وزير التعليم العالي يبحث مع سفيرة قبرص دعم علاقات التعاون الأكاديمي والبحثي    انطلاق امتحانات نهاية العام بجامعة حلوان التكنولوجية الدولية    ارتفاع أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 20 أبريل    أسعار اللحوم اليوم الثلاثاء 20 مايو 2025    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    افتتاح أحد أكبر مصانع الضفائر الكهربائية بالعالم في العاشر من رمضان| صور    وزير الإسكان: طرح 15 ألف وحدة ضمن إعلان «سكن لكل المصريين7»    بعد انطلاق التشغيل التجريبي.. أبرز المعلومات عن محطات المرحلة الأولى من مشروع الأتوبيس الترددي    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    اليابان تأمل في انفراجة دبلوماسية بشأن أوكرانيا عقب محادثات ترامب وبوتين    نتنياهو: أدين بشدة تصريحات يائير جولان ضد إسرائيل وجيشها    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى.. وقوات الاحتلال تعتقل 10 فلسطينيين من الضفة    الأونروا: اليأس بلغ ذروته وعلى إسرائيل رفع الحصار عن غزة    القبض على سوري مشتبه به في طعن خمسة أشخاص بمدينة بيليفيلد الألمانية    الطلائع يستضيف الإسماعيلي في كأس عاصمة مصر    محافظ بورسعيد يجتمع مع مجلس المصري.. وانفراجة في موقف أبو علي    الاتحاد ضد الشباب في الدوري السعودي.. الموعد والتشكيل المتوقع    الأهلي ضد الزمالك.. الموعد والقناة الناقلة لقمة كرة السلة    مدرب وادي دجلة: أتحفظ على قرار إلغاء الهبوط لهذا السبب    غزل المحلة يتواصل مع محمد رمضان لشغل منصب المدير الرياضي    البنك الأهلي يواجه مودرن سبورت لحسم التأهل لنصف نهائي كأس العاصمة    الآن.. موعد ورابط تطبيق تقديم رياض الأطفال KG1 للعام الدراسي 2025-2026 (الشروط والسن)    تشريح جثة فتاة مجهولة الهوية عثر عليها في نيل الوراق    «الأرصاد»: أجواء ربيعية تسود البلاد وسط انخفاض في درجات الحرارة اليوم    ضبط كميات من القمح واللحوم الفاسدة خلال حملات تموينية بأسيوط    موعد عرض مسلسل تحت الأرض على قناة MBC1    في ذكرى وفاتها.. ميمي شكيب أيقونة الشر الناعم وسيدة الأدوار المركبة التي أنهت حياتها نهاية غامضة    المتحف المصري الكبير يستضيف فعاليات ملتقى التمكين بالفن    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    منظمة الصحة العالمية تعلن قضاء مصر على طفيليات الملاريا البشرية    جامعة القاهرة: تعزيز التعاون المصرى الصينى فى إدارة المستشفيات    طريقة عمل الفراخ البانيه، بقرمشة لا مثيل لها    وفد صيني يزور قصر العيني التعليمي الجديد للتعاون في إدارة المستشفيات    حملات مكثفة لتجميل ونظافة وكنس الشوارع ورفع القمامة بنطاق غرب المنصورة    ترتيب هدافي الدوري السعودي قبل مباريات اليوم الثلاثاء    الإعاقات وآداب التعامل.. ندوة بجامعة حلوان    إصابة 4 أشخاص فى مشاجرة بسبب الخلاف على أرض زراعية بسوهاج    ترامب يلمح إلى إخفاء إصابة بايدن بسرطان البروستاتا عن الرأي العام    22 دولة تدعو إسرائيل إلى السماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة    رحيل "أم إبراهيم"... الدراما السورية تودّع فدوى محسن عن 84 عامًا    ياسمين صبري تكشف كواليس تعاونها مع كريم عبدالعزيز ب«المشروع X»    مصرع عنصرين شديدي الخطورة بالمنوفية والمنيا وضبط آخرين    «أكبر خطيئة وتستلزم الاستغفار».. سعد الهلالي عن وصف القرآن ب الدستور    وزارة العمل تعلن توافر 5242 فُرص عمل في 8 محافظات    ماذا تفعل المرأة في حال حدوث عذر شرعي أثناء أداء مناسك الحج؟    