بعد كام بوست على الفيس بوك من شوية شباب، وبعد كام تويت من كام بنت مخنوقة من التحرش، وبعد كام مقالة مكتوبة من كتاب عايشين فى مصر ومخنوقين من الوضع، شربت رشفة من كباية النيسكافيه وابتسمت وأنا أبعد ما يكون عن مصر، وفى رغبة عارمة فى إنى أسافر، ابتسمت وقلت مدام مش عجباهم ما يمشوا؟ فى وسط كل القلق والمشاكل والشتيمة فى الجيش والشرطة والمزايدة على الثورة اللى مش هكتب عنها ولا عمرى هفتى فى اللى حصل أو هيحصل فيها وعمرى ما هقول إنى كنت جزءا خفيا منها أو عنصرا فعالا بشكل من الأشكال، وسط كل ده الناس لسه فى مصر. طب ما يمشوا؟ معقول مش عارفين يمشوا؟ الهجرة صعبة أوى كده؟ بس كل يوم بنسمع على ناس فعلا سابت البلد وأخدت شهادات عشان تسافر تشتغل برا وبرضه بيرجعوا مصر إجازة، وبيسمعوا مشربتش من نيلها ويشتاقوا لكعك العيد ولسحور رمضان فى لمة العيلة والصحاب. فى وسط كل السخط والغضب تجاه الوطن اللى بقى مؤخرا يظهر على النت من كل الشباب، فئة قليلة جدا اللى اختارت أنها تغير فعلا فى الواقع من ضمن مئات اكتفوا أنهم ينوحوا على اللى بيحصل ويسبوا ويلعنوا فى أى جهة هما مش مقتنعين بوجودها. بعد كل اللى حصل ومازال بيحصل هما بسه موجودين... لسه بيروحوا قهوة أسوان اللى فى الكوربة يشيشوا بالليل وسط ألحان أم كلثوم من غير ما حد يقلهم روحوا أو إن المكان ده لجنسية معينة بس أو إن المكان ده لا يرحب بحاملين هذه الديانة. قهوة أسوان تستقبل الجميع بصدر رحب، ولسه الشباب اللى بيشتم فى الواقع وبيلعن الظروف أنها جعلته مصرى بيروح يصيف فى الساحل وشرم الشيخ والعين السخنة ويعيش أحلى لحظات حياته مقتنع أن ده العادى، مقتنع إن ده أقل حاجة ممكن يستفيدها من مصر اللى المفروض دمرت حياته. الشاب من دول عايز يكبر يلاقى نفسه فى دولة أوروبية متقدمة، بس ساعتها برضه مش بعيد كان هيدور على قهوة يقعد عليها عشان هوّ طبعه كده. الدول المتقدمة مصيحتش من النوم لقوا نفسهم متقدمين، أكيد اشتغلوا، أكيد تعبوا، أكيد الشباب منوحوش على النت وسبوا ولعنوا فى النظام وهما مستمتعين بحجر معسل على القهوة على ألحان أم كلثوم. أنا لا أبرر صعوبة الواقع ولا أطلب من أحد أن يكون سعيدا بوضع مصر الحالى، أنا بس بطلب شوية تقدير، لو مش عجباك امشى، هتفضل تشتم فيها وتلعن وفى الآخر تتفسح فى الزمالك مع حبيبتك وتروح حفلة لفرقة موسيقية بتحبها وتفطر على النيل مع خطيبتك، وتروحى تشترى هدوم مع مامتك من السوق اللى كانت هى بتورحه تجيب منه هدوم هى وجدتك، مش عارفه ليه بطلوا يقدروا المكان اللى هما عايشين فيه، مش عارفه ليه متوقعين إنهم ياخدوا الجزء الحلو من غير الجزء الوحش. ف وسط كل المتشائمين دول فى ناس صحيت بدرى تصلى وتدعى ربنا وتنزل تشتغل وتنجح ويمكن تحط أفكار جديدة مفيدة وتقنع الناس أنها تعمل حاجه صح. فى وسط كل دول كان فى شخص بيدعوا الناس أنها تنزل تجرى وتمارس الرياضة عشان الرياضة للجميع ووصل بفكرته إلى cairo runners. وسط كل ده كان فى امرأة مثقفة محبة للجمال وأم كلثوم بدأت سلسلة مجوهرات عزة فهمى اللى تقريبا مفيش فى جمالها فى الشرق الأوسط. فى ناس نجحت وفى شباب كانت قاعدة أونلاين أو بتشرب حجرين أو زهقانين فقرروا يشتموا فى البلد اللى عاشوا فيها واللى كبروا فيها واللى لو راحوا أى مكان تانى فى العالم مش هيرتاحوا غير جواها. فيه ناس اختارت.. فياريت الشباب يختار.. هو عايز يعيش فى مصر ويصلح فيها.. ولا عايز يسيب البلد ويروح مجمتع تانى ويكتشف إن العيب فيه مش فى مصر؟؟