رئيس مجلس الشيوخ يستقبل وفداً من وزارة العدل    هيئة الدواء المصرية تبحث مع شركة «وقاية» الإماراتية تعزيز منظومة إدارة المخلفات الطبية والدوائية    محافظ الدقهلية يبحث استغلال أرض بميت غمر لإقامة مشروع خدمي استثماري    محافظ البحر الأحمر: معدلات السياحة مرتفعة.. و150 شاشة بالمنشآت تنقل افتتاح المتحف الكبير    رئيس جهاز حدائق العاصمة: 4000 أسرة مقيمة بالكامل.. وبدء ترفيق منطقة البوليفارد الترفيهية    مفاجأة جديدة من البريد.. سلفة 3 أضعاف المعاش بدون ضمانات    أخبار كفر الشيخ اليوم.. كشف لغز العثور على جثمان مقاول    أبو الغيط يلتقى جوزاف عون لبحث تطورات الوضع في لبنان والمنطقة    وزيرا خارجية الصين وكازاخستان يبحثان تعزيز التعاون الثنائي    مجلس الوزراء يطلق مشروعات طاقة متجددة في مختلف مناطق المملكة باستثمارات تتجاوز 9 مليارات ريال    إعصار ميليسا يضرب اليابسة في جامايكا كعاصفة من الفئة الخامسة    خطوات حصول الجماهير المصرية على بطاقات المشجعين في كأس الأمم.. وتأشيرة المغرب الإلكترونية    أتالانتا يواجه ميلان في قمة الجولة العاشرة من الدوري الإيطالي    لميس الحديدي: الخطيب أثبت أن الأهلي يدار بالخبرة والحوكمة    ضبط سائق ميكروباص تعدى على قائد سيارة نقل بالقليوبية    إصابة طفل سقط فى بالوعة صرف صحى بالعمرانية    أخبار الفن اليوم:" طرح برومو النسخة الجديدة من برنامج "أبلة فاهيتا".. تطورات الحالة الصحية ل أحمد الحلواني بعد جراحة بالقلب.. ملتقى RT DOC للأفلام الوثائقية يكرم اسم الراحل يحيى عزمي    فى ذكرى رحيله.. غانم السعيد: طه حسين لم يكن مجرد كاتب بل مشروع نهضة متكامل    الصحة: فحص أكثر من 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    بحضور وزير والرياضة، عمر هشام يعلن انطلاق بطولة مصر المفتوحة للجولف 2025 بملاعب مدينتي    "مطروح للنقاش" يناقش إعلان ترامب رغبته لقاء زعيم كوريا الشمالية    قبل يومين من عرضه.. زينة تنهي تصوير مسلسل ورد وشوكولاتة    أمين الفتوى: زكاة الذهب واجبة فى هذه الحالة    زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب بحر باندا بإندونيسيا    مرور مكثف على وحدات الرعاية الأساسية بالمنوفية ومتابعة جاهزية وحدة شوشاي للاعتماد    كورييري ديلو سبورت: إصابة دي بروين تبعده لمدة قد تصل إلى 4 أشهر    عنف التلامذة!    رئيس المؤسسة العلاجية في جوله تفقديه بمستشفي هليوبوليس    فيديو.. سفير طوكيو لدى القاهرة: مساهمات اليابان في المتحف المصري الكبير تقوم على 3 ركائز    التحالف الوطني يستمر فى تدفق شاحنات الدعم الإغاثى إلى قطاع غزة.. صور    ما هو سيد الأحاديث؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح أعظم حديث يعرّف العبد بربه    خالد الجندي: «الله يدبر الكون بالعدل المطلق.. لا ظلم عنده أبداً»    اتخاذ إجراءات ضد استخدام الهاتف المحمول.. وكيل تعليمية قنا يتفقد مدارس نقادة بقنا    "فتح": الإجماع على تنفيذ اتفاق شرم الشيخ خطوة استراتيجية    متحدث الوزراء: 40 رئيسا وملكا ورئيس حكومة يشاركون بافتتاح المتحف الكبير    شوبير ينفي تلقي داري عرضا من ليبيا ويكشف موقف الأهلي من مستقبله    غدًا.. انطلاق ملتقى التوظيف الأول لأسر الصحفيين بالتعاون مع «شغلني» بمشاركة 16 شركة    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    قبل الشتاء.. 