قال الأمير الحسن بن طلال، رئيس منتدى الفكر العربى، فى كلمته بمؤتمر حوار الحضارات بالبحرين عقب إلقاء شيخ الأزهر كلمته، إننا نمر اليوم بأوقات عصيبة تغلب فيها العنف على الحوار، محذرا من أن خطاب الكراهية أصبح صناعة تدر الأموال على فئة قليلة من الناس تجلب الدمار على البشرية. وأضاف أن تطوير الحوار على المدى البعيد يسهم فى إيجاد ثقافة سياسية مجتمعية تكون غنية بالتعددية، ويتم فيها إيجاد نظام إنسانى أخلاقى وفهرس عالمى مشترك للقيم الإنسانية وتعظيم الجوامع واحترام الفروق. ورأى أن حوار الثقافات لا يمر من خلال التخلى عن الهوية التى تعكس الخصوصية، كما أن الحوار لا يعنى احتكار العالمية فى نموذج واحد غير قابل للنقد أو التغيير، مشيرا إلى زيادة التمركز حول العرق أو الطائفة أو الدين ليس نتاجا للدين بقدر ما هو نتاج لمشكلات مادية واجتماعية أوجدها الناس نتيجة لخلل فى فهم التنوع والتعدد. ولفت إلى أنه إذا كان قضية الانفتاح على الثقافات الأخرى فى الماضى قضية خيار، ففى عصر الترابط وثورة الاتصالات أصبح الانفتاح أمراً لا مفر منه، دون هيمنة وفى إطار فكر تعددى من شأنه إغناء وتطوير الثقافات فى العالم وتطوير الحضارة الإنسانية. وأوضح أنه فى إطار الحديث عن الحوار الحضارى يجب التأكيد على أهمية تشجيع مبدأ التكافؤ بين الثقافات المختلفة وتطبيقه على أرض الواقع، والإقرار بأن الفكر التكفيرى المتطرف المنحرف ليس قاصراً على حضارة بعينها أو حصرا فى اتباع ديانة دون أخرى، مع أهمية العمل على تطوير مؤسساتنا التعليمية، والمحافظة على الموضوعية والتجرد فى عرضنا للحقائق التاريخية، والتركيز على قيم المحبة والسلام. وأضاف أن تحقيق حوار سليم وناجح بين الثقافات والحضارات يحتاج إلى توفر عدة شروط أهمها الإيمان بالآخر، واحترام خصوصياته والندية والمساواة بين مختلف الأطراف المتحاورة. وقال إن خطاب الكراهية يغذى الفتنة ويدفع للنزاع والصراع والحروب، ويقود إلى الفرقة والتجزئة، مبينا أنه خلافا لمقولة صراع الحضارات والمواجهة وحتميتها المزيفة التى يسوغ من خلالها بعض المنظَرين الدمار والخراب ويبشرون باستمراره فإننا نستطيع أن نرى بوضوح أن الغاية التى أرادها الله من خلق الناس مختلفين ومتنوعين هى التعارف والتلاقى والتكامل. وأضاف أن أهم أسباب رفضنا لعملية ضم القدس هو قتل روح التعددية التى انطوى عليه تاريخ المدينة المقدسة، والتى جمعت بين أحضانها اليبوسيين والكنعانيين وأتباع الأديان الإبراهيمية، لذلك فإن الرد المنهجى على الإقصائية الصهيونية، أو أية إقصائية أخرى تمجد الفرقة وتسوغ العدوان بمبررات دينية، هو الاعتدال وزيادة الحرص على تعدديتنا العربية والإسلامية، التى تقوى المجتمع وتوحده على أهداف مشتركة، وتحترم الخصوصيات المذهبية والدينية والعرقية. ونوه إلى ضرورة التركيز على رسالة الاعتدال والتعددية الإنسانية التى ينادى بها الإسلام، إذ لا يمكننا الاستمرار فى الادعاء بأننا معتدلون ووسطيون إن لم نكن فاعلين فى نشر الإسلام المعتدل واحترام التنوع.