فى مذكراتها الصادرة عن دار الشروق عام 2013، بعنوان "أثقل من رضوى"، نجدها تفتتح صفحات سيرتها باعتذار من القارئ الافتراضى، قائلة "علىَّ أن أعترف بالذنب لإشراكك فى كل هذه التفاصيل، لكن كيف أكفِّر عن ذنبى؟". ربما كتبت رضوى عاشور تلك العبارة لأنها كانت تخشى عزوف القارئ عن مواصلة قراءة مقاطع جاءت فى معظمها حزينة وموجعة، بالرغم من أنها محمّلة بطاقة إيجابية محرضة على مواصلة حياة ترى أنها "تؤطر الموت.. تسبقه وتليه، وتفرض حدوده. تحيطه من الأعلى والأسفل، ومن الجانبين". نجد فى الكتاب ذكريات ومذكرات ويوميات، تسردها علينا رضوى عاشور بسلاسة، وجمال، وعذوبة، وشجن وألم؛ فتحدثنا عن مرضها، وألمها ورحلة علاجها بأمريكا مرتين، وكيف أن المرض يكسر الكبرياء، وهذا أقسى ما فيه؛ كما تحدثنا عن معاركها المستمرة من أجل استقلال الجامعة، وعن انحياز المسئولين المعلن للبلطجية، بعد أن كان التواطؤ غير معلن. وفى 2012م قالت رضوى عاشور فى إحدى حواراتها الصحفية، أن مشروع الكتابة عن الثورة مشروع كبير، يراودنى أحيانًا، وأحيانا أقول إن التعجل ضار، ولا أعرف إن كنت سأتمكن من إنجاز هذا المشروع، للأسف لم أكن فى الميدان فى الأيام الثمانية عشرة (من 25 يناير إلى 11 فبراير)، كنت مريضة فى المستشفى، وخارج البلد، لم أتمكن من المشاركة فى اللحظة التى عشت أحلم بها، لم أتمكن حتى من متابعتها عن قرب، ما زالت تربكنى فكرة إننى استقبلت خبر سقوط مبارك حين أخبرونى به، بهدوء لأننى كنت فى العناية المركزة بعد جراحتين دامت كل منهما تسع ساعات، على أى حال لعل تضحيات الثوار حملت لى رسالة ضمنية بالمقاومة، تعافيت بسرعة نسبية، وعندما عدت إلى القاهرة، كنت بعد ساعات فى ميدان التحرير، قد أكتب عن ذلك كله ذات يوم، وقد لا أكتب، لا أدرى! لكننا فى العام التالى، أى فى 2013، تصدر رضوى عاشور مذكراتها، ونجدها تتناول الثورة فيها، إذ كان الفصل الخامس والعشرون "بيان المذبحة" فى مذكراتها من أقوى ما كتب عن أحداث محمد محمود، وعن الجرافيتى، وعن الشعر والشعراء، وعن الألتراس، عندما كتبت "إن الصفاقة لا تكمن فى هتافهم، بل فى الفعل المتجبر لسلطة فاجرة فى سياساتها وسلوكها". وتنهى رضوى عاشور مذكراتها بنهاية من أجمل النهايات فتقول، حين يراودنى اليأس أقول لنفسى لا يصح ولا يجوز، إننى من حزب النمل، من حزب قشة الغريق، أتشبث بها ولا أفلتها أبدا من يدى، من حزب الشاطرة التى تغزل برجل حمارة، لماذا لا أقول إننا، كل أسرتنا، لا أعنى أنا ومُريد وتميم وحدنا، بل تلك العائلة الممتدة من الشغيلة، والثوار والحالمين الذين يناطحون زمانهم، من حزب العناد؟ نمقت الهزيمة، لا نقبل بها، فإن قضت علينا، نموت كالشجر واقفين، ننجز أمرين كلاهما جميل: شرف المحاولة وخبرات ثمينة، تركة نخلفها بحرص إلى القادمين؛ عزيزى القارئ عزيزتى القارئة أستدرك لأنهى حديثى بالسطر التالى: "هناك احتمال آخر لتتويج مسعانا بغير الهزيمة، ما دمنا قررنا أننا لن نموت قبل أن نحاول أن نحيا".