برغم رفع تصنيفيهما إلى وضع السوق الناشئة الأوسع مدى لا يزال كثير من المستثمرين يعتبرون أن السوقين الاماراتيةوالقطرية تنطويان على مخاطر بدرجة تبرر التعامل معهما كسوقين من الأسواق المبتدئة. وتتسم الأسواق المبتدئة عادة بالتقلبات غير المتوقعة فى الأسعار وصعوبة الدخول إليها، فضلا عن المخاطر السياسية الشديدة إلى جانب النمو القوى وهى أيضا أقل تطورا من الأسواق الناشئة. وسجلت أسواق الأسهم فى الإماراتوقطر مكاسب كبيرة، خلال العام المنصرم توقعا لرفع مؤسسة إم.إس.سى.آى للمؤشرات لتصنيف البلدين إلى وضع السوق الناشئة وسط تكهنات بإقبال مزيد من المستثمرين العازفين عن المخاطرة على الشراء. غير أنه منذ رفع التصنيف فى نهاية مايو ايار تراجعت الأسواق بشدة، وأذكت مشكلات شركة الإنشاء أرابتك المدرجة فى دبى هبوط الأسواق. وذكرت التقلبات الحادة فى الأسعار المستثمرين بأسباب بقاء تلك الأسواق ضمن الأسواق المبتدئة حتى وقت قريب. وقال أندرو برودينيل مدير صناديق الأسواق المبتدئة لدى اتش.إس.بى.سى جلوبال لإدارة الأصول، "لم يكن متوقعا أن ترتفع الأسواق بهذا الشكل.. ولم يكن متوقعا أيضا أن تتكبد كل تلك الخسائر.. بقينا على الهامش وراقبنا الأمر، وأضاف: "هذا هو ما يحدث أحيانا فى الأسواق المبتدئة." وتصنف اتش.إس.بى.سى جلوبال لإدارة الأصول الإماراتوقطر كسوقين حديثتى العهد بالانتقال إلى وضع السوق الناشئة ضمن صندوق الشركة للأسواق المبتدئة إلى جانب بعض الأسواق الناشئة القائمة بالفعل والتى قد توجد بها بعض المشكلات بشأن مدى سهولة دخول المستثمرين الأجانب مثل بيرو ومصر. والتصنيف كسوق مبتدئة ضمن محفظة المستثمرين ليس بالضرورة شىء سيئ. فالأسواق المبتدئة تحقق بشكل مطرد أداء أفضل من الأسواق الناشئة الأكثر نضجا حيث قفزت 19 بالمئة هذا العام مقارنة مع ستة بالمئة مكاسب للأسواق الناشئة. وهذا النمو القوى يجعل منها استثمارا جذابا كما أن انخفاض القاعدة التى تبدأ منها الانطلاق للتنمية الاقتصادى يمنحها مساحة أكبر للصعود. لكن الأسواق المبتدئة عادة ما يكون الدخول إليها محدودا بدرجة أكبر - وهو ما يؤدى كثيرا إلى تقلبات أكبر - ومخاطر سياسية أعلى وهى المخاطر التى قد تجعل المستثمرين الغربيين يلزمون جانب الحذر بشأن منطقة الشرق الأوسط بأسرها. وقال سليم فريانى رئيس مجلس الادارة التنفيذى لدى ادفانس امرجينج كابيتال "لا نعتقد ان هناك اختلافا كبيرا بين الاماراتوقطر وبين باقى منطقة الشرق الأوسط. "جميعها أسواق سريعة النمو .. أسواق جاذبة للاستثمار ومهمة." كانت إم.إس.سى.آى قد أعلنت خطتها لرفع تصنيف الاماراتوقطر قبل نحو عام وهو ما أطلق موجة صعود نشطة فى أسواق البلدين. وقفز مؤشر إم.إس.سى.آي-الامارات بنسبة 100 فى المئة لكنه هوى بنحو 20 بالمئة بعد ذلك. ويشكل المستثمرون الأجانب غير العرب حصة ضئيلة نسبيا فى تلك الأسواق حيث تقدر نسبتهم بنحو 15 بالمئة من إجمالى القيمة الرأسمالية للسوق الإماراتية على سبيل المثال. وظل هؤلاء على ولائهم للامارات لكن بيانات سوق الأسهم تظهر تدفقات خارجة من قطر خلال الشهر المنصرم. وتظهر بيانات إى.بى.إف.