انطلاق أعمال غرفة عمليات حزب المؤتمر لمتابعة اليوم الثانى لانتخابات مجلس النواب    انتخابات النواب 2025.. غرفة عمليات التنسيقية في حالة طوارئ لمتابعة اليوم الثاني للتصويت    محافظ القاهرة يترأس اجتماعًا بغرفة العمليات لمتابعة انتخابات النواب    أسعار الفراخ في البورصة اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر    أسعار الفاكهة اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر في سوق العبور للجملة    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر في سوق العبور للجملة    عثمان ديمبلي: علمت بالفوز بالكرة الذهبية في هذا التوقيت    وكيلهما: الجزار كان قريبا من الأهلي.. وتوروب لم يطلب رحيل أحمد رضا    هشام حنفي: مباراة شبيبة القبائل الأفضل لتوروب مع الأهلي حتى الآن    عبد الملك: الزمالك لم يمتلك الشراسة الهجومية أمام زيسكو في الكونفدرالية    «الأرصاد»: أمطار على السواحل الشمالية وتحذيرات من سيول ببعض المناطق    الاستعلام عن الحالة الصحية ل 11 عاملا أصيبوا في انقلاب سيارة على طريق السويس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة الأقصر    الصحة: تقديم 22 ألف خدمة في طب نفس المسنين خلال 2025    وزير الصحة يلتقي وفد اتحاد الغرف التركية لبحث التعاون والاستثمار المشترك    المنتخب الثاني ينتظر منافسه في كأس العرب.. مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء    أحمد عبدالباسط يكشف مصير حسام حسن واستعدادات منتخب مصر لأمم إفريقيا    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 249 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    انطلاقة قوية للتصويت بشبرا الخيمة.. تنظيم محكم وحضور لافت من المواطنين    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر 2025    الرى: إزالة 327 تعدٍ على فرع رشيد ب 3 محافظات    أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر 2025    الصحة: تقديم 21 ألفًا و986 خدمة طبية فى طب نفس المسنين خلال 2025    لحماية أطفال المدارس.. الصحة تعلن حزمة إجراءات لمواجهة العدوى التنفسية    أخبار مصر: كواليس اقتحام قسم شرطة بسب الانتخابات، ترامب يصنف "الإخوان" منظمة إرهابية، حقيقة وفاة أطفال بسبب الإنفلونزا    السيطرة على حريق هائل بورشة نجارة بمدينة دهب    محامي المجنى عليهم في واقعة مدرسة سيدز الدولية: النيابة أكدت تطابق اعترافات المتهمين مع أقوال الأطفال    شعبة السيارات: قرار نقل المعارض خارج الكتل السكينة سيؤدي لارتفاع الأسعار.. إحنا بنعمل كده ليه؟    استقرار الطقس.. أمطار متفاوتة الشدة على السواحل الشمالية والدلتا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    منها عدد الجيش، مسئول أوكراني يكشف عن تعديلات جوهرية في بنود خطة ترامب للسلام    حملة ليلية مكبرة بشوارع مدينة الغردقة لمتابعة الانضباط ورفع الإشغالات (صور)    بعد أزمة نقابة الموسيقيين، نجل مصطفى كامل يدعم والده برسالة مثيرة    خالد عمر: إضعاف الإخوان سيفتح الباب لوقف الحرب في السودان    تحرك مفاجئ بأسعار النفط وسط مخاوف تدفق الخام الروسي بعد التقدم في مفاوضات أوكرانيا    بيان من "غزة الإنسانية" بعد انتهاء عملياتها في القطاع وحماس تطالب بملاحقتها    بعد التحذيرات الأمريكية، فنزويلا تهدد شركات الطيران الدولية بسحب التصاريح خلال 48 ساعة    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر في القاهرة والمحافظات    عزيز الشافعي يخطف الأنظار