"ولدت فى الباطنية لقيت كل اللى حواليا بيتاجروا فى المخدرات.. العيال اللى بالعب معاهم فى الشارع والجيران اللى باقعد معاهم والشباب اللى فى الشارع، المنطقة كلها كانت بتبيع المخدرات، فكان طبيعى ابقى تاجر مخدرات أمال هاطلع دكتور يعنى واحد يعرف أحمد حشيشة وعبده أفيونة هيطلع ظابط يعنى.." كانت هذه الكلمات ل"درديرى.أ" أحد أقدم تجار المخدرات بالباطنية عقب خروجه من 27 سنة سجن. وأضاف تاجر المخدرات التائب ل"اليوم السابع"، قضيت نصف عمرى بمنطقة الباطنية والنصف الآخر خلف أسوار السجون، ضاعت الصحة والمال وكل شىء، ولم يبق معى سوى الندم فى وقت لا يفيد فيه ندم. هناك بمنطقة الباطنية قبل 50 عامًا من الآن، حيث ولدت، كانت طوابير المخدرات تفوق طوابير الخبز والجميعات الاستهلاكية، الميزان الحساس لوزن قطع الأفيون يتحرك فى الشوارع، دون أن تستطيع قوات الأمن اقتحام هذه المنطقة التى تقع فى حضن جبل المقطم، فى منطقة الدراسة بقلب القاهرة، بسبب تضاريس المنطقة وكثرة شوارعها المتفرعة وسراديبها، حيث لا تزيد هذه المنطقة عن عدة كيلو مترات إلا أنها كانت منغلقة على نفسها بشكل كبير، حيث إن الأشخاص الموجودين بها والمترددين عليها بصفة دورية معروفين، ومن ثم يكون من السهولة اكتشاف أى عميل أو دخيل على المنطقة. كانت تدب بعض المشاجرات بين الزبائن فى الطوابير وكثيرًا ما تنتهى بالدماء، فى حين أن المنطقة كانت تسيطر عليها أسماء بارزة فى عالم المخدرات مثل "المعلمة خضرة" و"كتكت"، وتوسعت تجارة المخدرات بالباطنية لهذه الأسباب فضلًا عن أن المرشدين السريين الذين كانت تزرعهم الداخلية فى المنطقة آنذاك تفاعلوا مع التجار وحصلوا على الرشاوى، حتى أيقن الوزير المعروف أحمد رشدى بهذا الأمر، وبدأ يضخ مرشدين جدد، فضلًا عن استعانته لأول مرة بالكلاب البوليسية لاكتشاف المخدرات، وتغير معظم قيادات ضباط مكافحة المخدرات، حيث نجحت فى توجيه ضربات موجعة للتجار، وسقطت أنا فى قبضة الأمن خلال هذه الفترة قبل رحيل اللواء أحمد رشدى بوقت قليل. وأردف تاجر المخدرات التائب قائلًا، ألقت قوات الأمن القبض علىّ أثناء محاولتى إدخال صفقة أفيون قادمة من الهند إلى الباطنية، وصدر ضدى حكم بالسجن 27 سنة، ومكثت خلف الأسوار سنوات طويلة، وماتت زوجتى حزنًا علىّ، ولم يتبق لى فى السجن سوى الدموع والندم. خرجت من السجن وقد فقدت كل شىء، ولم أجد حتى قوت يومى، وقررت التوبة وبحثت عن عمل حلال دون فائدة، وخصص لى المسئولون غرفة صغيرة أسفل سلم حديقة الخالدين، لكن الجوع لا زال ينهش فى جسدى، فقد تقدم العمر وضاعت الصحة والعافية، ولا أستطيع العمل، وناشدت المسئولين عدة مرات بتوفير كشك لبيع المرطبات وشقة صغيرة لكن دون استجابة. الأمن العام يضبط 224 تاجر مخدرات و267 قطعة سلاح و11 سيارة مسروقة