سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أسامة هيكل: 20 مليار جنيه ديون الإذاعة والتليفزيون.. و35 ألف موظف عمالة زائدة.. وزير الإعلام الأسبق: الإعلام الخاص يعمل لمصلحة رجال الأعمال.. وافتتاح قناة فضائية أسهل من إنشاء "مصنع جبنة"
كشف أسامة هيكل، وزير الإعلام الأسبق، أن ديون اتحاد الإذاعة والتلفزيون بلغت 20 مليار جنيه، وأن عدد الموظفين الذين يشكلون عمالة زائدة يبلغ 35 ألفًا. وقال هيكل فى حوار ل«اليوم السابع» إن الإعلام الخاص يعمل لمصلحة رجال الأعمال، وليس للمصلحة الوطنية، مشيراً إلى أن إجراءات افتتاح قناة فضائية ليست أصعب من إنشاء مصنع لإنتاج الأجبان. وفيما يلى نص الحوار: منذ بداية الثورة وحتى الآن تعاقبت الحكومات وتغير الوزراء، وبقيت مشكلات متراكمة دون حل، وهو ما ينطبق على وزارة الإعلام، فما تفسيركم لذلك؟ - خلال السنوات العشر الأخيرة من حكم مبارك كان هناك مشكلات متوارثة من جيل لجيل دون أن يقترب أحد من حلها، وعندما حدثت ثورة 25 يناير جاءت حكومات متتالية كان لديها جميعا رغبة حقيقية فى الحل، ولكنها اصطدمت بالواقع المؤسف، والمطالب الشخصية والفئوية والإضرابات التى ضيعت الثورة، خاصة بعد أن ركبها الإخوان، وبدأوا فى تحريك هذه المطالب فى فترة الصراع على السلطة، فاصطدمت كل الحكومات التى جاءت بهذا الواقع. وماذا عن دور الإعلام فى هذه الفترة؟ - كان الإعلام «مغمى عينيه» ولعب دورا سلبيا جدا فى الفترة من 2011 – 2012 على عكس دوره فى الفترة من 2012 – 2013، فالوزير الذى كان يعمل ويتخذ قرارات إصلاحية وكان يتعرض للانتقاد والهجوم بسبب مجموعة المصالح التى تتضرر من هذه القرارات، حتى وإن كان هناك أغلبية ستستفيد، فالوزارات مترهلة جدا من الداخل وبها هيكل إدارى وعمالة أكبر بكثير مما تحتاجه، والوزير محاصر بمطالب فئوية وشخصية تعيق عمله وحين يتخذ قرارا يثور عليه المتضررون، وكان الإعلام دائما يأخذ وجهة نظر الثائرين بصرف النظر عما إذا كانوا على حق أم باطل، وترسخ مفهوما بأن الوزير الذى يعمل هو الذى تقوم عليه الدنيا ويواجه بانتقادات، واستوعب بعض الوزراء هذا المناخ، فلم يتخذوا أى إجراءات أو قرارات تجنبا للنقد. وخلال هذه الفترة أين كان الإعلام الرسمى الذى كنت مسؤولا عنه؟ - وزارة الإعلام هى المسؤولة عن الإعلام الرسمى للدولة وليس لها علاقة بالإعلام الخاص، وأصبحت مسؤولا عن اتحاد الإذاعة والتلفزيون الذى كان يدار بطريقة خاطئة لسنوات طويلة، حيث حدثت زيادة وتوسع فى عدد القنوات دون داع، فأصبح لدينا 23 محطة تلفزيون، و76 محطة إذاعة، منها 36 محطة موجهة، وعلى الجانب الآخر كان وزراء الإعلام السابقون يجاملون أعضاء مجلس الشعب والحزب الوطنى بتعيين أعداد كبيرة دون حاجة العمل، حتى وصل العدد إلى 43 ألف موظف، ورغم اعتراضى على عدد القنوات والإذاعات إلا أن هذا العدد من القنوات والإذاعات لا يحتاج سوى 8 آلاف موظف فقط، وهو ما يعنى أن لدى 35 ألف موظف فوق طاقة العمل، وفى الفترة التى توليت فيها كان هؤلاء الموظفون يتقاضون أجورا قيمتها 133 مليون جنيه شهريا، تدبر منها الحكومة 83 مليونا، ومطلوب أن ندبر 50 مليونا، وقد دخلت الوزارة وخرجت منها وهذا المبلغ كما هو، وبعدما خرجت ارتفع هذا الرقم إلى 230 مليونا. وهل زاد هذا الرقم بسبب تعيينات جديدة؟ - لا، ولكن بسبب الاستجابة للمطالب الفئوية، والخلل والتفاوت الرهيب فى المرتبات، والذى حاولت التعامل معه، فهناك موظفون يتقاضون 300 جنيه وأحيانا لا يجدونها، بينما يحصل بعض رؤساء القطاعات على 150 ألف جنيه كراتب شهرى. وكيف تعاملت مع هذه المشكلة؟ - لم يكن متصورا أن أتمكن من العمل على تقديم إعلام جيد ولدى 3 آلاف موظف يتظاهرون فى الشارع، لأنهم لا يحصلون على رواتبهم، فكان لابد من إصلاح البيت من الداخل وأن يشعر الناس بدرجة من العدالة، لذلك كانت أول قراراتى إعادة توزيع ميزانية الرواتب المقدرة ب133 مليون جنيه، فكنت أول من وضع حدا أقصى للأجور وهو 70 ألف جنيه، وزادت مرتبات صغار الموظفين فاستفاد من هذا القرار %93 من العاملين، بينما لم يتأثر 2% منهم فى حين أضر هذا القرار %5 من كبار الموظفين الذين يحصلون على مرتبات مرتفعة وهؤلاء «ولعوا علينا الدنيا»، وساعدهم الإعلام الذى تبنى مطالب مؤسسة الفساد الموجودة فى هذا التوقيت، والتى كانت تعمل على إفشال أى مسؤول يحاول اتخاذ إجراءات إصلاحية، وهو ما أدى إلى تفاقم المشكلات. وماذا عن ديون اتحاد الإذاعة والتلفزيون؟ - عندما توليت الوزارة فى 2011 كانت ديون اتحاد الإذاعة والتلفزيون 13 مليارا ونصف المليار جنيه، ووصلت الآن إلى 20 مليارا، وكان أصل الدين 7 مليارات، وأرسلت خطابا للمشير طنطاوى للتفاوض على حذف الفوائد وجدولة أصل الدين، ولكن لم يسعفنا الوقت لحل هذه المشكلة، التى لو تم حلها عام 2011 لم تكن لتتفاقم إلى هذا الحد، بسبب تكرار تغيير الوزراء والحكومات. وما الذى يحتاجه تنظيم العمل فى اتحاد الإذاعة والتلفزيون؟ - كنت أعمل على تنظيم العمل من الداخل من خلال تنظيم الموارد المالية للمبنى، وإلغاء القنوات التى لا فائدة، ومنها على سبيل المثال 6 قنوات تعليمية لا تقدم أى خدمة للمجتمع، ولم تقلل الدروس الخصوصية، ولا يشاهدها أحد، ورغم ذلك ننفق عليها 140 مليون جنيه فى السنة، والقناة الواحدة يتكلف ترددها 300 ألف دولار، وهى خدمة مقدمة من اتحاد الإذاعة والتلفزيون لصالح وزارة التعليم، التى تدفع من هذا المبلغ 8.7 مليون جنيه، ويتكلف الاتحاد 133 مليون جنيه. وكيف تعاملت مع هذه المشكلة؟ - طالبت وزير التربية والتعليم بدفع هذه التكلفة أو إغلاق هذه القنوات اعتبارا من يناير 2012، وهذه فكرة الترشيد التى لم أتمكن من تنفيذها، حيث تركت الوزارة أنا ووزير التعليم، وظلت القنوات مستمرة، وهو ينطبق على قنوات الصحة، وقنوات أخرى متشابهة ولا يشاهدها أحد، وكذلك الإذاعات الموجهة التى لا تقوم بأى دور سوى أن بعض مذيعيها يستغلونها فى الحديث مع أهلهم، فلا أحد يراقب وليس هناك محاسبة، فعلى مدى سنوات طويلة كان العرف السائد أن يدعو وزير الإعلام رئيس الجمهورية كل عام لافتتاح قناة جديدة، وادعاء أننا أصحاب ريادة إعلامية، رغم أننا لو قمنا بإلغاء كل هذه القنوات وإنشاء قناة واحدة إخبارية، و5 قنوات على الأكثر كنا وفرنا كثيرا وأثرنا أكثر، فالإعلام يقاس بقوة تأثيره وليس بعدد العاملين فيه أو عدد القنوات. وما الأهداف التى لم تستطع تحقيقها؟ - كنت أسعى إلى تأسيس نظام لعمل الإعلام الرسمى لا يتغير طبقا لتوجه الرئيس، وذلك كى يتحول من إعلام النظام إلى إعلام الدولة، وكنت أرى أن الفترة الانتقالية هى أنسب وقت لتحقيق هذا الهدف، قبل أن يتولى رئيس الدولة الذى اعتاد فى مجتمعنا أن يتعامل مع الإعلام الرسمى على أنه ملكه، خاصة وأن الإعلام الخاص يعتمد على وجهة نظر واحدة تخدم مصلحة أصحاب القنوات، ولكننى لم أتمكن من تحقيق هذا الهدف. وما الأهداف التى تمكنت من تحقيقها؟ - نجحت مع أول قرار اتخذته فى وضع سقف للأجور، وهو ما حقق قدرا كبيرا من العدالة الاجتماعية، واستبعدت المستشارين الذين تخطوا سن الستين، وبذلك تم استبعاد 368 مستشارا، وهذا القرار هاجمنى الإعلام بسببه، وعاد هؤلاء المستبعدون بعد أن تركت المنصب. ولماذا تركت منصب وزير الإعلام بعد فترة قصيرة لم تتجاوز 5 أشهر؟ - لعب الإخوان دورا كبيرا فى استبعادى، وذلك بسبب قرارى بإغلاق قناة الجزيرة مباشر، حيث كنت أول من التفت لخطورتها، ووقتها هاجمنى الجميع ولكنهم أدركوا الآن صحة موقفى، فالإخوان كانوا يشكلون ضغطا كبيرا ويستخدمون الإعلام والأحزاب المدنية فى الضغط على الحكومة والمجلس العسكرى. لو عاد بك الوقت هل كنت ستقبل الوزارة أم لا؟ - أنا أكثر من تضرر بتولى الوزارة، ولكننى لست نادما على أى شىء، فلم يكن لدى طموح لأكون وزير إعلام ولم أسع للمنصب، وكنت رئيس تحرير أقوى جريدة معارضة، وعرض على المنصب وقبلته فى وقت كنت أريد فيه الانسحاب من الوفد، ولكننى فى كل الأزمات التى واجهتنى فى الوزارة لم يقف أحد إلى جوارى، لا المجلس العسكرى، لا الحكومة، ولا الإعلام، وهو ما حدث فى أزمة الجزيرة مباشر، ورفع الكل شعارات حرية الرأى والتعبير، دون أن يروا فى ذلك اختراقا للسيادة المصرية، وهو ما أدركه الجميع الآن، ولكن وقتها طلب منى مجلس الوزراء التراجع عن قرارى ولم أوافق. ونحن على أعتاب عهد جديد وبعد أن خضت هذه التجربة ما هى رؤيتك لكيفية التعامل مع هذه التركة الثقيلة من المشكلات المتراكمة فى وزارة الإعلام؟ - بعض الناس يرون أن ماسبيرو لا أمل فيه، وأنه يجب إغلاقه وبيع المبنى، ولو حدث هذا فسيكون خطأ كبيرا، ففى الظروف التى تمر بها مصر لا غنى عن الإعلام الرسمى، ومهمتنا إصلاح هذا الإعلام، وهذا يحتاج إلى عامين أو ثلاثة، وقد كنت ممن يطالبون بإلغاء وزارة الإعلام، ولكن بعد هذه التجربة والارتباك الذى حدث فى 2011 بسبب إلغاء الوزارة، أرى ضرورة وجود وزير ووزارة للإعلام لإنجاز مهمة إصلاح هذه الأوضاع ووضع نظام مؤسسى، وإعادة هيكلة وتوظيف، وضبط الإنفاق والأجور، أما عن الادعاء بأن الدول المتقدمة ليس بها وزارة إعلام فهذا غير صحيح، ونحن لسنا أكثر ديمقراطية من بريطانيا. وهل الدستور الحالى لا يكفل هذا التنظيم؟ - نعم فهو لا يكفى، فالمهم كيفية تطبيق مواد الدستور، وإذا كان البعض يدعى أن وجود وزارة الإعلام يقيد حرية الإعلام فمن الممكن أن نلغيها ونضع طبقا للدستور قيودا أكثر على الإعلام. وماذا عن الإعلام الخاص؟ - الإعلام الخاص ليس له نظام يحكمه ولا مسؤولية أو سلطة لوزارة الإعلام عليه، ففى عهد مبارك أقنعه المحيطون به بأنه كى يبين أن هناك حرية رأى يجب السماح لرجال الأعمال «بتوع الحكومة» بفتح قنوات خاصة، وذلك بعيدا عن وزارة الإعلام وبترخيص من هيئة الاستثمار، فأصبحت الآلية التى يتم بها فتح مصنع جبنة هى نفسها التى نفتح بها قناة فضائية، وهو الوضع القائم والمستمر حتى الآن، وعندما سقط النظام فى 2011 عملت هذه القنوات بلا سقف، وفطن الإعلاميون إلى ذلك، وتحولت الأمور إلى فوضى مطلقة وصلت إلى حد السب والقذف والخروج عن الآداب، حتى وجدنا مذيعا يسب الدين على الهواء. وكيف يمكن الحد من حالة الفوضى الإعلامية؟ - عندما توليت الوزارة فى 2011 كانت 91 شركة مصرية تعمل فى مجال الإعلام وحاصلة على تراخيص من هيئة الاستثمار، وتقدمت لمجلس الوزراء بمشروع قانون مستمد من النموذج الفرنسى لوضع ضوابط لعمل هذه الشركات، ولكن المجلس العسكرى رأى أن هذا المشروع ليس من أولويات المرحلة الانتقالية، وتركت الوزارة ومر 3 سنوات دون وجود تنظيم لعمل الإعلام الخاص فى مصر، وما وضعناه فى هذا المشروع كان أفضل مما تم وضعه فى الدستور، وعندما حكم الإخوان أصبح فتح القنوات أكثر فوضى، فالصراع على مخ المواطن هو أخطر صناعة فى العالم، ومن غير المنطقى أن يتم منح تراخيص دون تنظيم فتصبح الراقصة إعلامية، ويكون مسموحا لأى شخص أن يخرج عن ضوابط الإعلام كما يريد. عملت فى حكومة د. عصام شرف الذى جاء إلى مجلس الوزراء محمولا على أكتاف الثوار، وبعد فترة هتفوا ضده، وطالبوا بإسقاطه، فكيف كانت تدار الحكومة فى عهده؟ - تولينا فى مرحلة الصراع على السلطة التى كان فيها الإخوان يتحكمون فى الشارع، وينظمون المليونيات لتخويف الحكومة والمجلس العسكرى، واستعراض قوتهم لإظهار أنهم المسيطرون على الشارع، وهذه الرسالة وصلت بوضوح للمجلس العسكرى، خاصة مع غياب دور الأحزاب والقوى المدنية، فكان الإخوان يخططون لوقوع حادث كبير كل شهر، يموت فيه ضحايا ثم تليه مليونية، فمرة أحداث مسرح البالون، ومرة محمد محمود، ومرة السفارة الإسرائيلية، ومرة ماسبيرو، وذلك بهدف وجود ضغط دائم على الحكومة والمجلس العسكرى. ولكن فى أحداث ماسبيرو التى وقعت فترة توليك الوزارة تم اتهامك والتلفزيون المصرى بالتحريض ضد الأقباط؟ - القضاء حكم ببراءتى من هذه التهمة، وما حدث كان مخططا من الإخوان، الذين كانوا يسعون للسيطرة على التلفزيون، لذلك حاربونى، خاصة بعد قرارى بإغلاق قناة الجزيرة، وكان حادث ماسبيرو فخا سقط فيه الجميع، وأرادوا به ضرب الجيش والأقباط، والانتقام منى، والوحيد الذى استفاد من هذا الحادث هم الإخوان، وهذه الحادثة بينت غفلة المجتمع المصرى، ومساندة الإعلام لقوى الظلام، فالإعلام لعب دورا قويا فى وصول الإخوان للحكم، كما لعب دورا قويا فى إزاحتهم عن الحكم، ولابد أن نفكر فى مستقبل الإعلام، لأنه أصبح مؤثرا فى متخذ القرار، ويمكن أن يدفعه لاتخاذ قرار خاطئ. فى ضوء الوضع الراهن هل يمكن عودة الإخوان بوجوه أخرى فى البرلمان القادم؟ - أحذر القوى المدنية والمجتمع المصرى من إمكانية سيطرة الإخوان والقوى الظلامية على مجلس الشعب القادم، وعودتهم بأسماء ووجوه أخرى غير معروفة، وأقول للقوى المدنية «آخركم الانتخابات القادمة أو تقفلوا وتروحوا»، فالمجلس القادم سيكون عليه مسؤوليات كبيرة طبقا للدستور الحالى، حيث تم سحب 15 اختصاصا من رئيس الجمهورية لمجلس الشعب، الذى سيشكل الحكومة، والمشكلة أن القوى المدنية غير جاهزة، وعليها أن تشكل تكتلات حتى تواجه هذا التيار فى الانتخابات القادمة. هل تعاملت مع المشير السيسى فى الفترة التى توليت فيها الوزارة وما انطباعاتك عنه؟ - المشير السيسى من أفضل الشخصيات التى قابلتها فى حياتى، فهو يستمع أكثر مما يتحدث، ويزن الأمور ثم يتكلم فى نقاط محددة، ووقت اللزوم، والتجربة أثبتت أنه قادر على اتخاذ قرار صائب وقوى فى وقت صعب، ولكننى أخشى عليه من المنافقين، وأثق فى قدرته على الفرز، واختيار معاونيه من ذوى الخبرة.