سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بلغ رصيدها فى بنك الفن 240 فيلمًا..مريم فخر الدين.. أيقونة الرقة البالغة فى السينما المصرية..تزوجت أكثر من مرة وأول أزواجها المخرج الرائد محمود ذو الفقار
نقلا عن اليومى.. بوجه صبوح ومشرق كقرص شمس يرتقى درج السماء من حافة الأرض، أو كرغيف خبز يضحك للخبّاز ونار الفرن ملء استدارته، وبقسمات مُنمّقة ومحكمة الترتيب والنحت، صوّر الله وجه مريم فخر الدين فأحسن التصوير. لم تكن النشأة ولا عناصر التكوين تقليدية ومعتادة، فقد صِيغت على مثال يُقطِعُها حصةً كبيرة من التنوّع والثراء، بدءًا من مولدها فى الفيوم لأب مصرى مسلم وأم مَجريّة مسيحية، لتأتى تجسيدًا للخليط الإنسانى الكوزموبوليتانى واسع الأفق، بينما جاء التحوّل الأكثر تأثيرًا وبروزًا فى مسيرتها بفوزها بجائزة «أجمل وجه» فى مسابقة مجلة «إيماج» الفرنسية، لتتصدّر صورتها غلاف المجلة وتحصد أولى بطولاتها السينمائية، وسرعان ما برز اسمها وتألقت فى أدوار «الفيديت» التى تقود بحسنها وتأثيرها العاطفى تحوّلات العشاق، وتمثّل منعطفات درامية وإنسانية تعيد صياغة الأحداث والشخصيات، بينما ساعدها تكوينها الفسيولوجى والنفسى على إجادة تقديم الأدوار ذات الطابع الميلودرامى، لتُسطّر عبر رحلة فنية امتدت لستة عقود - منذ فيلمها الأول «ليلة غرام» عام 1951 وحتى مسلسلها الأخير «الوتر المشدود» عام 2009 - سِجِلًّا إبداعيًّا يحوى 240 عملًا، انطلاقًا من الأدوار الرومانسية الحالمة، وارتقاء لسُلّم الأداء - مع ارتقاء سُلّم العمر والنضج الفنى - إلى الشخصيات المُركّبة وثريّة البناء، عبورًا على أدوار الأم أو العجوز المتصابية أو المرأة اللعوب، بمساحات أداء وتركيب نفسى وإنسانى واسعة، كما تصدّت خلال هذه الرحلة الطويلة والباذخة للإنتاج الفنى، فأنتجت 5 أفلام لم تلعب الأدوار الأولى فى بعضها، وهو ما يعكس تصوّرًا عميقًا عن مدى رؤيتها وعمق إدراكها لفكرة الإنتاج وتقييمها لنفسها ولطبيعة الأدوار التى يمكن أن تتصدّى لها كممثلة. على غير ما اعتاد الناس فى النصف الأول من القرن العشرين، كان الزواج الأول لمريم فخر الدين على عتبات العشرين من عمرها - تحديدًا عام 1952 - وربما يعود الأمر للطبيعة الاجتماعية والثقافية لأسرتها أرستقراطية الطابع، أو لاستقلالها الشخصى والاجتماعى والاقتصادى المبكّر بخوضها غمار الفن قبل إكمال الثامنة عشرة من عمرها، فتزوّجت مريم من الفنان محمود ذو الفقار، زيجة استمرّت 8 سنوات ومنحتها ابنتها «إيمان»، لتتبعها بعد الانفصال بعدّة شهور زيجتها الثانية من الدكتور محمد الطويل، والد ابنها الثانى «أحمد»، قبل أن يقع الطلاق فى العام 1964، وتبتعد مريم عن الفكرة طوال أربع سنوات تقريبًا، لتعود لاختبار حظّها مرّة أخرى مع المطرب السورى «فهد بلان»، فى زواج لم يحز نصيبًا كبيرًا من النجاح بسبب مشكلات ابنيها مع زوج الأم الجديد، فكان الانفصال والزواج الرابع من شريف الفضالى، والذى لم يختلف عن الزيجات السابقة، فلم يستمرا معًا لفترة طويلة وسرعان ما وقع الطلاق وانتهت العلاقة. أتت مريم فخر الدين، وعبرت على شاشتى السينما والتليفزيون، وقطعت الرحلة الفنية والإبداعية وارفة الظلال وعميقة الأثر والفعل، لتغلق صفحتها بهدوء ورومانسية يشبهان أدوارها الأولى، بصوت خافت وملامح هادئة ودون صخب أو إزعاج لا يليقان بالفتاة الأرستقراطية وابنة البلد، الأرستقراطية هادئة القسمات ومنمّقة التعبيرات والتصرّفات، وابنة البلد الصلبة المغموسة فى خبز الواقع وملحه، التى لا يليق لها مقام الضعف ولا يسعدها اختمار الشفقة فى حدقات المحيطين، ولا يقبل مقام «الجدعنة» الذى اعتادته أن تلقى حِملَ همومها على أكتاف الآخرين، فاختارت بنبل وأرستقراطية و«جدعنة» أن ترحل فى صمت، تاركة عبيرها ورحيق 81 عامًا من الجمال والرقة، و63 عامًا من الفن والإبداع، يتخلل نفوس وأرواح الناس، يتمشّى فى دواخلهم وبين أعينهم، ويربّت على همومهم ومشاعرهم وتوقهم الدائم للحب والخير والجمال، رحلت الحسناء وتركت عبير الحسن يُعبِّق الأجواء والشاشات والذاكرة الحية للفن ومحبّيه، فعلى الحسناء السلام.