مسنون يجلسون فى كل مكان، وشيبة لا تجد من يرحمها، وألسنة تتحدث بكل مرارة عن زمن فات، وخوف من وقت قادم، هذه هى أوضاع أغلب المسنين فى مجتمعنا الآن، يعيشون بيننا ولا نشعر بمأساتهم أو احتياجاتهم، اليوم السابع التقت بهم وحاولت التقرب منهم خاصة أن اليوم العالمى للمسنين كان منذ شهر، ولم يشعر به أحد. فتحية على (80 سنة) امرأة طاعنة فى العمر تجلس أمام محطة مترو روض الفرج وتبيع جرائد، وجهها ملىء بالمتاعب وعيناها تحمل الكثير، فتحية تخرج كل يوم فى التاسعة صباحا وتعود فى الرابعة عصرا وتترك ابنتها الوحيدة المريضة بشلل الأطفال كى تجمع ما يكفى قوت يومها، خاصة بعد وفاة زوجها وعدم وجود مصدر رزق آخر لها، وتجلس طول النهار وتجمع فى آخر اليوم حوالى 5 جنيه فقط هو ما تتحصل عليه بعد يوم عمل طويل، ولكنها تحصل على مساعدة من جيرانها أو زبائنها فصاحب البيت الذى تسكن فيه يرفض أن يأخذ منها قيمة الإيجار. تسكت هنا لتأخذ نفسا طويلا؛ لأنها مصابة بالقلب، وتقول: "حتى علاج بنتى بجيبه من صيدلية ببلاش وناس كتير بتساعدنى" لا تعرف الست فتحية اليوم العالمى لمسنين أو تسمع عنه، ولكنها فقط تبحث عن حقها فى مجتمع نسيها مثلما نسى الكثير غيرها. أما الحاج ناجى على (63 سنة) فكان يفتح المحل الذى يعمل فيه عندما اقتربت منه وسألته عن اليوم العالمى للمسنين، فرد بكل سخرية: "أنا معرفش حاجة غير شغلى.. كل يوم بصحى الساعة 9 وأروح الساعة 11 ومبعملش حاجة غير أنى بشتغل، من يوم ما طلعت ع الدنيا، الأول كنت شقيان مع أبويا وبعدين لوحدى، حياتى كلها شغل، مبشوفش ولادى حتى يوم إجازتى بنزل، متسالنيش عن اليوم العالمى لمسنين أو غيره". "احنا محدش حاسس بينا مفروض حد فى سنى يستريح فى البيت، بس هعمل إيه عندى ولد متخرج من كلية تجارة ومش لاقى شغل مين هيصرف على البيت"، الحاج ناجى يعمل فى محل للأحذية والشنط ويحصل على أجر 700 جنيه فى الشهر وليس لديه أجر آخر أو معاش، يحصل عليه ويتمنى فقط أن ينظر المجتمع بعين الرحمة لمن فى سنة. محمد فتحى (67 سنة) يعمل بائع خضروات لمدة 6 ساعات يوميا من الخامسة صباحا حتى الثانية العشر ظهرًا، وليس لديه مصدر رزق آخر سوى معاش "السادات" وهو 87 جنيه فقط ومسئول عن أسرة مكونة من 5 أفراد، ويتمنى فقط أن يستريح بعد كل هذه السنوات من العمل. ويقدر عم محمد حصيلة يوم عمله بحوالى 12 جنيها يوميا ويشكو من عدم وجود تأمين أو معاش أو نقابة أو شىء يحميهم إذا لم يستطيعوا العمل. أحمد إبراهيم (55 سنة) موظف بإحدى شركات القطاع العام يقول إن اليوم العالمى لمسنين حدث معروف للكثيرين ولكنه تمنى أن يحصل العديد منهم على حقوقه المهدرة، سواء معاش يحميهم ويصل لهم مباشرة دون إنهاك فى الحصول عليه، أو تامين صحى جيد لهم أو رعاية ومتابعة جيدة وضرب أمثلة لعديد من المسنين الذين توفوا داخل منازلهم ولم يشعر بهم احد. مارى إبراهيم (76 سنة) مدرسة على المعاش تقول إن المسن يجب أن يحصل على قدر من الراحة والاستجمام لا يستطيع ان يحصل عليها الا إذا كان معه أموال لذلك، فحتى أقاربه لا يشعرون به أو يسالون عنه الا إذا كانوا يريدون شيئا منه، واعتبرت اليوم العالمى للمسنين وسيلة لإيقاظ المجتمع وتذكيره بدورهم.