عرض الدكتور محمد معيط، مساعد وزير المالية، مبادرة مصرية جديدة لإنشاء كيان استثمارى عربى مشترك يساهم فى استثمار أموال صناديق ومؤسسات الضمان الاجتماعى فى الوطن العربى، بهدف تخفيض مخاطر الاستثمار المحلى وتعظيم العائد على الاستثمارات من خلال الاستفادة بالفرص الاستثمارية ومعدلات النمو المرتفعة فى مختلف الأقطار العربية. وأوضح معيط خلال أعمال مؤتمر وزراء الضمان العرب اليوم، الأحد، بمدينة شرم الشيخ أنه سيتم إنشاء العديد من المشروعات فى الدول العربية المختلفة لإيجاد المزيد من فرص العمل وزيادة معدلات النمو لاقتصاديات المنطقة العربية، باعتبار أموال التأمينات أكبر وعاء لتجميع الأموال فى العالم، مشيرا إلى أن المبادرة المصرية تشمل أيضا إنشاء جمعية لصناديق التأمينات الاجتماعية بالدول العربية لزيادة التعاون العربى المشترك فى مجال التأمينات وسياسات الضمان، خاصة فى ظل الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على المنطقة. وأشار معيط إلى تأثر أنظمة الضمان الاجتماعى سلبياً بالأزمة المالية والاقتصادية الحالية لعدة عوامل، منها تراجع القيمة الرأسمالية للمحافظ المالية لصناديق الضمان الاجتماعى فى ظل التراجع الحاد فى أسواق الأوراق المالية والأداء الاستثمارى السلبى، وارتفاع حالات البطالة مما أدى إلى تراجع العائدات من الاشتراكات، وزيادة الأنفاق على المزايا لمواجهة حالات البطالة والخروج المبكر على المعاش. وقال معيط إن الجمعية الدولية للضمان الاجتماعى أجرت دراسة مسحية لبحث تأثير الأزمة المالية العالمية على أنظمة الضمان الاجتماعى، خلال الفترة من فبراير إلى إبريل 2009 غطت 47 هيئة تأمينات اجتماعيّة من 43 دولة، أوضحت حدوث تراجع فى عوائد الاشتراكات والعوائد الاستثمارية، حيث تراوح الأداء الاستثمارى ما بين (- 29,5%، - 15,8%)، وبلغت خسائر صناديق الاستثمار فى العالم نحو 225 بليون دولار، وكان الضرر أقل بالنسبة للدول النامية التى أظهرت اغلبها عوائد ايجابية، لأنها تتبع سياسات استثمارية تركّز على الاستثمار فى الأصول الثابتة ولا تسمح بالاستثمار بالخارج. وأشار معيط إلى أن خسائر الصناديق الخاصة بدول (OECD) منظّمة التعاون والتنمية الاقتصادية عام 2008 بلغت نحو 5,4 تريليون دولار بما يعادل (23% من قيمتها )، مقابل تريليون دولار لصناديق التقاعد بالولايات المتحدة، بينما سجّلت صناديق التقاعد فى بريطانيا خسارة وصلت لنحو 500 مليون يورو. وبالنسبة لمصر أوضح معيط أن وزارة المالية بادرت إلى اتخاذ عدد من الإجراءات لحماية أموال التأمينات فى ظل الأزمة العالمية، حيث اتخذ قرارا بعدم تسييل استثمارات تلك الصناديق فى الأوراق والسندات الحكومية والأسهم والسندات الأخرى المسجلة بالبورصة المصرية والتى لا تتجاوز استثمارات الصناديق فيها نحو 4% من إجمالى الأموال المستثمرة، مقابل 69% فى صكوك وزارة المالية و18% فى بنك الاستثمار القومى و6% سندات حكومية و2% ودائع بنكية و1% فى صناديق الاستثمار. وحول تأثير الأزمة على صندوقى التأمين الاجتماعى للعاملين بالقطاع الحكومى وصندوق التأمين للعاملين بقطاع الأعمال العام والخاص، قال إن التأثير يأتى من خلال عاملين الأول تأثيرها على السوق المصرى والأوضاع الاقتصادية السائدة وحالة الركود الناشئة نتيجة لذلك، حيث سيؤثر هذا على العديد من المنشآت مما قد يؤدى إلى إغلاق العديد منها أو تسريح جزء من العمالة وعدم التشجيع على التعيينات الجديدة وكذلك ارتفاع معدلات البطالة. والعامل الثانى تأثيرها على الاحتياطيات والأموال المستثمرة الخاصة بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعى، وهذا التأثير محدود للغاية حيث تحتل مصر المرتبة الثالثة فى قائمة الدول قليلة المخاطر فى الاستثمار بعد اندونيسيا وسنغافورة. ولمواجهة الأزمات العالمية مستقبلا أوضح معيط أهمية الأخذ بعدد من المقترحات مثل وضع سياسات للضمان الاجتماعى تراعى سياسات سوق العمل بحيث لا تؤثر على محفزات العمل ولا تؤدى للاعتماد طويل الأمد على مزايا الضمان الاجتماعى. وأضاف مساعد وزير المالية أنه يجب على برامج الضمان الاجتماعى العامة وأنظمة التقاعد الخاصة عند تصميمها ألا تعرض أعضاؤها بشكل كبير لمخاطر السوق المالى، وعليه فإن مسئوليات الدولة تجاه توفير ضمان اجتماعى كاف لا يمكن تفويضها للقطاع الخاص، مع بناء سياسات الضمان الاجتماعى وفق نظرة طويلة الأمد تضمن الاستدامة المالية لبرامجه، كما يجب أن تعمل منظمات الضمان وفق نظرة شمولية متكاملة تجاه إدارة المخاطر.