بلحن استثنائي في "ماليش غيرك"... والجمهور يشيد بأداء رامي جمال وروعة كلمات تامر حسين وتوزيع أمين نبيل    الآثاريون العرب يدعون لتحرك عاجل لحماية تراث غزة وتوثيق الأضرار الميدانية    معرض مونيريه بالاكاديمية المصرية للفنون بروما | صور    "درش" يشعل سباق رمضان 2026... ومصطفى شعبان يعود بدور صادم يغيّر قواعد الدراما    إعلام فلسطيني: جيش الاحتلال ينفذ عمليات نسف للمباني شرقي مدينة غزة    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    أميرة أبو زهرة تعزف مع لانج لانج والأوركسترا الملكي البريطاني في مهرجان صدى الأهرامات    محافظ قنا يعلن رفع درجة الاستعداد القصوى لمواجهة حالة عدم الاستقرار الجوي    الداخلية تكشف تفاصيل واقعة محاولة اقتحام مرشح وأنصاره لمركز شرطة فارسكور    10 حقائق مذهلة عن ثوران بركان هايلي غوبي.. البركان الذي استيقظ بعد 10 آلاف عام    "الطفولة والأمومة": نعمل على توفير الدعم المادي والنفسي للأطفال الذين تعرضوا لاعتداءات    أحمديات: تعليمات جديدة لدخول السينما والمسارح والملاعب    محلل: الاقتصاد الصربي على حافة الهاوية بعد محاولات تأميم النفط    محاكمة 115 متهماً في خلية المجموعات المسلحة.. اليوم    أول تعليق من رئيس الاتحاد السكندري بعد أحداث نهائي المرتبط    طرح برومو فيلم خريطة رأس السنة.. فيديو    عمرو أديب: التجاوزات طبيعية في الانتخابات بمصر.. والداخلية تتعامل معها فورا    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    بث مباشر.. مانشستر يونايتد ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي 2025/2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في قضية هدم تراثنا المعماري
المصلحة الشخصية تمحو تاريخ العمران في مصر
نشر في آخر ساعة يوم 17 - 09 - 2013

عندما تفقع أعين القانون في أوقات الأزمات والثورات ويصبح عاجزا عن إنقاذ نفسه تقوم معاول الغدر وخفافيش الظلام بهدم كل ماهو جميل وأصيل من أجل حفنة من المال تسد جوع الورثة الفقراء الذين لايعرفون سوي مصلحتهم الشخصية. أما مصلحة بلادهم وأوطانهم التي تتمثل في الحفاظ علي نسيجه العمراني وتأصيل تاريخ عمارته بجميع طرزها وأشكالها فلا محل لها من الإعراب عند هذه الفئة التي أعماها الجشع لدرجة اغتيال الميراث الرائع للأجداد والآباء.. ولا يقتصر وجود هذه الفئة الناكرة للأصل والرافضة للتاريخ علي مدينة دون أخري، ولكنها منتشرة بطول البلاد وعرضها وكأنها جراد يجتاح الأرض فيأكل الباقي من الفيلات والقصور التاريخية الذي غفلت عنه عوامل الزمن من اندثار وانقراض.. وتقف أمام هذا الدمار الكاسح فئة من المصريين تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال وقفات احتجاجية للضغط علي المسئولين لتطبيق القانون الذي يقف عاجزا أمام سطوة المال والنفوذ، وقد تنجح هذه الفئة التي تؤمن بأن من ليس له ماض ليس له مستقبل وأن المعالم المادية للحضارة هي الدليل الملموس علي حدوثها.
خلال حوار لي مع الدكتورة سهير حواس أستاذة العمارة ونائب رئيس جهاز التنسيق الحضاري قالت لي: هناك قضية خطيرة تحتاج من يكتب عنها فقد أرسلت لها الفنانة نيفين جاد المولي من خلال الفيس بوك معلومات هامة عن فيلا أثرية علي وشك الهدم في شارع المأمون بمحرم بك في الإسكندرية ويطلق عليها فيلا أمبرون وتم بناؤها عام 1920م وتسجل طرازا معماريا وتعكس أسلوب حياة، كان موجودا في مصر في أوائل القرن العشرين وباختفاء مبان كهذه تأخذ معها جزءا لايستهان به من تاريخنا لا يمكن تعويضه.
