مع الانفتاح على الثقافات الأخرى, وتصاعد حدة الألسنة الناطقة بدعاوى حقوق المرأة من بوتقة المنظمات الحقوقية والمجتمعية سواء على المستوى الإقليمى أو المستوى العالمى, التى جعلت محط اهتمامها (تحرر المرأة ) الشرقية والعربية من قيود العادات والتقاليد التى تعوق تقدمها وانطلاقها فى المجالات المختلفة, وجب الالتفات إلى أن الدور الأساسى للمرأة داخل الأسرة فى التنشئة للأبناء لايقلل من شأنها ولاينتقص من قيمتها داخل المجتمع. فالنجاح والتميز الذى تنجزه علميًا وثقافيًا لايعنى خروجها عن كونها أنثى لها كيان الابنة والزوجة والأم, هذا الكيان لايستقل مهما علا قدره دون التكامل مع كيان الرجل. وتحرير المرأة لايعنى تحررها من هذا القالب الاجتماعى الذى تفتقر إليه المرأة فى المجتمعات التى تدعى الحرية وتدعو إليها. فقد تشرد المرأة وسط عراكها الطموح ضد الرجل عن الثوابت الاجتماعية التى تضمن للمرأة حقوقها قبل واجباتها، فحتى تتفوق المرأة فى مجال ما لإثبات قدراتها ومساواتها بالرجل, فهذا التفوق يجب ألا يتنافى مع طبيعتها الأنثوية, وألا يخدش كيانها الذى نما على الستر والحياء داخل مجتمعها الشرقى, كذلك ألا يجور على مهمتها كزوجة وأم مربية لأبنائها.. وإلا أصبح نجاحا منقوصا. وتحرر المرأة ثقافيًا وفكريًا له التأثير الأول على سلوكيات الأبناء وشخصياتهم, ومدى انتماءهم لعادات وتقاليد مجتمعهم ومدى ارتباطهم بتاريخهم وولائهم لبلدهم, كما أن له التأثير الأبعد فى اختياراتهم لمجال التعليم والعمل واتجاهاتهم الفكرية والسياسية, ومدى التزامهم وتدينهم وارتباطهم بلغتهم الأم. فكلما ارتقت الأم فى العلم والثقافة؛ انعكس تأثير هذا الرقى فى تربيتها لأبنائها, وإبداعها فى خلق جسر للتواصل يغرس فيهم الانتماء لهويتهم الاجتماعية والدينية والثقافية. كما أن تميز المرأة فى نجاحها ينبع من كونها رغم التواصل والإطلاع على الثقافات المغايرة لثقافتها ودرايتها بها, إلا أنها تحرص على صبغ هذا النجاح بصبغة شرقية عربية لتؤكد ارتباطها بهويتها, وليس التنصل من جذورها والانجراف كليًا مع تيار العولمة, لما فى ذلك من تدعيم لصورة المجتمع الشرقى ولثقافته بين المجتمعات, والإسهام فى محو الصورة المشوهة عن تخلف ورجعية المجتمع الشرقى وحجره على فكر وحرية المرأة.