7 عادات بسيطة تقوّي مناعتك وتحميك من نزلات البرد والإنفلونزا    رسميًا مواعيد المترو بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 2026 بالخطوط الثلاثة    محمد عمر: الأهلي والزمالك لن يعترضا علي تأجيل مباريات بيراميدز    عون يؤكد ضرورة وقف الخروقات الإسرائيلية المستمرة على لبنان    افتتاح المبنى الإداري الجديد لكلية الهندسة جامعة الأزهر في قنا    تطوير الشوارع الداخلية بالشهداء والعبور والمنطقة الرابعة بالإسماعيلية    فوزي إبراهيم بعد حلقة الحاجة نبيلة مع عمرو أديب: «المؤلفون والملحنون شاربين المر ومحدش بيذكر أسماءهم»    قوافل جامعة قناة السويس تتوجه إلى قرية أم عزام لتقديم خدمات طبية    نجم اتحاد جدة السابق يضع روشتة حسم الكلاسيكو أمام النصر    الطائفة الإنجيلية: التعاون بين المؤسسات الدينية والمدنية يعكس حضارة مصر    وزيرة التخطيط: تهيئة بيئة الاستثمار لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص    ضمن «صحح مفاهيمك».. واعظات «الأوقاف» يقدمن لقاءات توعوية لمكافحة العنف ضد الأطفال بشمال سيناء    الرئيس السيسى يثنى على الخدمات المُقدمة من جانب صندوق تكريم الشهداء    اعترافات صادمة لقاتل مقاول كفر الشيخ.. أمه غسلت هدومه من دم الضحية    حملات أمنية مكبرة بكافة قطاعات العاصمة.. صور    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    غيران ولا عادي.. 5 أبراج الأكثر غيرة على الإطلاق و«الدلو» بيهرب    ضبط 3 أطنان دقيق في حملات مكثفة لمواجهة التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمال عدوى شاعر الحزن والألم

لاشك أن الشاعر جمال عدوى من الأصوات الشعرية المتميزة فى اللحظة الراهنة، لما له من صوت مائز ورؤية غائرة ووجع سرمدى داخل الذات ومع الذات الشاعرة، يحمل جمال عدوى روحه، وكأن هذه الروح هى ربة الشعر التى جعلته كائنا حيا بل وهبته الحياة نفسها، ومن ثم فقد لفت جمال عدوى الأنظار إليه منذ صدور ديوانه الأول سلفنى روحك يا إبراهيم، فقد أمسك الشاعر بأدواته الشعرية كاملة، وأضاف، فيما أظن، إلى مدرسة شعر العامية المصرية صوتا مغايرا على مستوى الرؤية والتشكيل داخل النص الشعرى، فقد يشعر القارئ / المتلقى أن النص الشعرى لدى جمال عدوى هو نص مختلف يطرق القلوب قبل الآذان، من خلال أحاديثه العميقة عن آلام الذات وتمزقاتها وجراحاتها المتعددة، فأصبحت القصيدة لديه كائنا حيا موازيا لحياته الشخصية بكل بساطتها ونضجها وحميميتها المطلقة التى لا حدود لها، وتأتى هذه الدراسة من منطلق الاحتفاء بعدوى من خلال ديوانه خلاويص الصادر مؤخرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، تتأسس بنية الديوان على مجموعة من المرتكزات المهمة التى تميز بها جمال عدوى منها: لغة الألم، والصورة الدرامية، وإيقاع الحزانى، والسرد البكائى.
