سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الغرب لم يتوقف عن استخدام الإسلام كفزاعة فى مواجهة الفكر القومى.. خلط المفاهيم عادة غربية منذ هزيمة الشيوعية.. ومفكرون كثيرون حاولوا عقد مصالحة توفيقية بين الدين والقومية
لم يتوقف الغرب عن استخدام «الإسلام» فزاعة فى مواجهة «الفكر القومى» مثلما فعل فى مواجهة «الخطر الشيوعى»، فلقد برع الغرب دائمًا فى توظيف «الإسلام» - بالتزييف والتخويف - فبعد أن جعله حائط صد أمام الشيوعية، عاد ليستخدمه منافسًا للقومية وندًا لمفهوم «العروبة»، وبرغم التلازم التاريخى المعروف بين «الإسلام» و«العروبة»، فإن هناك من دق إسفينًا بينهما وجعل التوجهات القومية على طرف نقيضٍ مع المبادئ الإسلامية، ولوَّح هؤلاء وأولائك بمفهوم «الأممية» فى الإسلام، ليجعلوا «الفكر القومى» توجهًا دخيلاً فيه تعصب وتغليب للشعوبية، وقد وقف الغرب مرة ثانية يحتمى «بالإسلام الحنيف» ليضرب الحركات القومية وفى مقدمتها «القومية العربية». ولقد اجتهد مفكرون كثيرون لعقد مصالحةٍ توفيقية بين الدين والقومية، على اعتبار أن «الإسلام» و«العروبة» ملتصقان، إذ إن النبى محمد عليه الصلاة والسلام - هو نبىٌ عربى، كما أن القرآن قد نزل بلسان عربى مبين، ولكن الغرب حاول فى مراحل تاريخية معينة تجاهل كل ذلك، واستخدم «الإسلام» برحابته وسماحته حائط صدٍ أمام المد «القومى العربى» فى سنوات تألقه وتوهجه، وبذلك لم يعدم الغرب وسيلة أمكنه فيها توظيف الدين الإسلامى وتأثيره الواسع على أتباعه والمؤمنين به إلا وفعلها، فهو الدرع المنيع أمام الشيوعية، وهو المنافس القوى للقومية، وهو المبرر الذى يستخدم الغرب تأثيره عند اللزوم، ولا نستطيع أن نتحدث عن حلفٍ خفى بين «الإسلام» و«الغرب»، فذلك غير ممكن على المدى الطويل، ولكن الذى يحدث هو أن «الغرب» يستخدم المشاعر الدينية لدى العرب والمسلمين لتوظيفها فى خدمة مخططاته وغاياته ولا يتورع عن ذلك فى كل العصور.