عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم ببداية تعاملات الاثنين 27 أكتوبر 2025    استقرار نسبي في أسعار الأسمنت اليوم الإثنين 27أكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    وزارة الخارجية تستقبل وفدا من رؤساء المجالس التنفيذية لبرامج الأمم المتحدة (صور)    ذكرى إلغاء اتفاقية 1899، لحظة استرداد السيادة المصرية على وادي النيل    الاتحاد السكندري يسعى لعبور وادي دجلة للابتعاد عن صراع المراكز الأخيرة    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    رضا عبد العال: خوان بيزيرا " الحسنة الوحيدة" في تجربة جون إدوارد مع الزمالك.. ومجلس الإدارة "ملوش دور"    النيابة العامة تباشر التحقيق مع متهمين استغلا مشاجرة بالمنيا للتحريض الطائفي    حالة الطقس اليوم الإثنين.. أجواء خريفية على كافة الأنحاء    مصرع شاب بطلقات نارية على يد شقيقه فى قنا    بالأسماء.. 27 مصابًا في حادث تصادم أتوبيس مع سيارة نقل بطريق «الزعفرانة - رأس غارب»    اليوم.. نظر محاكمة 4 متهمين بقضية خلية حدائق القبة    اتحاد المبدعين العرب: المتحف الكبير يجسد عبقرية المصري القديم وريادة مصر الحديثة    فريدة سيف النصر تعلن تفاصيل عزاء شقيقها اليوم    بطولة محمد سلام.. التفاصيل الكاملة لمسلسل «كارثة طبيعية» قبل عرضه الأربعاء    يعرض قريبا، كل ما تريد معرفته عن مسلسل سنجل ماذر فاذر    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 27اكتوبر 2025 فى المنيا    وجبات عشاء خفيفة لا تسبب زيادة في الوزن    ترامب: أغادر ماليزيا بعد توقيع اتفاقيات تجارية وصفقات للمعادن النادرة    التنظيم والإدارة ينتهي من عقد الامتحانات الإلكترونية للمتقدمين لوظيفة مدير عام بمصلحة الضرائب    شعبة السيارات: الوكلاء يدفعون ثمن المبالغة في الأسعار.. والانخفاضات وصلت إلى 350 ألف جنيه    بسبب خناقه مخدرات.. تحقيق عاجل مع سيدة قتلت نجلها ببولاق الدكرور    مستند رسمي.. عضو اتحاد الكرة السابق ينشر خطاب إيقاف دونجا في السوبر (صورة)    أول أيام الصيام فلكيًا.. متى يبدأ شهر رمضان 2026؟    قوات الدعم السريع السودانية تعلن سيطرتها الكاملة على مدينة الفاشر    عاد إليها بعد إصابتها بالسرطان.. الفنان ياسر فرج يروي تفاصيل ابتعاده 5 سنوات لرعاية زوجته الراحلة    مباريات اليوم الإثنين بمجموعتي الصعيد بدوري القسم الثاني «ب»    دبابة إسرائيلية تطلق النار على قوات اليونيفيل جنوب لبنان    فنزويلا: اعتقال مرتزقة مرتبطين بالاستخبارات الأمريكية فى ترينيداد وتوباغو    بسملة علوان ابنة القليوبية تحصد المركز الثاني ببطولة الجمهورية للكاراتيه    «الموسيقى العربية» يسدل الستار على دورته ال 33    مصرع شخص سقط من الطابق الرابع بمنطقة التجمع    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 27 أكتوبر    "ديلي تلجراف": لندن تبحث إقامة شراكة نووية مع ألمانيا تحسبًا لتراجع الدعم الأمني الأمريكي    «الداخلية» تضبط «دجال» بتهمة النصب على المواطنين في الإسكندرية    وصفة «الميني دوناتس» المثالية لأطفالك في المدرسة    عبد الحفيظ: لا أميل لضم لاعب من الزمالك أو بيراميدز إلا إذا..!    