قضت محكمة القضاء الإدارى بكفر الشيخ، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين عبد الحميد متولى وزكى الدين حسين نائبى رئيس مجلس الدولة، بوقف تنفيذ قرار محافظ كفر الشيخ السلبى بالامتناع عن تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة فى الدعوى رقم 1780 لسنة 14 ق بجلسة 15 أبريل الماضى تنفيذا صحيحا وما يترتب على ذلك من آثار أخصها تمكين الإدارة للمدعى فادى عبد الفضيل قاسم من تسلمه عمله رئيسا لمدينة مصيف بلطيم على نحو ما قضى به الحكم، بالإضافة إلى انعدام قرار وزير التنمية المحلية رقم 184 لسنة 2014 اللاحق على صدور الحكم بندبه لسوهاج لتجاوزه حدود ولاية التفويض الممنوح له من رئيس مجلس الوزراء واغتصابه سلطة القضاء وانعدام قرار محافظ كفر الشيخ رقم 14956 لسنة 2014 اللاحق على صدور الحكم بتكليف السعيد عطية لذات الوظيفة لعدوانه الجسيم على حجية الحكم المشار إليه، وأمرت المحكمة بتنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان وألزمتهما المصروفات. قالت المحكمة إن محافظ كفر الشيخ، عقب صدور حكم المحكمة بأحقية المدعى فى شغل وظيفة رئيس مدينة مصيف بلطيم، امتنع عن تنفيذ الحكم وقام بتكليف غيره هو السعيد عطية لشغل تلك الوظيفة مخالفا بذلك مخالفة جسيمة أحكام الدستور التى أوجبت تنفيذ الأحكام ومعتديا عدوانا صارخا على ما هو ثابت من حجية لحكم المحكمة، مما يجعل قراره مشوبا بعيب جسيم ومعتورا بعوار مشين وموصوما بالتطاول والافتئات على ما هو ثابت للحكم الصادر من المحكمة من حجية مطلقة على الكافة واجب إجراء مقتضاها وحتى لا تصبح سيادة القانون مجرد شعار للمفاخرة . وأضافت المحكمة فى حيثيات حكمها، أن الأمر لم يقتصر على اعتداء محافظ كفر الشيخ على حجية حكم المحكمة بل شاركه فى ذلك وزير التنمية المحلية بقيامه بندب المدعى إلى محافظة سوهاج خلافا لما قضى به الحكم فى مكان الوظيفة ومدتها مما يعد معه قرار وزير التنمية المحلية التفافا حول حجية الحكم الصادر من المحكمة ،ويتضمن عقابا للمدعى لاستعماله حقا دستوريا فى التقاضى ضد الإدارة التى جارت على حقه, فضلا عن مخالفة وزير التنمية المحلية لحدود التفويض الصادر إليه من رئيس مجلس الوزراء, ذلك أن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 350 لسنة 2014 بالتفويض فى بعض الاختصاصات لم يكن بشأن العدوان على حجية الأحكام والتطاول عليها. وذكرت المحكمة أنه بهذه المثابة فإن تضامن وزير التنمية المحلية مع محافظ كفر الشيخ على إهدار حجية الأحكام يعد تضامنا مؤثما للنيل من حجية الحكم الصادر من المحكمة وغنى عن البيان أن مدينة مصيف بلطيم تقع فى الحدود الجغرافية لمحافظة كفر الشيخ وليس بمحافظة سوهاج مما يجعل القرارين الصادرين من وزير التنمية المحلية ومحافظ كفر الشيخ والعدم سواء وعقبة عديمة الأثر ولكل صاحب شأن ألا يقيم وزنا لها ويتعين على المحكمة إزالة تلك العقبة من طريق الحكم حتى يؤتى أو كله بتقديم الحماية القضائية إلى من لاذ بالقضاء واحتمى به. وأكدت فى حكمها التاريخى أن القرارات الصادرة من الوزراء والمحافظين لا تستطيع أن تنشئ حقا او تهدره بالمخالفة لصريح الأحكام إلا مرة للقانون والمتعلقة بالنظام العام القضائى والنظام العام الإدارى والمساس بحجية حكم صادر من هذه المحكمة لم يلحقه إلغاء أو تعديل من المحكمة الإدارية العليا وهو ما يثير مسئوليتهما إزاء تعمدهما مخالفة الدستور مخالفة جسيمة مع التظاهر باحترامه وليس الالتزام به وتلك إحدى صور الانحراف بالسلطة. وأمرت المحكمة الحكومة الترفع عن إتيان ما من شأنه الالتفاف حول حجية الأحكام تعطيلا لتنفيذها ونيلا من رفيع مكانتها حتى لا تكون حمأة الانعدام كفانا لمثل تلك الإجراءات المتخذة افتئاتا على تلك المبادئ ومساسا بحجية الأحكام التى يجب عليهم النزول على مقتضاها خضوعا وامتثالا. وتناولت المحكمة أيضا أن عدم تنفيذ الأحكام من بعض الوزراء والمحافظين مما كشفت عنه هذه الدعوى يمثل انتهاكا للشرعية الدستورية يضربون فيه اسوأ المثل للمتقاضين بالتهرب من تنفيذ الأحكام التى جعل الدستور الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين - مهما علا قدرهم فى سلم السلطة التنفيذية - جريمة جنائية وللمحكوم له أن يستصرخ القضاء للاقتصاص منهم. واختتمت حكمها أن أمثال هؤلاء كبار المسئولين المهدرين لأحكام القضاء يعصفون بمصداقية النظام الحاكم وينالون من ثقة الشعب فيه وهو يأمل الاستقرار ويشيعون بين صفوف الناس منهج اللاشرعية فتسرى العدوى بين مرؤوسيهم فى المؤسسات والمصالح وينتشر الإحساس بين الشعب بأنه لا قيمة للدستور أو القانون أو القضاء مادامت السلطة العليا فى البلاد لا تقيم وزنا لها فليست هناك كارثة أفظع من كارثة ضياع هيبة القضاء صوت الحق والعدل والإنصاف وحتى لا تكون ظاهرة الامتناع عن تنفيذ الأحكام مقدمة حتمية للفوضى وتقويض دائم الحكم الرشيد على أيدى أمثال هؤلاء المنكرين لحجية الأحكام القضائية الممتنعين عن تنفيذها علوا واستكبارا, وذلك ما ثار عليه الشعب وأسقط به نظامين لكليهما العدة وهو درس لمن يعتبر يجب ألا يغيب عن ذهن قيادة النظام الجديد فيتدارك آثاره الخطيرة.