عرضت الحكومة الفرنسية الاشتراكية، اليوم الأربعاء، ميزانيتها للعام 2015 التى تعكس صعوبة احتواء العجز بالرغم من الجهود المبذولة للحد من النفقات، وذلك سعيا للتوفيق بين مطالب بروكسل والرأى العام المعادى لها بغالبيته. وبحسب مشروع الميزانية فان السنة المالية المقبلة ستسجل تراجعا طفيفا للعجز ليصل إلى 4.3% من إجمالى الناتج الداخلى بعد تسجيل 4.4 % هذه السنة، على إن يتقلص فى 2016 الى 3.8% وفى 2017 الى 2.8%، ليعود بذلك إلى تحت الحد الأقصى الذى حددته بروكسل بعد سنتين من المهلة المحددة لذلك. وأوضحت الحكومة فى ملف تقديم مشروع الميزانية إن "وتيرة الحد من العجز تتكيف مع وضع" النمو الذى يواجه صعوبات والتضخم الضعيف جدا فى فرنسا وفى كامل منطقة اليورو، وبالتالى "لن يطلب من الفرنسيين بذل جهود اضافية لأن الحكومة إن كانت ملتزمة بالجدية المالية من أجل تقويم أوضاع البلاد، إلا إنها ترفض التقشف". غير إن الحكومة أكدت تمسكها بهدف ادخار 21 مليار يورو هذه السنة و50 مليار يورو خلال ثلاث سنوات. وجعلت باريس من هذه الالتزامات خط الدفاع الأخيرعن مصداقيتها المالية تجاه شركائها، حيث اخفقت فى تحقيق القسم الأكبر من تعهداتها الأوروبية الأخرى. وإلى التراجع الضعيف للعجز فى الميزانية حذرت الحكومة من إنها غير قادرة على الوفاء بوعدها بخفض عجزها البنيوى إلى الصفر أوما يقارب الصفر اعتبارا من 2017 وإن تحقيق هذا الشرط الذى تعلق عليه بروكسل أهمية كبرى سيستغرق المزيد من الوقت اذ من المتوقع إن يصل العجز إلى 0.4% من إجمالى الناتج الداخلى عام 2019. ونتيجة لذلك فان الدين العام الذى بات يتخطى الفى مليار يورو سيرتفع عام 2016 إلى 98% من إجمالى الناتج الداخلى قبل إن يبدأ بالانحسار، وتتوقع باريس التخلى عن اصول بقيمة لا تقل عن أربعة مليارات يورو ستخصص لتخفيف عبء الديون. ولتحقيق الأهداف على صعيد المدخرات، سيطلب من الدولة والهيئات اللإدارية المحلية ونظام الضمان الاجتماعى بذل جهود. وميزانية الضمان الاجتماعى التى عرضت الاثنين والتى تنص على مدخرات بقيمة 9.6 مليار يورو اثارت موجة احتجاجات بعد الاعلان عن تدابير تقشف تتعلق بالسياسة الأسرية. اما الهيئات الإدارية المحلية فسوف يتم تخفيض المبالغ التى تخصصها لها الدولة بمقدار 3.7 مليار يورو ما أثار غضب المسئولين المحليين. كما تنص الميزانية على خفض نفقات الدولة بمقدار مليار يورو بعدما كان يفترض ان تتقدم بستة مليارات دولار، ما يمثل مجهودا بقيمة سبعة مليارات يورو. وستحقق الدولة وعملاؤها وحدهم 7.7 مليار يورو من المدخرات، ما يزيد بقليل عن القيمة المتوقعة اساسا حيث كانت الحكومة اعلنت عن خفض النفقات بمقدار سبعة مليارات يورو. وبذلك ستتراجع النفقات العامة من 56.5% من اجمالى الناتج الداخلى هذه السنة الى 56.1% عام 2015. وعلى صعيد الضرائب، فان التراجع محدود اكثر بكثير حيث يتوقع إن يصل الى 44.6% بعد 44.7% هذه السنة، بالرغم من بادرة قامت بها الدولة على صعيد ضريبة الدخل، ستكلف الدولة 3.2 مليار يورو. وأكدت الحكومة زيادة الضريبة على الديزل بمقدار 2 سنتيم لليتر الواحد، وتواجه فرنسا، ثانى قوة اقتصادية فى منطقة اليورو، نموا ضعيفا جدا وتضخما متباطئا، وهما ظاهرتان تضغطان على عائدات الدولة وتعطلان بعض الجهود المبذولة على صعيد التقشف. وخفضت الحكومة توقعاتها للنمو الى 0.4 % فقط عام 2014 و1% عام 2015 غير انها تبدى تفاؤلها للمستقبل حيث تتوقع تسارع تقدم اجمالى الناتج الداخلى إلى 7.1% عام 2016 و1.9% عام 2017 وصولا الى 2% فى السنتين التاليتين. اما التضخم الذى يثير ضعفه مخاوف فى منطقة اليورو برمتها، فمن المتوقع إن يرتفع تدريجيا من 0.5% عام 2014 الى 1.8% عام 2019، مرورا ب 0.9% عام 2015 (باستثناء التبغ)، بحسب توقعات الحكومة.