن يُحْكَم بها على سائر المسلمين، وإنما الصحيح أن سائر المسلمين يحتاطون فى أمر الطلاق ولا يتسرَّعُون فيه كما ذكر السائل. وأضاف قسم الأبحاث الشرعية فى رده على الشبهة قائلا "أباح الله الطلاق ليحل بذلك كثيرًا من المعضلات التى قد تحدث بين الزوجين ولا يكون لها حَلٌّ إلا الانفصال، فقد يتزوج الرجل امرأة ثم يتبين أن بينهما تباينًا فى الأخلاق، أو تنافرًا فى الطباع، وقد يظهر أن المرأة عقيم لا يتحقق معها أسمى مقاصد الزواج، وهو لا يرغب فى التعدد، أو لا تستطيعه، إلى غير ذلك من الأسباب، التى لا تتوفر معها المحبة بين الزوجين،، والقيام بحقوق الزوجية كما أمر الله، فيكون الطلاق لذلك أمرًا لا بد منه للخلاص من رابطة الزواج التى أصبحت لا تحقق المقصود منها. وأشار إلى أن الإسلام عندما أباح الطلاق، عالج ما يترتب عليه فأثبت للأم حضانة أولادها الصغار، حتى يكبروا، وأوجب على الأب نفقة أولاده، وأجور حضانتهم ورضاعتهم، ولو كانت الأم هى التى تقوم بذلك. وعن معنى حديث "إن أبغض الحلال عند الله الطلاق"، أكد قسم الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء، أن الله أحله وأراد من عباده ألا يتسرعوا إليه بل يجعلوه آخر الحلول فلا يلجئون إليه إلا عند الاضطرار، مضيفا أن بغض الله للطلاق تنفير للمسلمين من التسرع إليه، ولذلك نفّر من الطلاق وبغَّضه إلى النفوس، فقال صلى الله عليه وسلم:- "أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلاَقَ فى غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ"(2) وحذَّر من التهاون بشأنه، فقال عليه الصلاة والسلام :- "ما بال أحدكم يلعب بحدود الله، يقول، قد طلقت، قد راجعت". وأنهت الدار بحثها بالقول "وليس الطلاق استهانة بقدسية الزواج كما يزعمون، بل هو وسيلة لإيجاد الزواج الصحيح السليم، الذى يحقق معنى الزوجية وأهدافها السامية، لا الزَّواج الصورى الخالى من كل معانى الزوجية ومقاصدها، إذ ليس مقصود الإسلام الإبقاء على رباط الزوجية كيفما كان، ولكن الإسلام جعل لهذا الرباط أهدافًا ومقاصد، لا بد أن تتحقق منه، وإلا فلا، وليحل محله ما يحقق تلك المقاصد والأهداف"