وجاء بالرسالة أيضا أن الفيلا كانت ملكا لعائلة المقاول الإيطالي أمبرون وزوجته الفنانة التشكيلية أميلا وتتميز بوجود برج أثري بها علي شكل الطابية قديما ويجمع بين سمات القصر والفيلا ,كما تطل علي 3 شوارع (ش المأمون وش شيحة "الكنوز سابقا "وش النعم)، وكانت هذه الفيلا بها حديقة غنية بالأشجار والنباتات النادرة، ولكنها بيعت وشيد بدلا منها أبراج سكنية.
كما ذكرت نيفين أن الفيلا سكنها فنانون أجانب من أشهرهم لورانس درايل الكاتب البريطاني الذي عاش فيها من 1942 إلي 1956م وكان مراسلا حربيا للجيش البريطاني وملحقا صحفيا أثناء فترة الحرب العالمية الثانية وقد استأجر الطابق العلوي من الفيلا الذي شهد ميلاد رباعيته التي تعتبر من أهم المؤلفات الأدبية في القرن العشرين وصدرت أجزاؤها في 1957م، وتتحدث عن مناطق الملاحات وشارع النبي دانيال وشارع التتويج وكوم الدكة وعمود السواري ومحطة مصر ومقابر الشاطبي. ومن الفنانين المصريين الذين سكنوا هذه الفيلا عفت ناجي وسعد الخادم وجاذبية سري.
وتؤكد الدكتورة حواس أن ملاك هذه الفيلات تستغل فترة تغيير المحافظين وعدم وجود استقرار سياسي وتقوم بعمليات الهدم الكامل لها دون أية قرارات للهدم وإن كانت هذه الفيلا مسجلة ورفض التظلم الذي تقدم به أصحابها لهدمها وجهاز التنسيق الحضاري يعمل إنذارا ثم يرسل خطابا للمحافظة لمنع ذلك، ومايحدث فيها حاليا مخالف للقانون ما لم يجد جديد.
وأشارت نائب رئيس جهاز التنسيق الحضاري إلي أن فيلا شيكوريل الواقعة في طريق الحرية رشدي الإسكندرية وصدر لها قرار 488لسنة 2012 من رئيس مجلس الوزراء بمنع هدمها وهي فيلا ذات طراز معماري فريد. وتضيف الدكتورة حواس ورغم ذلك تراث الإسكندرية يتعرض للهدم كل يوم وأيضا التراث المعماري الرائع والثري للقاهرة والقليوبية والجيزة يهدم ويحرق، وتحترق معه قلوبنا، فنحن نقف عاجزين أمام كل ذلك، فليس لدينا صفة الضبطية القضائية والقانون وحده ندافع به ونحاول أن نستعين بالإعلام فهو وسيلة لكشف الفوضي والتخريب.
وكانت الدكتورة سهير حواس قد أوصتني بالحديث مع الدكتور سمير غريب رئيس جهاز التنسيق الحضاري للوقوف علي الجديد في موضوع فيلا أمبرون ولكن بمجرد ذكر اسمها.. فاجأني الدكتور غريب باسم فيلا أخري وأيضا توجد في الإسكندرية ولها ملف كبير في الجهاز وتتشابه حتي في الاسم وهي فيلا أجيون المسجلة طبقا لقانون 144 لأن لها قيمة تاريخية ,وعنوانها 75 شارع أحمد إسماعيل باب شرق الإسكندرية، ومحافظها في عام 2011 طلب نزع ملكيتها لصالح وزارة الثقافة لإقامة مركز ثقافي فيها ووزير الثقافة في ذلك الوقت الدكتور عماد غازي عرض الجواب علي المستشار القانوني للوزارة، الذي وافق علي إجراءات نزع ملكية الفيلا وطلب أيضا تسجيلها كأثر في المجلس الأعلي للآثار وبالفعل وزير الثقافة وقتها كتب لأمين عام المجلس بتسجيل الفيلا كأثر ولكن فؤجئنا في أبريل عام 2012 بأن اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية رفضت تسجيلها كأثر.. لماذا ؟ لا نعرف !