منذ فجر الاثنين.. 126 شهيدا حصيلة القصف الإسرائيلي على غزة    5 أيام متواصلة.. موعد إجازة عيد الأضحى 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    "تيك توكر" شهيرة تتهم صانع محتوى بالاعتداء عليها فى الطالبية    مهرجان كان يعدل جدول أعماله بسبب دينزل واشنطن ويفاجئه بجائزة "السعفة الذهبية الفخرية" (فيديو)    حبس شاب متهم بالشروع في قتل آخر بالعياط    تكريم طالبين بجامعة عين شمس لحصولهما على جائزة بمسابقة عمرانية    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    فضل حج بيت الله الحرام وما هو الحج المبرور؟.. الأزهر للفتوى يوضح    محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل ويشدد على سرعة الإنجاز (صور)    «ليست النسخة النهائية».. أول تعليق من «الأعلى للإعلام» على إعلان الأهلي (فيديو)    أستاذ علاقات دولية: الاتفاق بين الهند وباكستان محفوف بالمخاطر    ما مصير إعلان اتصالات بعد شكوى الزمالك؟.. رئيس المجلس الأعلى للإعلام يوضح    سامي شاهين أمينا للحماية الاجتماعية بالجبهة الوطنية - (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللهم خِرْ لمصر واختَرْ لها حتى يتعجبَ أصحابُ الحِيَل

فى أحد أيام 2007 كنتُ على موعدٍ للقاء الدكتور عزيز صدقى وزير صناعة عبد الناصر وأحد البنّائين العظام فى تاريخ مصر.. ما أن دخلتُ إلى مكتبه فى الزمالك حتى انفجر غاضباً على غير عادته.. كان مُمسكاً بأحد الجرائد وقد قرأ للتوْ خبراً عن الفساد الفاجر لأحد وزراء الإسكان السابقين.. ودار بيننا حديثٌ طويل لا مجال لسرد تفاصيله الآن، ولكننى أذكر أنه بعد أن هدأت ثورتُه قال فيما قال (يا بُنىّ.. لا تدع كل حديثنا الثائر والغاضب عن هذا الفساد الفاجر يصيبك باليأس أو الإحباط.. بل تفاءل.. فما أسهل أن تنهض مصر مرةً أخرى وبأسرع مما تتخيل.. فمصر بلدٌ فرعونى.. الإصلاح فيه من أعلى أسهل من الإصلاح من أسفل.. والإفساد فيه من أعلى أسهل أيضاً من الإفساد من أسفل.. هل تذكرُ كيف كان حال مصر عام 1952؟)، فقلتُ له (كانت الغالبية تعانى الثالوث الشهير: الفقر والجهل والمرض.. فضلاً عن احتلال جاثم وقوى سياسية ينقسم ولاءُ معظمها بين قصر الملك وسفارة المحتل).. فسألنى (وهل تذكر كيف أصبح حال مصر سنة 1962 أى بعد عشر سنوات فقط من هذا الوضع البائس؟)، فأجبته (صرنا نصنع صواريخ) فأجابنى وقد أضاء وجهه شعورٌ بالفخر والرضا (ليس الصواريخ فقط ولكننا كنا قد ملأنا مصر بالمدارس والمصانع والوحدات الصحية وقصور الثقافة والساحات الشعبية، وأصبحنا الدولة القائدة لدول عدم الانحياز والنموذج المحتذى لحركات التحرر فى العالم.. كل هذه القفزة الواسعة السريعة للأمام لمجرد أن الله قيّض لمصر حاكماً مخلصاً لها عارفاً قدْرها أفنى حياته من أجل شعبها فأحبّه شعبُها وحقق معه المعجزات). كان عزيز صدقى يقول ذلك ووراءه تجربةٌ عظيمةٌ تؤكد صحة ما يقول.