فعلى مستوى الشكل نلاحظ عنوان الديوان "خلاويص" فخلاويص هى قصيدة داخل الديوان تعمد الشاعر أن تكون آخر قصيدة؛ لتعلن عن نهاية الرسالة التى توجهها الذات الشاعرة للآخر، وهى مفردة تنبع من الحس الشعبى عند جمال عدوى، لا الحس الفنتازى / الخيالى، لأنه من بيئة تقدر هذا الحس وتقدسه، فقد جاءت معظم القصائد تنحو هذ ا المنحى، ومن ثم نلاحظ الإهداء الذى يقول فيه:
إلى
كل العيال الهبل بالأحلام
فى الدنيا البخيلة حقايق
اقسموا معايا الألم
...... يمكن تخف الجراح!!!
يصنع عدوى فى الإهداء مفارقة تصويرية تتغلف بالدراما ما بين الحقيقة والخيال/ الأحلام التى لا تتحقق فى الدنيا البخيلة، ثم نرى الذات تطل برأسها، لتدعو هؤلاء الحالمين لاقتسام الألم، يمكن تخف الجراح، وكأن هذه الجراح لا تخف ولا تندمل.
كما أن المتلقى غير العادى يدرك أن المفتاح الرئيس لرؤى جمال عدوى ينبع من خلال الدعوة التى دعا فيها هؤلاء، وهى اقتسام الألم رغبة فى أن تخفف الجراح، فهو شاعر الألم والجراح الذى أضناه العشق الجنوبى، ومن العتبات النصية للديوان أيضا مقطوعة قصيرة بعنوان "رن الجرس"، وكأنها العتبة الرئيسة التى يلج من خلالها المتلقى إلى عالم الديوان الذى تصول فيه الذات وتجول.
فيقول:
"رن الجرس!
وأقلق عينيها النعسانين
فى عتمة الخوف والخرس
خليها تغسل حضنها
منك شروق
واديها حسك....
تبلعه قبل الفطار
يمكن تروق
ثبت صباعك ع الزرار
وانده لها
يمكن تصادف رنتك
لحظة حنين
تملالها لين
يمكن تراجع نفسها
ويجيها شوق
وتفتح لك الباب الحديد!"
تبدو هذه اللقطة الشعرية المكثفة محملة بالشوق والحنين والرغبة فى الحياة، ولذلك فإنها ترتكز على المفارقة ارتكازا واضحا فى قوله: رن الجرس/ اقلق عينيها النعسانين/ عتمة الخوف والخرس، تغسل حضنها منك شروق، وكأن الذات الشاعرة هى التى تمنح الآخر الحياة سواء أكان هذا الآخر المحبوبة /الحياة / الوطن /القرية.
يستمد جمال عدوى من الواقع الراهن مفرداته وسياقاته اللغوية وهذه السياقات إنما تضيف إلى مدرسة شعر العامية المصرية إضافة مهمة ،لما تحتاجة من ثقل فنى وموضوعى وهناك دراسات كثيرة تناولت أثر البيئة فى الشعر من حيث اللغة والتركيب.
فقد جاءت البنية التركيبية فى شعر عدوى مرتكزة على الجمل القصيرة المكثفة التى تعتمد على الإيقاع الممزوج بالشجن والألم، لأن الإيقاع الموسيقى هو جزء من تجربة النص أى أنه يحمل دلالة ما فى النص الشعرى.
وقد تجلى ذلك فى شعر عدوى فى قوله:
أول هام
يا أيها الولد المكبل بالقلق
حاسب
مش مستحب
إنك تغنى لموتك
ولا مستطاب لك
إنك تموت فى غناك فاحذر
صحيح أن جمال عدوى من الشعراء الذين وهبوا أنفسهم للشعر، فقد يميل إلى اللعب بالعالم داخل النص ونجده يضع حيلة نصية داخل النص ذاته يوهمك أنه يخاطب الآخر لكنه فى الوقت نفسه يخاطب ذاته هو، و كأنه يصنع مليودراما (حديث الذات لذاتها ) فالذات الشاعرة هى الرقيب الداخلى الذى يرصد تحركات العالم الخارجى، وأصبحت هذه التيمة قارة فى شعر عدوى لأنه يكتب نصه الشعرى بعيدا عن الادعاء والزيف الذى يسيطر على حياتنا الشعرية فى مصر.
* ناقد مصرى وأكاديمى
كلية الإلهيات- جامعة ريزه- تركيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.