أدان عدد كبير من مثقفى مصر ما تتعرض له القصور التاريخية من هدم وتدمير على يد سماسرة البناء فى مصر، مؤكدين أن ما يتعرض له تراث مصر من تخريب هو قتل مع سبق الإصرار والترصد للتراث والحضارة المصرية، فقال الباحث الدكتور عمار على حسن إنه من العار على الدولة عدم حماية المبانى والقصور القديمة، فالدولة لم تحم فيلا أم كلثوم وتركتها تهدم ولم تحم قهوة متاتيا التى كان يجلس عليها جمال الدين الأفغانى، ومحمد عبده، وطه حسين، وسعد زغلول، وقاسم أمين، وكذلك لم تحم قهوة عبدالله بالجيزة التى كان يجلس عليها أغلب الأدباء وحتى هذه اللحظة الدولة لا تحمى البيوت الأثرية والقصور القديمة التى تعبر عن عمارة وحضارة وثقافة المجتمع المصرى فى لحظة زمنية معينة وتترك هذا يذهب هباءً. وأشار حسن إلى أن الحل يكون بالنسبة للقصور المملوكة لأشخاص بارزين أو ذائعة الصيت فى التاريخ المصرى يتم الترويج لها باعتبارها آثارا، ويتم زيارتها بتذاكر لتعوض جزءا مما دفعته الدولة، فهناك الكثير الذين يحبون زيارة البيوت والقصور القديمة مثل بيت مصطفى كامل وأحمد عرابى ونجيب محفوظ المهمل الآن، فبيت محفوظ من الممكن أن يزوره العالم كله إذا تم عمل له دعاية جيدة، وكذلك الأمر إذا كانت الدولة احتفظت بفيلا أم كلثوم فيمكن هى تأجيرها لمطاعم و كافتيريات ومقاهٍ ثقافية، ويكون الوافدون عليها جالسين بمكان تاريخى، وتتمتع بهذا المكان دون التغيير فى شكله أو مظهره وديكوره، ويمكن تحويله أيضا لمكتبات عامة ويعقد فيها مناسبات فنية، ويدخلها الجمهور بالتذاكر وبذلك يقوم بدوره الثقافى ويحافظ على المبنى دون أن يهدم، والعائد يذهب إلى الدولة ليعوضها عما سبق ودفعته لشراء هذا المكان من أصحابه، كما طالب بإصدار قانون واضح لحماية هذه الأماكن الأثرية والقصور القديمة وتكون العقوبات فيها رادعة وتنص على عدم إمكانية أى شخص فى هدم أو بيع أى مبنى يعود تاريخه للعصور القديمة. وفى نفس السياق قال الروائى الكبير يوسف القعيد إن القصور القديمة تراث معمارى لا يقل أهمية عن الأهرامات وعن أبوالهول ويجب الحفاظ عليها، وإذا بحثنا سنجد ترسانة من القوانين التى تمنع هدمها ولكنها لا تنفذ، ولا نعرف من المسؤول، هل التنسيق الحضارى أم وزارة الآثار أم المحافظات والمحليات؟، مضيفا أن هدم القصور القديمة شىء خطير لأنه بعد فترة ومع مرور الوقت قد لا نجد مبنى قديما واحدا فى مصر،وطالب القعيد بعقوبة لمن يهدم التراث تصل للإعدام ويجب ألا نتعامل معها باستهتار وكأن المسألة طبيعية ولا توجد مشكلة، مضيفا: يجب على الدولة أن تأخذ هذه القصور بسعر مجزٍ وأسعار تناسب الوقت الحالى. وقال القاص الكبير سعيد الكفراوى إن القاهرة عبر الزمن تتجاور فيها الحضارات والإسكندرية مدينة السماحة والعلاقة الطيبة بالآخرين لذا أقام فيها الأجانب وعمروها وأقاموا قصورهم فيها وانتشرت القصور والفيلات فى القاهرةوالإسكندرية وهذه الأماكن مهمة جدا لأنها شهدت التنوعات الثقافية التى عاشتها مصر فى عصر النهضة. وقال الدكتور خالد عزب رئيس قطاع المشروعات المركزية بمكتبة الإسكندرية، إن هناك الكثير من التضارب للقوانين الحاكمة لمبانى التراث، فيوجد تضارب داخل قوانين جهاز التنسيق الحضارى، وأن هذا التناقض ناتج عن عدم الوضوح، حيث إن هناك ملاكا للقصور القديمة لا يمكن منعهم من البيع أو التصرف فيها. وأكد عزب أن هناك فوضى فى البناء العمرانى حيث يتم بناء عمارة ذات طوابق عديدة بمنطقة محيطة بالمبانى الأثرية والقديمة مثل منطقة جاردن سيتى، وهناك سوء استخدام لهذه المبانى والقصور التاريخية القديمة من قبل وزارة التربية والتعليم حيث يقومون باستغلال هذه القصور كمدارس. ورأى عزب أن الحل هو وضع شروط لأصحاب البنوك فى إنشاء البنك فى القصور القديمة ويتم إيجارها من مالكيها ومنع إنشاء البنوك فى عمارة سكنية وكذلك أصحاب الشركات لتتم المحافظة على التراث القديم وتعويض ملاك القصور تعويضا مجزيا لعدم بيع القصور.