قامت لجنة الدراسات بالجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار بدراسة الموازنة العامة للدولة لعام 2014-2015 في ضوء المتغيرات الاقتصادية والاستثمارية الحالية خاصة وإن الاقتصاد المصرى يواجه مشكلتين أساسيتين، الأولى تتمثل فى ضعف النمو مع زيادة البطالة، والثانية هى عجز الموازنة وضعف موقف ميزان المدفوعات. وأوصت الجمعية بضرورة مواصلة التركيز على معالجة المخاطر المحتملة الناشئة من ارتفاع معدلات التضخم المحتملة علي المدي القصير حيث أن ارتفاع أسعار السلع بوتيرة أكبر وزيادة مستويات التضخم في المستقبل قد تؤثر علي نجاح السياسات المالية الجديدة بالموازنة . وقالت الجمعية إن أسس إعداد الموازنة راعت تقليل الفاقد وتقليل استهلاك الخامات بهدف تعظيم الفاقد فقيام الحكومة بتطبيق سياسة جديدة تستهدف ترشيد دعم الطاقة سوف يؤدي إلي زيادة أسعار السلع المستهلكة للطاقة مثل الأسمنت والاسمدة لذلك فأن التوازن بين تكلفة السلع بسعر البيع أصبح ضروريا حتي لا تتحول شركات القطاع العام الملتزمة بأسعار محددة إلي الخسائر. وترى الجمعية أن السياسات الحكومية الجديدة رغم ميلها للتقشف فإن التعافي الاقتصادي قد ياتي بدعم من أنشطة السياحة والارتداد الإيجابي في قطاع العقارات واجتذاب الاستثمارات الجديدة والمشروعات القومية الكبريخاصة أن النمو لا يزال مرتكزا على المشروعات العامة الجاري تنفيذها ومدي نمو قطاعات الخدمات. وأشارت الجمعية إلى أن المؤشرات الأولية توضح أن قطاع العقارات أخذ يتعافى بوتيرة ايجابية في بعض الشرائح، وخاصة في سوق العقارات السكنية ونشير إلي أن قوة أداء الأسواق المالية أيضا مثل انعكاسا للتحسن في الثقة الاستثمارية . وقالت إن المؤشرات الأولية تؤكد أنه وسط أوضاع وفرة السيولة في الجهاز المصرفي، بدأ الائتمان المقدم للقطاع الخاص يتعافى، واكتسب نمو الودائع قوة مؤديا إلى زيادة السيولة في الجهاز المصرفي، وبعد سنوات من التعافي غير المعتمد على الائتمان، بدأ إقراض القطاع الخاص يرتد ارتدادا إيجابيا. وتتوقع الجمعية في ضوء المؤشرات المبدئية زيادة ارتفاع التضخم مدفوعا بارتفاع الإسعار، وسيستمر انخفاض الحساب الجاري انعكاسا لاستمرار نمو الواردات، كما أن اكتساب دورة العقارات للقوة، وخاصة في سوق العقارات السكنية، من شأنه جذب الطلب المتزايد، وربما المزعزع للاستقرار، بغرض المضاربة، ويحفز مخاطر ديناميكية الأسعار غير القابلة للاستمرار ثم تصحيحها في نهاية المطافالا ان تعجيل وتيرة تنفيذ المشروعات الضخمة والتي يُخطط حاليا لجعلها مرنة ومتسقة مع الطلب المتوقع، يمكن أن يسهم في الحد من هذه المخاطر. وأوضحت أن انتهاج سياسات اقتصادية كلية رشيدة تنطوي عليها الموازنة على مواصلة ضبط أوضاع المالية العامة هذا العام، واستمرار ضبط الأوضاع المالية أمر ملائم لأنه سيزيد من آثار دفعة التنشيط الاقتصادي التي مُنِحت في وقت سابق لاكساب الدورة الاقتصادية للقوة وسيساعد ذلك على الحد من المخاطر أمام المالية العامة وجعل موقف المالية العامة أقرب إلى المستويات اللازمة لضمان توافر مقدار عادل من الموارد من أجل الأجيال القادمة. وقالت أن الموازنة تضع هدفا لمواصلة الضبط التدريجي في السنوات المقبلة، كذلك يهدف إطار المالية العامة متوسط الأجل إلى ضبط الأوضاع الاقتصادية، وسيكون المضي في ضبط أوضاع المالية العامة على المدى المتوسط ملائما، حيث سيستمر في تصحيح الخلل المالي طويل الأجل في توزيع