أمين عام حزب الله يتحدث عن إمكانية اندلاع حرب جديدة مع إسرائيل    التوقيت الشتوي،.. نظام يساعد الأطباء على تحسين جودة الخدمة الطبية وتوازن الحياة العملية    لاتسيو يقهر يوفنتوس.. وتعادل مثير بين فيورنتينا وبولونيا في الدوري الإيطالي    الداخلية تضبط شخصين استغلا مشاجرة بين عائلتين بالمنيا لإثارة الفتنة    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    «عائلات تحت القبة».. مقاعد برلمانية ب«الوراثة»    عمرو أديب: موقع مصر كان وبالا عليها على مدى التاريخ.. اليونان عندها عمودين وبتجذب 35 مليون سائح    أكاديمية الفنون تُكرّم اسم الفنان السيد بدير بإعادة عرض «عائلة سعيدة جدًا»    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025    أنظمة الدفاع الروسية تتصدى لهجمات بطائرات مسيرة استهدفت موسكو    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    سعر الدولار اليوم الاثنين 27102025 بمحافظة الشرقية    "البلتاجي "على كرسي متحرك بمعتقل بدر 3 ..سر عداء السفاح السيسى لأيقونة يناير وفارس " رابعة"؟    بهدف قاتل ومباغت.. التأمين الإثيوبي يفرض التعادل على بيراميدز بالدور التمهيدي من دوري الأبطال    نمط حياة صحي يقلل خطر سرطان الغدة الدرقية    الزبادي اليوناني.. سر العافية في وجبة يومية    حماية المستهلك: ضبطنا مؤخرا أكثر من 3200 قضية متنوعة بمجال الغش التجاري    شيخ الأزهر: لا سلام في الشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس    الجمع بين المرتب والمعاش.. التعليم تكشف ضوابط استمرار المعلمين بعد التقاعد    من هو صاحب الذهب المشتراه من مصروف البيت ملك الزوجة ام الزوج؟.. أمين الفتوى يجيب    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلامة د. كمال أبوالمجد.. جامع الحضارتين
نشر في اليوم السابع يوم 13 - 03 - 2014

تحدثت فى المرة السابقة عن العلامة د. أحمد كمال أبوالمجد الذى يعد من القلائل فى مصر الذين جمعوا فى صدورهم وعقولهم العطاء الحضارى العظيم للحضارة الإسلامية، ومعها النافع والجيد من عطاء الحضارة الغربية، ومزجهما بخلطة سحرية عجيبة لا تتأتى إلا لأمثاله وأقرانه، وهم قليل نادر فى هذا الزمان.
وقد نشأ د. كمال أبوالمجد- كما حكى لى- فى أسرة علمية إسلامية وفقهية عريقة، إذ إن والده كان رئيسًا للمحكمة الشرعية، أما خاله الشيخ حسنين مخلوف فكان مفتيًا للديار المصرية، وهو مَن هو فى العلم والخلق والفقه، وكان جده لأمه شيخًا للجامع الأحمدى فى طنطا، وكان فى المكانة التى تلى شيخ الجامع الأزهر مباشرة، لما كان يتمتع به هذا الجامع العريق، كونه منارة للعلم والعلماء تضاهى الجامع الأزهر نفسه.
وكان خاله الشيخ مخلوف، رحمه الله، يعهد إليه وإلى ابن خاله سفير الخارجية السابق بترتيب مكتبته، فيظل يعمل فى ذلك أسبوعًا أو أكثر، فينظر فى هذا الكتاب فيقرأ فيه شيئًا.. والآخر فتعجبه حكمة.. وهذا الكتاب فيحفر فى قلبه وعقله شيئًا.. وهكذا حتى أحب الكتب والعلم، وأصبح عاشقًا لها.. وكان بينه وبين أقرانه سباق عظيم فى العلم والتعلم وقراءة الكتب، حتى أنه تحدى نفسه وأقرانه مرة وقرأ كتابًا كاملًا للشاعر المهندس على محمود طه اسمه «أغنية الرياح الأربعة» من الصبح إلى العصر فى الفجالة.. وكما قال لى: «كانت للقراءة قيمة عظيمة فى عهدنا»، وهذه القيمة لا يعرفها شباب اليوم الذى يتسابق مع غيره فى معرفة اللاعبين والأفلام والأغنيات وتفاهات ال«فيس بوك» وغيرها.