أنا متفائلٌ مثلما تعلمت من الدكتور عزيز صدقى والدكتور عبد الوهاب المسيرى والفاجومى أحمد فؤاد نجم وغيرهم من العمالقة الذين وثقوا فى قدرة هذا الشعب على تحقيق المستحيل، وأثق فى صحة المعادلة التى أشار إليها أبو الصناعة للقفز من حاضر أزمة إلى مستقبل إنجاز.. والتاريخ البعيد والقريب يؤكد صحة هذه القاعدة.. قائدٌ مخلصٌ لشعبه + شعبٌ دؤوب يثق فى قائده = طفرة وإنجازاً.. لدينا الشعب الدؤوب الصابر ولم يتبقَ إلا حسن اختيار القائد المخلص المتجرد اليوم وغداً لكى يتحقق الشطر الثانى من المعادلة: الطفرة والإنجاز.
تفاءلوا بأننا نستطيع (كما استطعنا من قبل) وثقوا فى قدرة الله الذى يقول (لا تدرى لعل الله يُحدثُ بعد ذلك أمرا).. بل إننى أرى بوضوحٍ أن الله يُحدثُ ذلك الأمر فعلاً منذ ثلاث سنوات.. وأن يد الله الحانية تحفظ مصر وتغسل أدرانها بسرعةٍ وتخط لها طريقاً للأمام.. أتفهم اكتئاب وتشاؤم البعض لأننا نعيش فى قلب الأحداث.. لكن أى إطلالةٍ منصفةٍ من خارج المشهد تدعو للتفاؤل.. فقد تخلصنا من كوابيس ثقيلةٍ بأقل تكلفة.. ومهما بلغت تكلفة وآلام نزع الشوكة السامة من جسد الوطن، تظل أقل من تكلفة وآلام بقائها.
المعادلةُ مُجرّبةٌ وصالحة فى كل زمانٍ ومكان.. تذكروا كيف كانت مكة، بل شبه الجزيرة العربية ببدوها الرحل الجَهَلة الجاهليين، وكيف أصبحت قبل أقل من عِقدين من بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام؟. سيقول قائلٌ إن هذا رسولٌ يصنع الله به وله المعجزات.. حسناً، فما قولكم فى التجربتين العُمريتين؟ كيف كان حالُ الأمة قبل كلٍ منهما وكيف أصبحت؟. فى التجربتين سعدت الأمة واغتنت أما القائد فكان حظه فى الدنيا أقل من شعبه.. يأكل أقل مما يأكلون ويلبس أقل مما يلبسون ويعيش على الكفاف.. قادة الإعجاز والإنجاز هم بشرٌ مثلنا لكنهم يخسرون دنياهم من أجل آخرتهم ودنيا شعوبهم.
هذه القاعدة لا تصدق على مستوى الدول فقط وإنما تصدق على أى كيانٍ اقتصادى أو إدارى أو اجتماعى.. طلعت حرب نموذج.. موظفٌ عادى استثمر حماس المصريين فى أعقاب ثورة 1919 لإقامة قلعةٍ اقتصادية رائدة.
هل نحن أقل من غيرنا؟ لماذا لا نتفاءل بأن يتكرر عندنا ما حدث مع غيرنا من طفراتٍ نُسميها معجزات.. المعجزة الماليزية والمعجزة السنغافورية والمعجزة الإندونيسية والمعجزة التايلاندية والمعجزة البرازيلية والمعجزة الفيتنامية ومعجزة دبى.. حتى وصلنا للمعجزة الرواندية والمعجزة البوركينافاسية.. ومعظم هذه النماذج لدولٍ مرّت بمآسٍ وكوارث وحروبٍ عافانا الله منها، وبدأت معجزتها من حالةٍ أسوأ مما نحن فيه الآن.. وليس فيها شعوبٌ أرقى ولا أذكى من شعبنا.. لا يوجد شعبٌ أفضل من شعب ولكن يوجد قائدٌ أفضل وأكثر إخلاصاً من آخر.
