نقلا عن العدد اليومى : المرأة هى المرأة، مهما تغيرت العصور، فلن تجد امرأة لا تكون الغيرة مكونًا أساسيًا فى طبيعتها، فلن تجد من ترضى بأخرى تشاركها فيمن أحبته واختارته فى الدنيا زوجًا لها، حتى وإن كانت هذه ال«الأخرى» هى مكافأة من الله لزوجها على قوة إيمانه، وجهاده واستشهاده فى سبيل الحصول فى النهاية على «الحور العين» حتى وإن اختارها زوجها فى الجنة. تساؤلات عديدة ربما لا تدور برأسك كرجل وأنت تفكر فى «الحور العين»، فغالبًا ما ينصب كل اهتمامك حول مواصفات جمالهن، لكن للمرأة ألف سؤال وسؤال، منها ما يتعلق بوجودهن أولاً، ومن ثم العدالة الإلهية، والنظرة الذكورية، وغير ذلك، حول هذه التساؤلات كان ينبغى أن نعرف وجهة نظر المرأة المبدعة وكيفية نظرتها ل«الحور العين»، وهن: دينا يسرى، وإيناس حليم، وهبة خميس. أنا والحور العين.. تحليل تكتبه: هبة خميس هل يمكن لامرأة أحبّت زوجها أن تراه فى أحضان أخرى، ولو كانت من الحور العين؟ هل يمكن أن يقرر زوجى أن يتركنى لأنه رأى امرأة أجمل يقول إنها خالية من العيوب فى الآخرة؟ هل يمكنه أن يرى عيوبى أصلاً؟ وأنا لا أرى عيوبه ولن أستبدل به أحدا لا فى دنيا ولا آخرة. تسخر منى صديقتى عندما أخبرها أننا تزوجنا فى الدنيا والآخرة ولن تقدر الحور العين على انتزاعه منى. فى مشهد من فيلم «بنتين من مصر» تتساءل زينة عن وضع الفتاة التى لم تتزوج فى الآخرة، تنتظر الرد المثالى عن الحور العين من الرجال، تصدم من حقيقة أنها لن تجد «حور عين رجال» أبداً وتقول «يعنى لا فى الدنيا ولا الآخرة؟». فى بحث سريع على جوجل عن الموضوع أجد آلاف العناوين المحاصرة عن ماذا أعد الله للرجال الصابرين فى الآخرة، وفى بحث طويل جداً لا أجد شيئاً عن المرأة كأنها لا تعد من حسابات الشيوخ والمفسرين، صادفنى جواب واحد فقط عن سؤالى وكان: قال الشيخ ابن عثيمين: إنما ذكر– أى الله عز وجل– الزوجات للأزواج لأن الزوج هو الطالب وهو الراغب فى المرأة، فلذلك ذكرت الزوجات للرجال فى الجنة وسكت عن الأزواج للنساء، ولكن ليس مقتضى ذلك أنه ليس لهن أزواج.. بل لهن أزواج من بنى آدم. لن أعتبره جوابا أبداً، وأثق فى عدل الله الذى لن يبعد امرأة تحبه عن أحضان زوجها بحور عين أو غيرهن. مهرجان الأقنعة المجيد.. تحليل تكتبه: إيناس حليم معطف «فيرجينيا وولف»: تولد البنت فيهديها العالم معطفًا سميكًا على كل لون، له جيبان واسعان وفارغان تمامًا.. يتوالى الأهل، المدرسة، الشارع، العمل، المجتمع، الرجل.. جميعًا جميعًا على إثقالهما بالحجارة.. يختنونها فيضعون حجرًا، تقص المُدرسة ضفيرتها فيضعون حجرًا، يمنعونها من اللعب مع الصبيان فى الساحة فيضعون حجرًا، يغلقون عليها الأبواب بطرائق مختلفة، يشعرونها بالذنب فى كل خطوة: يا بنت جسدك عورة، شعرك عورة، وجهك عورة، ابتسامتك عورة، عطرك عورة وووو.. أنتِ أصلاً عورة. أحجار وأحجار من شأنها إفقادها الثقة بنفسها، بالعالم، تعرقل خطواتها فتتماهى معانى الصواب الخطأ والرضا، كأنها وراء غيمة، تتسع الهوة بينها وبين الحقيقة، بينها وبين السعادة، تنضم إلى مهرجان القوالب (أرض واسعة مقسمة طوليًا وعرضيًا إلى مساحات تتسع لقوالب محفورة متساوية الحجم، قوالب بعمق بئر ليس له سلم). عندما تسقط البنت فى البئر تلتف حولها البهلوانات، يرقصون ويصفقون، يعزفون على آلات النفخ النحاسية لحنًا واحدًا صاخبًا ومبهجًا، تُصدق البنت أنها سعيدة فتبدأ تباعًا بالتصفيق لنفسها. قصة حقيقية: منذ فترة شاهدت فيديو على أحد مواقع التواصل الاجتماعى، لشيخ معروف كان يخطب فى الرجال من فوق منبره فى المسجد، فيحكى لهم