انقسامات بالجملة داخل الجماعة وتصريحات مكتب الإرشاد غير كلام شباب الجماعة غير نواب الكتلة البرلمانية لم تعد المسألة هى أن تتفق مع الإخوان أو تختلف معهم فى هذه القضية أو تلك، وإنما فى قدرتك على تحديد موقف محدد للإخوان فى العديد من الأمور الخلافية التى لم تُستثن من الانقسام حولها قيادات مكتب الإرشاد، إذ تميل الجماعة إلى ترك الباب مواربا فى العديد من القضايا كالموقف من ولاية المرأة وغير المسلمين، ومن الأقليات الدينية، ومن الدولة المدنية، وحقوق المواطنة، والنظام البرلمانى، والتى لم يحسمها برنامجهم الذى كثر الكلام حوله فى كل مكان بطبيعة مختلفة، مرة من قبل مكتب الإرشاد، وأخرى من قبل الشباب، وثالثة من قبل النواب، ورابعة من جهة المعروفين بالتيار الإصلاحى. والاختلاف بين قيادات الجماعة تحول إلى اختلاف على الجماعة نفسها من قبل النشطاء والقيادات الدينية والنخبة المثقفة، الذين تتراوح آراؤهم بين تفسير كل ما تأتى به الجماعة بأنه فى إطار مخططهم للقفز على السلطة، وبين التعويل على الأصوات التى يصفونها بالإصلاحية داخل الجماعة. على سبيل المثال يرى القس رفعت فكرى راعى الكنيسة الإنجيلية بشبرا أن الإخوان يتبعون مبدأ «التقية» وغرضهم الأساسى الوصول للسلطة، ويصف التصريحات الليبرالية لبعضهم بأنها «تطييب خواطر» لن يطبق منها شىء لو وصلوا إلى السلطة، بدليل إصرارهم على أن يكون الإسلام مرجعية فى دولة مدنية، ويتساءل: «ما معنى أن يحكم قبطى بمرجعية إسلامية؟»، ويختلف معه الدكتور حسن نافعة الذى يتعامل مع الجماعة بمنطق معاكس لما يقول به فكرى، فهو يقر بأن مبادئ الجماعة قد تختلف مع ما هو مؤمن به شخصيا، لكنه يرى أن اللحظة الحالية تحتم التحالف على ما هو مشترك، والمشترك فى رأيه هو مناهضة التوريث، ويقول «كلما توسع تحالف مناهضة التوريث، وانضم له أعضاء جدد، زادت ثقة الناس فى إمكانية التغيير، وفى المعارضة، وعندما يحدث التغيير ستفرض الإرادة الشعبية نفسها على المستقبل»، وهو ما تراه الدكتورة نوال السعداوى «وهما خالصا» فالجماعة برأيها متنافضة تتكلم عن الدولة المدنية، بينما عينها على دولة دينية، وتتحدث عن المساواة بينما تربطها بالشريعة التى تجيز تعدد الزوجات، أما الدكتور عبدالحليم قنديل مؤسس كفاية فيعترف بتناقض الجماعة، لكنه لا يراه أمرا مؤثرا فى الوقت الحالى لأن بعض الأفكار الرجعية للإخوان ينتقدها أعضاء الجماعة أنفسهم، بدليل أن عبدالمنعم أبوالفتوح صرح بأن عدم ولاية النساء وغير المسلمين أمر لم ترد به أى قاعدة فقهية. ويبدو أن قيادات الجماعة غير مدركين لتناقضاتهم، فيطلقون عليها مصطلحات من نوع «الدراسة، والبحث» كما يصفون من يشير إلى هذه التناقضات بأنهم قلة مزايدة لا يعجبها العجب، ولن تجدى معها أية محاولة للحسم، لكنهم فى الوقت نفسه لا يجيبون بالثقة نفسها عن سؤال: «إلى من نتحدث حين نخاطب الجماعة؟»