الموارد، ويضع حدا للمخاطر المرتبطة بالديون. وتعكس الموازنة الجديدة ترشيد النفقات الحكومية وخفض عجز الموازنة إلي 10%. فالباب الأول للموازنة والذي يتضمن بند الأجور يتضمن أجورا حتمية غير قابلة للتخفيض وبنود أخري خاصة بالمكافآت وأجور المستشارين لذا فأن المرتبات التي تدفع للمستشارين يمكن تخفيض بعضها إذا كان أنتاجهم منخفض بالمقارنة بما يتم تقاضيه تحت هذا البند. وقالت إنه وفقا للباب الثاني من الموازنة فيحمل إمكانيات كبيرة للتخفيض خاصة فيما يخص استهلاك البنزين واعمال الصيانة بالاجهزة الحكومية بدلا من شراء معدات جديدة وأمكانية خفض المبالغ المخصصة لشراء السيارات وخاصة تلك المخصصة للوزراء لأن سيارة واحدة تكفي كما انه يمكن إعادة هيكلة الدين الداخلي بطريقة تخفض من أعباء الأقساط السنوية. وبالنظر إلى المستقبل، فإن من شأن تعزيز عملية إعداد الموازنة، لتجنب تعديلها المتكرر خلال العام، واعتماد خطة متوسطة الأجل للمالية العامة بصورة رسمية أن يوضح اتجاه سياسة المالية العامة في مصر. علاوة على ذلك، من شأن الخفض التدريجي للدعم المقدم على الطاقة مع حماية من يحتاجون إليه، أن يوفر حيزا ماليا لتحسين كفاءة استخدام الطاقة، والحد من أي ارتفاع آخر في فاتورة الأجور سيدعم أهداف الحفاظ على مرونة الموازنة ويسهم بالتدريج في جعل العمل في القطاع الخاص أكثر جذبا للمواطنين. وقالت الجمعية إن مواصلة تعزيز التدابير الرامية إلى تثبيط المضاربة سيساعد على تخفيف مخاطر الدخول في دورة انتعاش وكساد كما أنه سيكون من المهم تعزيز آليات التنسيق لتحديد أولويات وتسلسل المشروعات الكبرى للشركات ذات الصلة بالحكومة (خاصة شركات الغزل والنسيج)، إذ يمكن معالجة مراكزها المالية التي لا تزال معرضة للمخاطر من خلال مواصلة التركيز على تجنب الإقبال الكبير على المخاطر من جانب هذه الشركات عالية المديونية، مع الاستمرار في تنفيذ المشروعات الضخمة الجديدة بالتدريج تلبية للطلب المتوقع، كما أنه من الضروري أن يتم وضع منهج من أعلى إلى أسفل من أجل التنسيق والإشراف لضمان ذلك. وبعد زيادة الشفافية في نشر بعض البيانات المالية الخاصة بالشركات ذات الصلة بالدولة، فإن الاستمرار في تحسين إمكانات توافر المعلومات عن ديون هذه الشركات وأوضاعها المالية، بما فيها شروط تحويل الأصول بين هذه الشركات، وإدارة المخاطر، وإبلاغ البيانات، والحوكمة سيسهل الحد من الرفع المالي ويعزز الميزانيات العمومية للشركات ذات الصلة بالحكومة. علاوة على ذلك، ينبغي توخي الدقة في تخطيط أنشطة الشركات المملوكة للحكومة لتجنب مزاحمة نشاط القطاع الخاص. وأكدت أن استمرار التركيز على الحفاظ على سلامة أوضاع الجهاز المصرفي سيؤدى إلى دعم الاستقرار المالي، وارتفاع نمو الائتمان المقدم للقطاع الخاص مؤخرا وسط أوضاع وفرة السيولة في الجهاز المصرفي يستدعي المراقبة الوثيقة. وإذا ازدادت وتيرة نمو الائتمان بشكل كبير، قد يكون من الملائم تشديد قواعد التنظيم الاحترازي الكلي، كتشديد نسبة السُلَف إلى الموارد المستقرة، أو نسبة كفاية رأس المال أو أوزان المخاطر في الإقراض، أو رفع الاحتياطات الإلزامية على الودائع لأجل، للوقاية من الإفراط المحتمل في الإقدام على المخاطر. وسوف تساعد حدود تركز القروض التي وُضِعت للشركات على احتواء المخاطر التي تهدد الميزانيات العمومية للبنوك في سياق المشروعات الضخمة المقررة حديثا. كما قالت إن تطوير سوق الدين المحلي في الوقت