وقد كان لوالده القاضى الحازم دور كبير فى تعليمه وتوجيهه وتربيته على معانى الاعتزاز بالنفس دون كبر أو شموخ، والتواضع دون مذلة أو هوان، والتلطف مع الناس.. ففى إحدى المرات رآه والده يقبل يد خاله، مفتى الديار، فقال له: «لا تقبل يد بشر مهما كان.. وعلمه كيف تكون النصيحة».
ومن الطريف أن د. كمال أبوالمجد أراد أن ينصح الشيخ مهدى عاكف- فك الله أسره- بالتريث فى كلامه، والتدقيق فيه، وذلك بعد أن كرر كلمة «طظ فى مصر» عدة مرات أمام الصحفيين، مما أثار الرأى العام المصرى عليه، وكان وقتها مرشدًا عامًا للإخوان، فاستغل د. كمال وجوده فى سرادق عزاء وجلس إلى جواره ليقول له: «أنا وأنت كبرنا فى السن، وبلغنا من الكبر عتيا، وهذا يجعلنا نقول أشياء كنا نتمنى ألا نقولها، وعلى أمثالنا أن يعطى فرصة للأجيال الجديدة الرائعة لكى تتحدث هى إلى الإعلام والصحافة».
وكان أكثر ما يأخذه على الإخوان أنهم يقيّمون الناس بحسب مراتبهم ومكانتهم فى التنظيم، وكان يعتبر هذا التقييم والميزان غير عادل، فقد خرج د. كمال أبوالمجد من تجربته الطويلة مع تنظيم الإخوان إلى أنه يحدث كثيرًا أن يكون إدراك بعض الأتباع والجنود فى التنظيم أعلى وأوسع بكثير من قادتهم التنظيميين.
ومن أبرز ما يميز د. كمال أبوالمجد حسن تألفه للناس، وتآلفه معهم، وإكرامه ضيوفه، وأنه «ألف أليف» يألف الناس سريعا ويألفونه، ويحب الناس جميعًا ويحبونه.
وقد أعجبنى فيه أنه لا يعرف الكراهية لأحد، ولا يحمل حقدًا لأحد، فقد وجدت فيه عقل العلماء العظام، وقلب الأطفال الأبرياء المبرأ من كل دخن ومكر مع خلق كريم يأبى الفحش أو التفحش أو الإساءة حتى لمن يسىء إليه.. ومن كلماته التى حفظتها عنه «خلق النبى كان سلاحًا قويًا فى الدعوة إلى الله، وهو سلاح أقوى وأمضى من كل أسلحة الدنيا»، وقد تعلم د. كمال أبوالمجد من خاله العلامة المرحوم حسنين مخلوف كيف يجير المظلومين، ويقف إلى جوارهم، فقد حكى لى أنه فى شبابه كان يذهب مع أسرته ليعيش عند خاله المفتى فى فيلته بحلوان فى الخمسينيات، وقت أن كانت حلوان لا تعرف التلوث ولا الضوضاء، فوجد رجلًا غريبًا يعيش باستمرار هناك، وليس من قرابة الأسرة، وعلم بعد ذلك أنه من السياسيين المطلوب القبض عليهم، واسمه «سيد»، وأنه هارب من بطش السلطة، وتعلم من هذا الدرس ألا يسأل عما لا يعنيه، وأن يعيش بقلبه وجوارحه مع قوله تعالى «لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ»، بما فى هذه الآية من معان رائعة.
لقد تعلمت من د. كمال أبوالمجد وغيره من أمثال الشيخ محمد الغزالى، وسيد سابق، ود. سليم العوا أن الداعية والمفكر الإسلامى لن يستطيع أن يحيا بين جدران تنظيم أو حزب أو هيكل يحبس فكره، ويحول بينه وبين انطلاق عقله، أو يؤممه لصالح فصيل صغير، أو يحوله من داعية إلى الله، إلى داعية للتنظيم، ومن داعية يضم الناس إلى ربهم، إلى حزبى أو تنظيمى يضم الناس إلى حزبه وتنظيمه.