آر تدفقات داخلة إلى صناديق الأسهم الاماراتية قيمتها 30 مليون دولار فى الشهر الماضى وهى أكبر تدفقات شهرية هذا العام. وتظهر بيانات لشركة ليبر تدفقات داخلة إلى أسواق الأسهم الخليجية قيمتها 114 مليون دولار خلال الشهور الخمسة الأولى من العام 2014. ومن بين الأسهم المفضلة بنك الخليج الأول وإعمار العقارية برغم أن مشاعر القلق من تشكل فقاعة عقارية جديدة - على غرار ما شهدته دبى فى العام 2008 - بدأت تتسلل مجددا إلى المستثمرين. وقالت أشا مهتا مديرة المحافظ لدى أكاديان لإدارة الأصول "المخاوف من احتمال أن تشهد السوق العقارية نموا محموما قد تكون مشروعة." وأضافت: "نحن نؤيد نهجا قائما على التنوع بخصوص السوق الإماراتية. السوق أكبر من مجرد عقارات." وقالت مهتا إنها ستواصل الاحتفاظ بمركزها - دون أن تضيف إليه - فى الاماراتوقطر ضمن استراتيجيتها للأسواق المبتدئة وذلك بعد أن ترفع ستاندرد آند بورز للمؤشرات أيضا تصنيفها للبلدين فى وقت لاحق هذا العام. ويقول أوليفر بيل مدير الصناديق فى الشرق الأوسط وإفريقيا لدى تى راو برايس إن لديه زيادة فى الوزن النسبى فى الامارات قدرها سبعة بالمئة برغم أنها انخفضت من 12 بالمائة فى مايو. غير أن التقييمات بدأت تبدو بالمرتفعة بالنسبة للمستثمرين فى الأسواق المبتدئة والناشئة برغم التصحيح الأخير. ويشير المستثمرون إلى تقييمات عند 16 مثل الأرباح لمؤشر إم.إس.سى.آى دبى مقارنة مع 12 مثلا لمؤشر الأسواق الناشئة. وقال هادى بن ملوكا الرئيس التنفيذى لدويتو مينا "نحن متفائلون بشدة بخصوص الاماراتوقطر.. لكن التقييمات لم تعد جيدة كما كانت قبل 12-18 شهرا." ومن بين المخاطر الأخرى لتلك الأسواق احتمال فقدان قطر لحق تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022 عقب مزاعم تتعلق برشى فضلا عن الصراع فى سورياوالعراق وقطاع غزة. وقال فريانى "ليس مستحيلا أن تنهار الأوضاع فى سوريا أو العراق. اصبحت المخاطر حقيقية حاليا." واضاف "يوجد قدر كبير من الغموض السياسى. ينبغى ألا يضع المرء كل البيض فى سلة واحدة." وقد يؤدى الرفع المحتمل للعقوبات المفروضة على إيران أيضا إلى سحب أصول مالية من دبى التى تعتبر ملاذا آمنا بشكل تقليدى فى الشرق الأوسط. لكن فى الوقت الذى تتكيف فيه الاماراتوقطر مع وضع السوق الناشئة الجديد فقد تواجه الدولتان منافسا آخر- إنه السعودية التى تجذب مستثمرين من نفس النوعية برغم أنها لا تعتبر بشكل مثالى تتمتع بوضع سوق مبتدئة بسبب الصعوبات التى يواجهها المستثمرون الأجانب فى دخولها. والقيمة الرأسمالية للسوق السعودية تتجاوز 500 مليار دولار وهى أكبر من الأسواق الاماراتيةوالقطرية مجتمعة. ويعنى هذا أن أى انفتاح قد ينقل السعودية مباشرة إلى مؤشر السوق الناشئة لتنضم إلى الاماراتوقطر برغم أن المستثمرين يقولون إن من الصعب التنبؤ بتوقيت أى تحرير من هذا النوع للسوق. وتقول نينا لاجرون كبيرة مديرى الصناديق فى أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى أموندى "تقول سوق الأسهم إنها مستعدة تماما.. لكن لا أحد غير الملك سيتخذ القرار." (إعداد مصطفى صالح للنشرة العربية - تحرير نادية الجويلى.