ويتابع الدكتور غريب: كما تمت مخاطبة وزيرة التخطيط والتعاون الدولي آنذاك الدكتورة فايزة أبو النجا، بطلب 38 مليونا و200 ألف جنيه كتعويض لأصحاب الفيلا عن نزع ملكيتها بناء علي تقدير الهيئة العامة للمساحة، وليس لديّ فكرة عما إذا كان تم تنفيذ هذا الطلب أم لا!.
من ناحية أخري أصحاب الفيلا أنفسهم لديهم أحكام قضائية بهدمها، ولو سجلت كأثر لم يكونوا يستطيعون هدمها، وهذا من ضمن التضارب بين الجهات المعنية، فالأثر لا يجوز هدمه جزئيا أو كليا.
وأوضح رئيس جهاز التنسيق الحضاري أن الفيلا تعود إلي المعماري أجوست أجيون الذي شارك في إعادة إعمار مدينة لوهافر الفرنسية بعد الحرب العالمية الثانية والمصنفة من بين التراث العالمي من جانب اليونسكو ,والفيلا من طراز معماري متميز تم بناؤها عام 1926وهي مسجلة طبقا للقانون 144 ولائحته التنفيذية بشأن الحفاظ علي التراث المعماري المتميز.
كما أن المجلس الشعبي المحلي للإسكندرية وافق في يولية لسنة 2011 علي نزع ملكية الفيلا، وقبلها في مارس 2010 وافق رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف علي نزع ملكية الفيلا وتقرير صفة النفع العام عليها، علي أن يتم التنسيق مع وزارة المالية لتدبير الاعتمادات المالية لتعويض أصحابها.
وبحسرة يقول الدكتور غريب حتي الآن لم يحدث شيء وتم تخريب الفيلا بشكل رهيب والدولة لو كانت تمتلك الموارد و اشترتها بحالتها الرثة فإنها تحتاج إلي ترميم دقيق ولذلك نحن في موقف صعب جدا في الحالتين وهكذا يضيع أثر تلو الآخر وتفقد المباني التراثية المعمارية تباعا .
هذه قصة فيلا تماثلها فصول حكاية فيلا أمبرون التي تسألين عنها ,فبعد الثورة تم تدمير وهدم عدد من المباني الأثرية والتاريخية في الإسكندرية وغيرها من مدن مصر نتيجة ضعف الدولة وانتشار البلطجة وتفشي الجهل وعدم تقديم أحد للمحاكمة طبقا للقانون .
ويطالب الدكتور غريب بضرورة تغيير نظرتنا للأمور ..فقبل 2011 كانت هناك دولة قوية بغض النظر عن الفساد الذي كان منتشرا لكن الدولة ظروفها الاقتصادية كانت أحسن وكذلك شرطتها كانت أقوي .
بعد 2011 لايجب أن نلوم الدولة لأنها في أضعف حالاتها، وفي وقت الأزمات والمحن يجب أن تظهر معادن الشعوب ولابد أن يتعاون القطاع الخاص والملاك والأهالي لتحقيق هدف مشترك، فلن تستطيع الحكومة أن تحمي هذه المباني ذات القيمة التاريخية والمعمارية ..فنحن في أشد الحاجة إلي وعي الجميع لأننا نعيش في العصور الوسطي وما قبلها ,فقد انتشرت الظواهر التي لا تري غير المصلحة الشخصية ولا تعرف المصلحة العامة، فانتشرت الفوضي والبلطجة وهدم وحرق المباني والتاريخ والتراث ..ويؤكد الدكتور غريب أن تدمير أي أثر يعد خيانة لتاريخ البلاد وممتلكاتها وثرواتها ولا يمكن تعويضه بأي ثمن .
وفي النهاية نناشد كل المبادرات والحركات والجمعيات والنشطاء الذين يحاولون الحفاظ علي التراث المعماري في البلاد أن ينشطوا ويقفوا في وجه أصحاب المباني ذات الطرز المعمارية المتميزة والمحظور هدمها لأنها تمثل جزءا من النسيج العمراني للمدن والقري المصرية فهذه المباني تستجير بكم لإنقاذها من براثن أصحابها وملاكها الذين لايعرفون قيمتها الحقيقية لهم ولأولادهم من بعدهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.