المناسب سيوفر مصدرا بديلا للتمويل بينما يدعم إدارة السيولة في البنوك، كما أن تطوير سوق الدين سوف يؤدي كذلك إلى الحد من اعتماد الحكومة والشركات ذات الصلة بالحكومة والشركات الخاصة على التمويل الخارجي والإقراض المصرفي، وسوف يقدم كذلك أدوات لإدارة السيولة في البنوك في ظل قواعد السيولة بموجب اتفاقية بازل. وأضافت إن طبيعة الاقتصاد المفتوحة لمصر وموقعها الاقتصادي تدعو إلى مواصلة التركيز على التدابير الرامية إلى تخفيف المخاطر الناجمة عن غسل الأموال، فمن المحتمل أن تنشأ مخاطر من التدفقات المتزايدة من الخارج، والموجهة نحو القطاع المصرفي والسوق المالية، والعقارات، وسوق الذهب، والتجارةلهذا من الضروري الاستمرار في تعزيز نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لتخفيف هذه المخاطر وينبغي أن تركز الجهود على إجراء تقييم للمخاطر على المستوى الوطني وتعزيز دور أجهزة الرقابة على الأعمال والمهن المالية وغير المالية، بما فيها وكلاء العقارات، لضمان تطبيقها للتدابير الوقائية بقدر كافٍ بما فيها الإبلاغ عن المعاملات المشبوهة بما يتناسب مع المخاطر التي تواجهها. وتوقعت الجمعية أن يدفع تخفيف القيود على أسعار الطاقة المحلية الاستثمارات الجديدة فى حقول البترول والغاز الطبيعي خاصة وأن التغييرات تسمح للحكومة بخفض عجز الموازنة ودفع الأموال المستحقة لموردى الوقود، وهى خطوة ضرورية إذا أرادت مصر جذب المستثمرين مرة أخرى بعد هروبهم من البلاد بسبب الاضطرابات الأخيرة ومحاولة زيادة الصادرات وتلبية الطلب المحلى المتزايد على الطاقة. وترى الجمعية أن رفع أسعار الطاقة والكهرباء سيؤدى إلى خفض الاستهلاك بشكل ملحوظ، حيث نتوقع أن نشهد خفضا فى الاستهلاك بنسبة 10% فى الكهرباء لأن المواطنين سيكونون أكثر حرصا على ترشيد استخدام الطاقة بعد رفع أسعارها. إلا أنه على الحكومة ضرورة إيجاد آلية واضحة لتوجيه الدعم إلى مستحقيه فقط، حفاظاً على حقوق هذه الفئة، ومنع تسرب الدعم للأغنياء بجميع أشكاله حتى لا تتحمل الدولة أي أعباء جديدة. وأكدت أن سوء إدارة ملف الطاقة خلال العشر السنوات الأخيرة سببه الرئيسى جمود فى الفكر والخوف وعدم القابلية للتطوير والتغيير ومقاومة التحول لتكنولوجيات مصادر الطاقة البديلة مع الخلط والمغالطة لافضليات اقتصاديات الاستخدام للطاقات المختلفة فى إطار الدعم الشديد والسافر للبترول والغاز بالإضافة إلى عدم وجود البيئة التشريعية السليمة الصحيحة لخلق المناخ المناسب لنمو ولتطوير جميع أنشطة الطاقة المتجددة المختلفة مع عدم تفعيل أى قرارات وزارية تصدر فى هذا الشأن وذلك بخلاف إلى نقص فى المديرين التنفيذيين الأكفاء ذوى الرؤية ومتخذى القرارات. إن طبيعة المشكلة المتفاقمة تحتم اتخاذ قرارات جريئة غير تقليدية حازمة وحاسمة لمواجهة أزمة الطاقة الطاحنة الواردة فى الفترة المقبلة خاصة أن دقائق المشكلة مرصودة جيدا والحلول معروفة لدى المسئولين والخبراء. كما أن مهمة إصلاح دعم الطاقة غير مستحيلة، وتحتاج إلى إعدادٍ محكمٍ، وإلى حشد للتأييد الشعبي من طريق تواصل شفافٍ مع كل فئات المجتمع. ويؤكد استطلاع للرأي أجراه معهد «غالوب» في أربع دول عربية هذا الاتجاه، فالغالبية قد لا تعارض سياسة رفع الدعم شرط تنفيذه في طريقة مدروسة، يكون تطوير شبكة الحماية الاجتماعية جزءاً من برنامج الإصلاح للتخفيف من تأثيره في الفقراء، مع استعمال جزء من الأموال الموفَّرة لتحسين خدمات التعليم