سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العاملون فى محاجر المنيا بين فكى الرحى.. العمال: نكتب وصايانا قبل الخروج للعمل ونطالب بالتأمين ولا حياة لمن تنادى.. وإدارة المحاجر: متابعة العاملين مسئولية القوى العاملة والقطاع يخسر80 مليون جنيه سنوي
بنبرة صرخة يائسة، قال عمال المحاجر بالمنيا، إن عمرهم محسوب باللحظة، وتابعوا: "إذا نجونا من الموت فى ساعات العمل من تحت المناشير لاحقنا الموت على الطرقات، ولذا نكتب وصايانا قبل الخروج للعمل". أضافوا ل"اليوم السابع" أن مصانع الحجر البلوك (المحاجر) تفتح ذراعها للجميع لا فرق بين طفل وشيخ الجميع يغامر بحياته من أجل لقمة العيش فى زمن ضربته البطالة ويزدحم فيه سوق العمل بكشوف الانتظار، فالزوجات يودعن أزواجهن بالدموع، والأمهات لأبنائهن ارجع لنا فنحن نحتاجك. العمل فى المحاجر أحد المهن التى يترحم أصحابها على أنفسهم كل يوم، ولذا طالبوا كثيرا بالتأمين عليهم وتقنين وضع العمل، إلا أن كل طلباتهم باتت فى الهواء، فلا تأمين يحميهم من مخاطر العمل ولا نقابة يعملون تحت مظلتها فهو عمل عشوائى يعمل به كل الفئات العمرية، رغم أن قانون العمل والمواثيق الدولية تمنع عمالة الأطفال إلا أن المحاجر تستوعبها فى مخالفة صريحة للعهود وقوانين الطفل. وقال العاملون، إن تكرار الحوادث بالمحاجر دفع الكثيرين للحديث عنهم إلا أنها بدون جدوى ولم يتخذ أى إجراء قانونى حيال هؤلاء العمال. وفى البداية، يقول مرتجى مهنى، أعمل أنا وشقيقى الأصغر فى المحاجر بسبب ضيق لقمة العيش، وتابع: "حصلنا على شهادات عليا ولا نجد عملا وأصحاب العمل الخاص يحتكرون العمال ولا يدفعون أجورا تكفى لسد احتياجاتهم، مما دفعنا للجوء للعمل بالمحاجر برغم من المخاطر المحدقة بجميع العمال فمن لم يمت يصاب بعاهة مستديمة تعوقه عن العمل ويصبح عاجزا عن أداء واجباته تجاه أسرته". ويضف جمال إبراهيم: "عشرات من الشباب والأطفال وكبار السن يلجئون للعمل داخل المحاجر نظرا لأنها لا تتطلب خبرات سابقة أو روتين حكومى كما أنها تفتح أبوابها للجميع دون تفرقة". واستطرد: "رغم أن الأمراض تلاحق العاملين بسبب البودرة البيضاء التى تصيب العاملين بأمراض الصدر والرئة، إلا أن الإقبال على العمل بها كبيرة نظرا لارتفاع قيمة أجر العامل". وأضاف قائلاً: "إن حياة العمال مهددة بالموت فى كل ساعة فمن نجا من الموت تحت الحجر البلوك أو المنشار مات فى انقلاب سيارة أو حادث تصادم، فهناك منازل كثيرة اتّشحت بالسواد بعد فقد عائلهم أو إصابته بالإعاقة". وأوضح أن الدولة لا تحرك ساكنا تجاه هؤلاء العمال، مضيفاً أن هناك عاملين كثيرين بالمحاجر يحملون مؤهلات عليا وموظفين يريدون تحسين دخولهم من أجل مواجهة الغلاء الفاحش فى الأسعار. بينما أكد نبيل مرزق، أنه فقد شقيقه الأصغر فى يوم عمل ورغم ذلك لم يستطيع الانقطاع عن العمل لأنه يحتاج إلى المال لمساعدة أسرة على الاستمرار فى الحياة. وأضاف أنه بحث كثيرا عن فرصة عمل خارج المحاجر إلا أنه لم يجد، وتابع: "إذا توجهت فى ساعة مبكرة من الصباح، متجها إلى قرى شرق النيل وخاصة قرية الشرفا التابعة لمركز المنيا تجد عشرات الشباب يرتدون الجلباب الملىء بالتراب الأبيض الناتج عن تكسير البلوك فى انتظار السيارات التى تقلهم إلى المصانع". وفى السياق ذاته، تقول نادية محمود إن زوجها منذ أن قرر العمل بالحلاجر كتب وصيته لنا، وقال إنه قد لا يعود من جديد أو يعود قعيد الفراش، وتابعت: "أن بكائى أنا وأطفالى لا يجدى معه بعد أن تراكمت علينا الديون وأصبحنا عاجزين عن مواجهة ظروف الحياة الصعبة". وأضافت أن والدته تدعى له وتطالبه بالعودة مجددا وأن يحمى نفسه من المخاطر، وتابعت: "نودع أزواجنا بالدموع وعندما يعودون نستقبلهم بالزغاريد وكأنهم ولدوا من جديد وهكذا هى حياة مريرة مليئة بالألم ولا نستطيع أن نفارقها". وطالب العاملون بالمحاجر بضرورة قيام الدولة بعمل تأمين على حياتهم، وضمهم إلى التأمين الصحى وتحسين أحوالهم المعيشية. ومن جانبه، يرى الدكتور محمد عبد الفتاح حسن مدير إدارة المحاجر بالمحافظة، أن هناك قرابة 500 محجر تعمل بصورة رسمية بخلاف بعض المحاجر العشوائية والتى يتم تحرير محاضر لها ويعمل فى كل محجر ما بين 10 إلى 15 فردا. وأشار إلى أن هناك رقابة من قبل المحافظة على المحاجر من ناحية التراخيص والتعديات فقط أما ما يتعلق بوجود قتلى أو مصابين أثناء العمل فهو يرجع لأمرين، الأول النزاعات بين الأفراد على المحاجر والثانى عدم وجود رقابة من القوى العاملة ومن الأمن الصناعى عليها. وأوضح أن خسائر المحاجر السنوية بلغت 80 مليون جنيه حيث كانت تدر قرابة 200 مليون جنيه قبل الثورة، ومن بعدها بسبب الانفلات الأمنى تدر قرابة 120 مليون جنيه، لافتاً إلى تميز المنيا فى خام الحجر الجيرى وكذلك الرخام والطفلة والرمل والزلط.