ومما تعلمته من د. كمال أبوالمجد أن «الداعية الذى لا يحسن الابتسام لا يصلح كداعية، وعليه أن يبحث عن مهنة أخرى».. ولما بحثت فى السيرة النبوية وجدت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان دائم البشر والابتسام، رغم كثرة العقبات والصعاب التى واجهته فى حياته.
ومن أهم ما تعلمته منه أن الذى يبدأ تدينه بالعزلة عن الناس يتعلم كراهية الناس والحياة، ثم يقيم مع أقرانه حربًا باردة فى نفسه للآخرين، خاصة مخالفيه، فيحاكمهم ويقسو عليهم فى حكمه، وقد يصف مجتمعه بالجاهلية، أو يكفر ويفسق ويبدع من يخالفه الرأى أو الموقف السياسى.
ومن أهم ما تعلمته منه أنه على الداعية أن يراعى حاجات وأحوال وواقع من يخاطبهم، وهو ما يطلق عليه العلماء فى الفتوى «تفريد الفتوى»، أى ضرورة استجابة الفتوى وتفاعلها مع حال السائل، وهذا هو حال النبى صلى الله عليه وسلم فى فتاواه ودعوته.
فمن عبقرية النبى صلى الله عليه وسلم الدعوية سماحه للأحباش أن يرقصوا ويغنوا فى بيت النبوة، وقريبًا من مسجده الشريف، وحينما اعترض عمر بن الخطاب على ذلك لم يقبل اعتراضه، وقال: «دعهم يا عمر»، بل أذن لزوجته الصغيرة الشابة عائشة أن تنظر إليهم حتى اكتفت، مراعاة لسنها.. فهل ينتبه المتشددون والمتنطعون فى كل زمان لمثل هذه المعانى الرائعة التى أدركتها عائشة وهى تقول «فاقدروا قدر الفتاة الحديثة السن الحريصة على اللهو... »؟ وهل يسع هؤلاء حقًا ما وسع النبى صلى الله عليه وسلم من التيسير المباح الجميل؟
وفى الحقيقة فإن معنى تفريد الفتوى والقضاء، قرأته كثيرًا من قبل، ولكن لم أدرك ارتباطه بالدعوة إلى الله إلا من أستاذى د. كمال أبوالمجد الذى يعلمك بطريقة «السهل الممتنع»، فيسوق إليك المعانى دومًا فى صورة حكايات بسيطة يظنها العوام من حكاوى القهاوى، لكن العلماء يعرفون أن وراء كل قصة معنى، ووراء كل تعبير حكمة دفينة لا يدركها إلا من انشغل قلبه وفؤاده بالدعوة الإسلامية.. إن أكبر ما اهتم به فكر د. كمال أبوالمجد هو الاهتمام بالغايات الكبرى للإسلام وقضاياه العظمى، وتقديمها على القضايا الجزئية أو الوسائل والآليات، وكذلك اهتمامه بمقاصد الشريعة وإنزالها مكانتها العظيمة، ودائمًا ما يكرر فى كل مقالاته وأحاديثه كلمة الشاطبى، عملاق الإسلام العظيم: «إن تكاليف الشريعة ترجع كلها إلى تحقيق مقاصدها فى الخلق».
وهذا ما يغيب عن أكثر الدعاة إلى الله.. فالصلاة «تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ»، فإن لم تنه صاحبها لم تحقق مقصودها.. والصوم مقصده « لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»، فمن صام ليزداد شتمًا وسبًا ورشوة وفسادًا لم يحقق مقصود صيامه.. وهكذا.
أما الآن، فإن الأحكام تنفصل فى حياتنا عن غاياتها، والعبادات تنفك عن مقاصدها، ولذلك تجد التدين المصرى والعربى لا أثر له فى واقع الحياة المصرية والعربية التى تنتقل من سيئ إلى أسوأ.. وفى الأسبوع القادم نستكمل القراءة فى فكر أستاذى العلامة د. كمال أبوالمجد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.