والصحة. قالت الجمعية إن التعديلات الجديدة في الموازنة تأتي في مصلحة المواطن خاصة مع توجيه نسبة كبيرة من الدعم للفقراء ومحدودي الدخل والعمل علي زيادة مظلة التأمين الاجتماعي ليشمل 3 ملايين اسرة بدلا من 15 مليون اسرة حاليا كما ان اعادة النظر في منظومة الدعم للمواد البترولية وخفضه بما يعادل حوالي 42 مليار جنيه فرصة للحكومة لتوجيه الدعم الي مستحقيه وذلك لان منظومة الدعم الحالية يوجد بها الكثبر من الثغرات التي تتسب في تسرب جزء من الدعم الي الجهات غير الشرعية وتوجيهه الي غير المستحقين وقال ان اعادة النظر في منظومة الدعم يساعد علي استقرار السوق لهذا نطالب بان يتم التعامل بشفافية مع تعديل اسعار الطاقة من خلال برنامج واضح ومحدد حتي لا يؤثر ذلك علي السلع والمنتجات التي يتم انتاجها وذلك لان اسعار الوقود تنعكس علي عمليات النقل والتداول بالاضافة الي المصانع التي تستخدم الطاقة في عمليات الانتاج والتصنيع و بضرورة تطبيق نظام واضح ومحدد وتدريجي لتعديل أسعار الطاقة وألا يتم الأمر فجائيا. وأضافت أن خفض العجز في الموازنة ليعادل 10% شئ جيد وإن كان غير كاف لأن المطلوب زيادة النشاط والعمل لذا فان اهتمام الرئيس بالموازنة الجديدة لأول مرة يمثل بداية جيدة حتي يتم وضع موازنة واقعية ويمكن تنفيذها ونشير إلي أن زيادة الإنتاج خلال المرحلة القادمة هو أمل مصر لاستعادة وضعها الاقتصادي فمصر قادرة علي استعادة وضعها الاقتصادي بسرعة في حالة زيادة الإنتاج لأنه ليس من المعقول الاعتماد علي المعونات والمنح الخارجية كما أن مؤشرات الأوضاع تؤكد زيادة معدلات النمو الاقتصادي والموازنة الجديدة تعطي اهتماما كبيرا بالمواطن البسيط وهو عليه دور حيوي وهام لان الحكومة وحدها غير قادرة علي تنفيذ كل شيء. وأوضحت أن التعديلات الجديدة في الموازنة وتوجيه نسبة من المخصصات الي التعليم والصحة وزيادتها بما يعادل 22 مليار جنيه فرصة كبيرة لاستفادة محدودي الدخل والفقراء من هذه الخدمات الهامة والحيوية والاهتمام بالتعليم يصب في النهاية في زيادة فرص العمل ولكن هناك ضرورة ربط التعليم بالعمل والاهتمام بالتعليم الفني والصناعي حتي يمكن توفير فرص العمالة اللازمة للمصانع والشركات للقضاء علي البطالة وهناك ضرورة الاهتمام بالمشروعات القومية الكبري التي يمكن أن تكون فرصة لدفع الاستثمار وزيادة المخصصات اللازمة لتوفير المرافق اللازمة للمشروعات الاستثمارية والصناعية مثل الطرق والكباري والتوسع في المدن الاستثمارية والصناعية التي تشجع المستثمرين علي التوسعات. بالإضافة إلى أن الحكومة عليها دور حيوي وضروري خلال المرحلة القادمة لتوفير الحماية للمواطن البسيط من خلال تنفيذ إجراءات تضمن عدم ارتفاع الأسعار ومواجهة أية نتائج يمكن أن تترتب علي تعديل اسعار الطاقة للمصانع وأن يتم ذلك من خلال برنامج تدريجي وليس بشكل فجائي حتي لا تحدث أية أزمات في الأسواق والسلع وطالب الحكومة بالتوسع في المنافذ الحكومية التي تساعد علي ضبط الاسواق ومواجهة ارتفاع الأسعار . كما أن توسع وزارة الصناعة والتجارة في إقامة عدد كبير من المناطق الصناعية وزيادة المخصصات اللازمة للصعيد يساعد المستثمرين علي التوسع في الاستثمارات بمحافظات الصعيد التي تحتاج الي زيادة كبيرة في معدلات التنمية لحل مشاكل المواطنين بها ورفع مستويات دخل الأسر كما نطالب بأن تتجه الدولة لنشر سياسة ترشيد النفقات الحكومية لاشاعة ثقافة الترشيد بغض النظر عن قيمته.