يَجُبن قريتهن النوبية بالأطباق التى تفترش بها بائعات الخضار الأسواق، لكن سيدات النوبة يستبدلون الخضروات والفواكه ببيع العرائس الزاهية، رافعات البهجة فوق كل اعتبار. قرية غرب سهيل النوبية، تبدأ قصة سيداتها أمام ورش الخشب التى تصنع مجسمات العرائس قبل أن يجمعنها فى منازلهن، على طبالى صغيرة ترص كل سيدة عرائسها قبل أن تصب عليها ألوان وتاريخ أهل النوبة، ولكن ببصمة تميز عرائس كل سيدة عن بقية عرائس القرية، ومنها إلى الأطباق الصغيرة، ثم إلى شوارع القرية العتيقة التى مازال يأتيها السياح على استحياء ليستمتعوا بمغامرة مع جمال النوبة القديمة. "أتعلمناها من جداتنا" تقول الحاجة صفية بابتسامة سمراء تعرف طريقها جيدا لقلوب الزوار وتتابع "كل ستات القرية تقريبا شغالين فى العرايس، وبينزلوا يجيبوها ويرسموها لحد ما يبيعوها، إحنا طول عمرنا واقفين جنب رجالتنا وأمهاتنا علمونا كده، الست ليها دور فى كل حاجة وتساعد الراجل وتشيل البيت معه عشان عجلة الحياة تدور". رائحة البخور تنبعث من حوانيت العطارين، موسيقى الجنوب تملأ الهواء شجن، أشرعة المراكب تلوح فى الهواء منتظرة سائح أو اثنين نقلتهم للتو إلى غرب سهيل.. فى المنتصف بالضبط تجلس السيدات الثلاث كل منهن بعرائسها يتبادلن أطراف الحديث واضعين الرزق مثلما يشدوا "منيب" بجانبهم "على الله".. تتحدث من بينهن "أم جميلة"، وتقول "معظمنا بنسمى العرايس دى عرايس بكار، وشكلها المميز بيرسم الست النوبية، بالجلاليب الملونة والوش الأسمر والزينة عليه والحلقان الكبيرة، وفوق الروس القمح اللى كان أيام الخير والفيضان كل الستات بتشيله على راسها". مع الوصول للعام السابع تبدأ البنت رحلتها مع العرائس، يمكن البيع أمام المنزل أو فى أقرب شارع، ثم تعلم قواعد الرسم ومساعدة الأم، ومع العام العاشر تكون الطفلة قد حصلت على شهادة الاعتماد كصانعة عرائس، تقول منه، 9 سنوات بينما تحاول بيع أحدى العرائس: "إحنا بنبيع وإحنا بنلعب مع أصحابنا وساعات البيع نفسه بيبقى لعبة، العروسة تمنها عشرة جنيهات بس، وإحنا متعلمين السعر ما بيتغيرش بين الأجنبى أو المصرى وكل القرية ما بتغيرش السعر عن كده".