انتهت مباراة مصر مع الجزائر بكل مميزاتها وعيوبها ومساوئها، لكن يبقى الأمل قائماً فى مباراة السودان والشوط الأطول فى تاريخ البلدين العربيين الشقيقين بحثا عن مهرب، فالكابوس طال على أنصار الخضر والساجدين الشاكرين.. المصريين يخافون أن تكون صحوة الموت أو الأمل الزائف الذى يمنحهم التأهل أو فرص التأهل لمدة 4 أيام لا أكثر ووقتها قد يتمنى الكثيرون أننا لو خسرنا من مباراة القاهرة لكانت الصدمة أخف ومتوقعة على الأقل. الصورة لا تزال فى ذهنى عالقة دائماً وأبداً، ولكن إحساسى بها كان يتغير من لحظة الى أخرى وشعرت وكأن منتخب مصر الوطنى الأول يدافع عن كل قضايا وهموم ومشاكل الشعب البائس التعيس الذى ارتضى أن يحيا ذليلاً.. المهم أننى أحسست أن لاعبى المنتخب بإمكانهم أن تنتقل مصر من دول العالم الثالث إلى الدول المتقدمة. من هذا المنطلق أصبح الشعب كله شغله الشاغل مصر والمونديال فعلاً شعب يحتاج إلى أى شىء ليبعده عن الواقع المرير والحياة اللاآدمية أن صح التعبير أو اللفظ فنحن نحيا على أسرة المرض وفى غافلة لا ينقذنا منها إلا المنتخب بالطبع والقديس أبو تريكة الذى يراهن عليه الكثيرون ويضعون كل ثقتهم العمياء فى بقاءه من عدمه وليست الثقة فى الحكماء والحكومة والأحزاب أو حتى الأديان، لأن الصورة تشوهت تماما وأصبحنا لا نرى سوى التأهل ولكن يبقى السؤال الأهم كيف نصل الى المونديال ونتأهل إلى كاس العالم إذا كنا من الأساس غير مؤهلين لاستكمال باقى أيام حياتنا فى عيشة هنية أو حتى فى استقرار أو فى أمان. إننى كنت فى غاية الحزن والأسى لاجتماع المصريون أو الأمة المصرية على التهافت والتكالب والإقبال على كرة القدم بشكل غريب والشوارع ممتلئة والشباب الذى هو عمد الأمة وأساسها قد تفرغ تماماً من كل المشكلات والأعباء وخلص نجيا إلى الاستمتاع بالمباراة التى قد لا تنفع مستقبلاً، وبالتأكيد فإنها لا تضر والأولى من ذلك هو الاجتماع على مصلحة الشعب والمحاربة على لقمة العيش وكأننا تخلصنا من كل ما يعوقنا فى الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ولم يبقَ أمامنا سوى حسم الحياة الكروية. تخيلوا معى أنه دار بخلدى وتطرق إلى ذهنى مشاهد ومواقف عصيبة أو سعيدة فى تاريخ مصر وهى بالطبع حاسمة ولكنى لم أجد كل هذا الإجماع حتى فى يوم وفاة أحد زعماء الأمة الراحل الكبير عبد الناصر الذى سيظل التاريخ يذكره بكل خير على ما أنجزه والصورة ليست ببعيد عن نظيره السادات حتى يوم وفاة أم كلثوم والمرحوم بإذن الله الشيخ الشعراوى والأئمة والعلماء والعظماء.. كلهم للأسف ذهبوا دون مواساة أجمع عليه الشعب. الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل أن تاريخ الكوارث والاحتلال فى مصر كبير لعل آخرها حادثى عباراتى السلام 95 و98 وحوادث القطارات والتى انتهت مؤخرا بقطار كفر الدوار والعياط والحياة السياسية والبرلمانية والانتخابات التى يتم تزويرها كل دورة برلمانية والناس فى أجازة حتى لقمة العيش والحياة الاجتماعية التى توصف بأنها ذليلة وفقيرة فى ظل انتشار الفساد وتراكم الباطل وإزهاق الحق وزيادة معدلات الفقر والفقر المعدوم وآلاف الذين يموتون جوعا ويعيشون فى المقابر مع الموتى وكأنهم سواء.. كل هؤلاء لم يجدون لحظة واحدة من شعب مصر ولا يستحقونها فى نظر آلاف المشجعين.