عن حوراء العين.. اللؤلؤ المكنون، البيضاء البهية الصافية كما الياقوتة.. البكر العاشقة التى تنتظر الرجل الصالح عندما يدخل الجنة. يصف لهم الدخول من الأبواب، حيث كلما فتحوا بابًا وجدوا وراءه حورا عينا أجمل من اللواتى قبلهن، يتأملهن ويتمناهن ويفتح كل الأبواب مستقبلاً الأبهى والأجمل، حتى يفاجأ عند فتحه للباب الأخير أنه يجد زوجته، يصيح أحد الحاضرين «تف من بقك يا شيخ»! آلمنى هذا الفيديو بقدر ما استفزنى! ومن قال إنها لن ترد بنفس الجملة «تف من بقك يا شيخ»؟ ومن قال إنها ستتمناك فى الجنة أصلاً؟ يحكون عن الحُسن فى عيونهن فأقول: الله العدل. وماذا عن اللواتى لم يرزقهن الله بالزوج؟ وماذا عن اللواتى اختبرن تجربة زواج قاسية وزوجًا أقسى؟ ماذا سيفعلون فى الجنة؟! هل لهم الدنيا والآخرة وليس لنا شىء؟ يقولون لها الحُلى وحُسنٌ يفوق حُسن الحور. هل يكفى؟! أسألهم عن الرجل الذى ارتضيتُ ظله فى الدنيا وارتضى ظلى.. كيف أقبل فيه شريكة؟! وهل سيقبل هو له شريكا؟ فى جسدى أم قلبى؟ أسألهم عن الغيرة؟ يردون لن تكون فى الجنة. كيف علمتم! وماذا إذا لم يخترنى زوجى؟ أسألهم عن الرغبة؟ فيصمتون. أرد على صمتهم فى قلبى: الله العدل. فكرة: لو قدر الله لى أن أطأ الجنة ووجدتُ ما يقولونه صحيحًا، فسأطلب من الله معطفًا جديدًا، سأملأ جيبيه بحجارة الجنة وأقفز إلى أحد أنهاره حتى تمتلئ رئتى على آخرهما بالخمر. «للذكر مثل حظ الأنثيين».. تحليل تكتبه: دينا يسرى «للذكر مثل حظ الأنثيين» لكن تلك المرة الأنثى خارج السياق، خارج الحدث «برة اللعبة». كان ومازال الله فى السماء منذ بداية الخلق، وكان شاهدا على كل الجدالات التى حدثت بين الرجل والمرأة والتى ستحدث، فلماذا كل هذا الاحتفاء بالرجل؟ هل كان يراهن الله على صبر المرأة؟ على حد علمى أنه لم يكن يوم بظالم. لماذا على تقبل فكرة أن الذى وهبت له روحى وكرست عمرى كله لخدمته دون تذمر أنه فى نهاية المطاف سيكون لأخرى غيرى، أمر لا يحتمله عقل. كثيراً ما فكرت فى الأمر وفى كل مرة أصل لنتيجة حاسمة ألا وهى الرفض. أنا لا يعنينى فى كل هذا الموضوع سوى الجزء الذى يخصنى، الكناية التى ارتبط اسمى بها. ماذا لو أحببت أن أثير غيرته ذات مرة فماذا سأقول وهو الذى يملك من الحور العين ما لا نملكه نحن معشر النساء. لا أعرف بالتحديد ما الحكمة من ذلك، ربما حتى تستقيم الآخرة. فى صغرى كثيراً ما كان يتنامى إلى مسامعى أن المرأة فى الجنة يحق لها أن تطلب زوجها كلما جال بخاطرها، فماذا لو أردته وكان مع إحداهن؟ هو يعرف أنه لو حدث واشتهى غيرى سأقتله ولكن ليس هناك قتل فى الجنة، وأنا لم اعتاد وضعية يدى على خدى فى انتظار وسيط. أعتقد أن الله خص المرأة بإحساس الأمومة، الحمل والولادة لأمور مثل تلك، كانت جدتى تقول ومن بعدها أمى تردد أن المرأة بمجرد أن تصبح أما فلا شىء يثير اهتمامها سوى طفلها وكم من نساء ترملت وطلقت واختارت أولادها ملاذًا لها، على النقيض لا يتهاونون هم لحظة فى البحث عن زيجة أخرى لتلبى رغباتهم. أهكذا كان الله عادلا حين قال إن الجنة تحت أقدام الأمهات وخص بها الأنثى ليصبح الذكر تلك المرة خارج السياق والحدث، أنا أعرف بأن اللحظة التى سأضع فيها يدى على رحمى ستمتد أنامل صغيرى تلقائياً لتلامسنى فأنسى العالم وما فيه، ولكننى أعرف أيضاً أننى امرأة متطلبة وأن مشهد مثل هذا ينقصه احتواء يتبعه حضن رجل آثرته على نفسى. وك«دينا» أحب أن أعبر للجانب الآخر من الحياة مطمئنة البال بأن ثلاثتنا معاً دون أخريات. وربما أبدأ من الآن الدعاء بأن أكون له تلك الحور العين التى وعد الله بها. «وياخد المقلب».