، و«من يمثل جماعة الإخوان المسلمين؟» وهل الموقف الحقيقى للجماعة من الدولة، والحكم، وحقوق الأقليات هو ما لم تقله بعد؟. سيد عسكر النائب الإخوانى عن دائرة طنطا يشير إلى أنه غير مكلف بالتعبير عن وجهة النظر الرسمية للإخوان إعلاميا، لكنه لا يخفى اعتقاده بأن هناك العديد من القضايا الخلافية داخل الجماعة تحتمل عدة آراء، وتحتاج إلى بحث، لكن المشكلة برأيه أن المصريين «تعودوا على أن تكون الأمور إما أبيض أو أسود، بينما الخلاف أمر جائز فى الشريعة الإسلامية»، وهو يقر بأن الجماعة تسعى لإقامة دولة مدنية، لكنه يقول إن مرجعيتها دينية، بمعنى أن يكون دستورها مستمدا من الشريعة، وعلى أقل تقدير أن تطبق المادة الثانية من الدستور الحالى الذى يقول إن الشريعة مصدر التشريع، ويصف عسكر المطالبين بإزالة هذه المادة من الدستور بأنهم «منسلخون عن هويتهم، تابعون للغرب، وخونة» ذلك لأنهم لا يدركون أن 96 ٪ من سكان مصر مسلمون، ويتساءل عن السبب مثلاً فى مناقشة موقف الإخوان من الشيعة، رغم أن مصر خالية منهم، أما الأقليات الدينية، فالجماعة برأيه، لا تعترف سوى باتباع الأديان السماوية فقط، ويصف البهائيين بأنهم عدة أفراد يعدون على الأصابع »مارقين على الدين وخارجين على الملة«، إلا أنه يعود لمخاطبة المشككين فى نوايا الجماعة قائلاً: «نلتقى فيما اتفقنا عليه و يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه». ويعترف الدكتور جمال نصار عضو الجماعة وأستاذ الفلسفة الإسلامية بأن قيادات الجماعة لم يتفقوا حتى على برنامجهم المعلن، الذى يقول إنه «قيد الدراسة»، وهو لا يحدد مدى زمنيا معينا للانتهاء من هذه الدراسة لأن أعضاء الجماعة برأيه «مشغولون حاليا بالديمقراطية، وتداول السلطة والحرية»، ثم يعود للقول بأن رأى الإخوان قد يتغير فى العديد من القضايا مستقبلاً، لكنه يحسم الموقف من الأمور الجدلية بأنها ستخضع لاستفتاء شعبى يوضح فيه الإخوان رؤيتهم، والخيار للشعب فى آخر الأمر، إلا أنه يثق فى أن «90 % من الشعب المصرى سيوافقون على أن يحكمهم ذكر مسلم، ومن يقل بغير ذلك فقلة من دعاة العلمانية وفصل الدين عن الدولة» ويقول الإخوان لا يريدونها دولة دينية، لكن الإسلام كل لا يتجزأ وهو دين الدولة، فالفيصل بين الجماعة والشعب صندوق الانتخابات، «أما إذا اختارنا الشعب، فعليه أن يتحمل نتائج اختياراته» ومنها أن جميع المسلمين ينبغى أن يطبقوا أحكام الشريعة، وأن المرأة لا تصلح لتولى منصب الرئيس بسبب «ظروفها الخاصة» والتاريخ الإنسانى لم يشهد إنصافا لغير المسلمين بقدر ما حدث فى عهد الدولة الإسلامية. وبعبارة واحدة يقول عبدالمنعم عبدالمقصود محامى الجماعة «لن نغير ما نحن مقتنعون به إرضاء لأحد» ويستعجب مما وصفه بمحاسبة الإخوان رغم أنهم ليسوا فى السلطة، وهو يقول إن موقف الجماعة واضح فى برنامج الجماعة، إلا أن هذا البرنامج «لم تتم صياغته بشكل نهائى» ويصف من يطالبون الإخوان بموقف حاسم من قضاياهم الخلافية، بأنهم «قلة متحفزة ستواصل تصيد المواقف للجماعة، ولو حسمنا هذه الأمور سيأتون لنا بأمور جديدة». لمعلوماتك... 9 هى المادة التى تهدد وضع المرشد فى لائحة الإخوان