أكدت فرنسا اليوم الأربعاء عن عزمها على خفض عجز موازنتها العامة عام 2015 إلى نسبة 3 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي وهو التزام حيال بروكسل تطلب خطة تقشف غير مسبوقة في فرنسا انتقدها قسم من اليسار. ويأتي الإعلان عن توقعات أرقام الموازنة حتى 2017 في حين تواجه الحكومة صعوبة في استعادة ثقة رأي عام أنهكه عجز الاشتراكيين عن إطلاق النمو وخفض البطالة. وأمام رئيس الوزراء الجديد مانويل فالس، رسول الاشتراكية الليبرالية، مهمة صعبة تتمثل في إقناع غالبيته النيابية بالذات بمواصلة سياسة التقشف و لكنه يبدي لذلك تفاؤلا كبيرًا. وهكذا قدم وزير المالية ميشال سابان يرافقه وزير الدولة لشئون الموازنة كريستيان إيكير "برنامج الاستقرار" وهو إجراء يتضمن توقعات على عدة سنوات تخض له منذ سنوات كل دول منطقة اليورو. وأكد الوزير الأربعاء عن عزم باريس على إعادة العجز العام عند 3 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي عام 2015، وإنما بعد مرحلة من 3,8 بالمائة لهذه السنة. وأوضح سابان أن هذه العودة إلى نسبة 3 بالمائة، وهي عتبة التساهل في منطقة اليورو، ليست مسألة "تبعية أو إذعان. وبلغ عجز الموازنة العامة 4,3 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي فى 2013. والنص الذي أرجئ أسبوعًا بسبب التعديل الحكومي، سيطرح على التصويت في الجمعية الوطنية الثلاثاء المقبل قبل أحالته إلى المفوضية الأوروبية. وستقول هذه الأخيرة خلال شهر ما إذا كانت تصدق هذه الإستراتيجية أم لا مع العلم أن فرنسا وضعت في بداية مارس تحت المراقبة على غرار إسبانيا وأيرلندا، بعد أن استفادت من تأجيلين لبلوغ نسبة 3 بالمائة. وعلى خط مواز، تأمل باريس في استئناف النمو مع تحسن الظروف الاقتصادية الدولية وخاصة انتعاش الصادرات، وكذلك بفضل سياستها في تخفيف الأعباء الضريبية والاجتماعية. وتتوقع الحكومة بذلك نموا في إجمالي الناتج الداخلي بواقع 1 بالمائة في 2014، وتحسنا منتظما حتى يصل إلى 2,25 بالمائة في 20162017. ولإقناع المفوضية الأوروبية، لوحت فرنسا بإمكانية توفير 50 مليار يورو. وقالت وزارة المالية إن "توفير 50 مليارًا للفترة 2015-2017 مقارنة بالوتيرة الطبيعية للتطور، هو ما يجب أن يحدث لجعل التحسن في النفقات العامة يتفق من جديد مع وتيرة التضخم، ما سوف يسمح لنا بمواصلة خفض العجز دون زيادة الضرائب". وخطة التوفير هذه التي تعرضت لانتقادات شديدة من قبل الاشتراكيين، تشمل 21 مليارًا من مخصصات الحماية الاجتماعية و18 مليارا من الدولة و11 مليارا من البلديات. وهي تتعلق خصوصا بالتقديمات الاجتماعية وبينها معاشات التقاعد الصغيرة إضافة إلى تجميد رواتب الموظفين. وتؤكد الحكومة أن هذا التوفير يتفق مع ميثاق المسؤولية والتضامن: تخفيف 30 مليارا من الاشتراكات المترتبة على أصحاب العمل والتي يضاف إليها أكثر من 10 مليارات من التخفيضات الضريبية (بحلول 2017) على الشركات وخمسة مليارات من إجراءات اجتماعية وضريبية على الأسر, وتأمل الحكومة أن يؤدي ذلك إلى توفير 200 ألف وظيفة جديدة. واستقبل رئيس الوزراء النواب الاشتراكيين الثلاثاء الذين يريدون تعديل التوزيع لحماية الموظفين في القطاع العام ورواتب التقاعد الصغيرة. وتدابير التقشف هذه تأتي بعد الصفعة التي تلقاها اليسار في الانتخابات البلدية في نهاية مارس التي فاز بها اليمين وحقق فيها اليمين المتطرف اختراقا تاريخيا. وأعلن الرئيس فرنسوا هولاند الذي تراجعت شعبيته إلى أدنى مستوى في استطلاعات الرأي وفشل في الوفاء بالوعود التي قطعها في 2013 بعكس أرقام البطالة في فرنسا، أنه "لن يكون لديه أي سبب للترشح لولاية ثانية" في 2017 إذا لم يتراجع معدل البطالة بحلول هذا التاريخ.