سنستطيع بإذن الله كما استطاع غيرُنا، وياليت المصريين جميعاً يقرأون كتاب (الفيل والتنين: صعود الهند والصين) تأليف روبين ميريديث، وترجمة شوقى جلال، والذى صدر ضمن سلسلة عالم المعرفة الكويتية، وأستعير هنا سطوراً من تلخيص العزيز إبراهيم عيسى:
(فى 1991 كانت الهند أمةً فيها مائة مِلَّة ويتحدث شعبها أكثر من ثلاثين لغة مختلفة، وكانت مفلسةً تماماً، وبها 330 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر، وأدى التضخم الذى بلغ 17 فى المائة إلى تآكل الدخول المنخفضة، وانهارت الموارد المالية للحكومة، وأضحت الهند أمام كارثةٍ محققة. أوقفت المصارف الاقراض للهند، كما ألغت بطاقة الائتمان لعدم السداد، وهبط احتياطى الصرف الأجنبى إلى مستوياتٍ تكاد لا تفى إلا بتكلفة أسبوعين من واردات النفط. وطارت حمولةُ طائرةٍ بأكملها من احتياطى الذهب الهندى إلى لندن مقابل ضمان قروضٍ قصيرة الأجل من الغرب.
فى أقل من عشر سنواتٍ من نقطة البداية الكارثية استخدمت الهند أدوات النهوض، فماذا حدث؟. نما الاقتصاد بأسرع مما كان على مدى عقود، وبدأت الشركات تشغيل العاطلين، وانخفض حجم التضخم من أكثر من عشرة إلى ما دون العشرة بحيث يمكن التحكم فيه، وانخفض الدَّيْن، كما تم استرداد احتياطى الصرف الأجنبى النفيس، وتجنبت الهند الأزمة، وظلت الأضواء مشتعلةً لم تنطفئ فى أعظم بلاد الدنيا فى هندسة الكمبيوتر وأكبر عددٍ من مهندسى البرمجيات فى العالم).
هى نفس المعادلة المجرّبة للطفرة والإنجاز.. رؤية قيادةٍ ودأَب شعب.
فاللهم إنى أسألك اليوم، وملايين المصريين يتوجهون لمراكز الاقتراع، أن تُلهمهم رُشدهم فيُحسنوا اختيار قائدهم.. اللهم إنى أسألك بحق عبادك وإمائك من المصريين الذين يبيتون على الطوى ولا يسألون الناس إلحافاً.. أولئك الذين تعلمهم ولا نعلمهم.. يا رب.. وأسألك بحق الفلاحات الشريفات القادمات فجر كل يومٍ من ضواحى القاهرة، حاملاتٍ ما أنتجنه من جبنٍ وبيضٍ لترجعن بجنيهاتٍ قليلةٍ تتعفف بها أسرهن.. وأسألك بحق الرجال المنكسرين فى (سوق الرجالة) فى انتظار (شيلة رملة) تهُدّ الحيل فى قيظ الصيف مقابل جنيهاتٍ قليلةٍ ولكنها حلال، ولا يخطر ببالهم (مجرد خاطرٍ) أن يلوثوا جيوبهم بمالٍ حرام.
وأسألك يا رب بحق أنك أنت العليم الذى يعلم أن هذا الشعب فى أصله وغالبيته طيبٌ وإن قَسَت قلوب بعض أبنائه.. شريفٌ وإن علا صوتُ بعض فاسديه.. أسألك أن تلطف بمصر وتحفظها وتُعزّها.. ففى عزّها عزُ العرب أجمعين.
اللهم خِر لمصر واختر لها قائداً يُدخل مصر جنة الأرض وتُدخله مصر جنة السماء.. قائداً يخسر فينا دنياه ويكسب آخرته.. قائداً تُحقق معه مصر معجزةً جديدةً.. حتى يتعجب أصحاب الحيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.