طلاب الإعدادية الأزهرية يؤدون امتحاني اللغة العربية والهندسة بالمنيا دون شكاوى    وزيرة الهجرة تترأس أول اجتماعات اللجنة العليا للهجرة    «الري»: بحث تعزيز التعاون بين مصر وبيرو في مجال المياه    شركة مياه الشرب بالشرقية تنظم قافلة مائية في منيا القمح    وزير الشباب يترأس لجنة مناقشة رسالة دكتوراة في كلية الآداب جامعة المنصورة    توريد 189 ألف طن قمح بكفر الشيخ    فيضانات ألمانيا.. إجلاء المئات ووقف العمل في محطة لتوليد الطاقة الكهربائية    الاحتلال يدمر نحو 300 منزل خلال العملية العسكرية المستمرة على جباليا    لاعب نهضة بركان: مستعدون لجماهير الزمالك.. وسنلعب على التفاصيل    تعليم الإسكندرية: 104 آلاف طالب يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية    غرة ذي الحجة تحدد موعد عيد الأضحى 2024    القبض على 9 متهمين في حملات مكافحة جرائم السرقات بالقاهرة    ضباط وطلاب أكاديمية الشرطة يزورون مستشفى «أهل مصر»    اليوم العالمي للمتاحف.. ما هو أول متحف فتح أبوابه الجمهور؟    نانسي صلاح تهنئ ريم سامي بحفل زفافها .. ماذا قالت؟    جوري بكر تتصدر «جوجل» بعد طلاقها: «استحملت اللي مفيش جبل يستحمله».. ما السبب؟    بطول 64 متر.. كبير الأثريين ب«السياحة» يكشف تفاصيل اكتشاف نهر الأهرامات بالجيزة    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    وزيرة التعاون: العمل المناخي أصبح عاملًا مشتركًا بين كافة المؤسسات الدولية*    قرار جديد من القضاء بشأن إدراج أبو تريكة وآخرين على قوائم الإرهاب    وزير التعليم لأولياء أمور ذوي الهمم: أخرجوهم للمجتمع وافتخروا بهم    قمة كلام كالعادة!    وزارة الدفاع الروسية: الجيش الروسي يواصل تقدمه ويسيطر على قرية ستاريتسا في خاركيف شمال شرقي أوكرانيا    صحة غزة: استشهاد 35386 فلسطينيا منذ 7 أكتوبر الماضي    ما أحدث القدرات العسكرية التي كشف عنها حزب الله خلال تبادل القصف مع إسرائيل؟    "النواب" يناقش تعديل اتفاقية "الأعمال الزراعية" غدا الأحد    اليوم.. 3 مصريين ينافسون على لقب بطولة «CIB» العالم للإسكواش بمتحف الحضارة    لماذا يصاب الشباب بارتفاع ضغط الدم؟    بعد حادث الواحات.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي    أستاذ طب وقائي: أكثر الأمراض المعدية تنتشر في الصيف    موناكو ينافس عملاق تركيا لضم عبدالمنعم من الأهلي    استكمال رصف محور كليوباترا الرابط بين برج العرب الجديدة والساحل الشمالي    أبرزهم رامي جمال وعمرو عبدالعزيز..نجوم الفن يدعمون الفنان جلال الزكي بعد أزمته الأخيرة    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    تشكيل الشباب أمام التعاون في دوري روشن السعودي    موعد مباراة بوروسيا دورتموند أمام دارمشتات في الدوري الألماني والقنوات الناقلة    طريقة عمل الكيكة السحرية، ألذ وأوفر تحلية    محمد صلاح: "تواصلي مع كلوب سيبقى مدى الحياة.. وسأطلب رأيه في هذه الحالة"    ياسمين فؤاد: تطوير المناهج البيئية بالجامعات في مباحثات مع «البنك الدولي»    متاحف مصر تستعد لاستقبال الزائرين في اليوم العالمي لها.. إقبال كثيف من الجمهور    فيلم شقو يحقق إيرادات 614 ألف جنيه في دور العرض أمس    25 صورة ترصد.. النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    وُصف بالأسطورة.. كيف تفاعل لاعبو أرسنال مع إعلان رحيل النني؟    "الصحة" تعلق على متحور كورونا الجديد "FLiRT"- هل يستعدعي القلق؟    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    بدء تلقي طلبات راغبي الالتحاق بمعهد معاوني الأمن.. اعرف الشروط    "الصحة": معهد القلب قدم الخدمة الطبية ل 232 ألفا و341 مواطنا خلال 4 أشهر    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    معاريف تكشف تفاصيل جديدة عن أزمة الحكومة الإسرائيلية    «طائرة درون تراقبنا».. بيبو يشكو سوء التنظيم في ملعب رادس قبل مواجهة الترجي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    أسعار الدواجن اليوم السبت 18 مايو 2024.. 83 جنيهًا للفراخ البيضاء    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلامة المصرى المفكر مصطفى محمود
نشر في اليوم السابع يوم 02 - 11 - 2009

حزنت حقاً، عندما جاءنى خبر وفاة العلامة الكبير مصطفى محمود، لقد تربى جيلى على مُتابعة برنامجه التلفزيونى "العلم والإيمان" حيث كان يقدم المعلومة بسهولة ويُسر وتشويق للمُشاهد من أى مرحلة عُمرية، كان برنامجه يناقش العلم فى أفلام بحثية جميلة تُجرى فيها التجارب على الفئران لتوضح أمرا ما أو تبين كيف يحيا حيوان ما أو توضح ظاهرة كونية، كنا نناقش حلقات برنامجه فى المدرسة، وكنا ننتظر حلقاته، كما كنا ننتظر برامج الأطفال وقتها، بل إننا كنا نقرأ كتبه فى مكتبة المدرسة ونحن صغار!
لقد أثر على شخصياتنا وعلى كيفية رؤيتنا للكون والعالم حولنا، وكان هذا الرجل وعبر تاريخ حياته، مُفكراً فى الدين، لقد ساءل نفسه مراراً وتكراراً فى سبب إيمانه بالإسلام، لم يصبح مسلماً لأنه ولد مسلماً، ولكن أصبح مسلماً على يقين بدينه، لأنه ساءل كل ما حوله وما يؤمن به، حتى أصبح ذاك الرجل المؤمن بالإسلام حقاً، فالكثيرون منا مؤدون للعبادة دون إيمان حقيقى، لقد اقتنع مصطفى محمود بالإسلام بعد قراءة للإسلام ولغيره من الأديان من مصادرها، وهو بذلك وصل للإيمان الحق، بعكس الحافظين الذين يرددون الكلمات وحين تسألهم لا يقنعوك بأى شىء، وكل ما يعرفون ويحفظون قوله، هو أنك كافر لأنك تُسائل وتناقش.. لأنهم وعن حق لم يقرأوا القرآن بتبصر ولا كتب السيرة والتراث الديني! ولم يسمعوا عن الملحدين فى التاريخ الإسلامى، ولكنهم فقط حفظة، ليسوا كراما بررة!
لقد مر مصطفى محمود بأزمات فيما يتعلق بقضية الإيمان، من أول دخوله كلية الطب وحتى أواخر الستينات من القرن المنصرم، وقيل عنه إنه ألحد، رغم نفيه هذا فى حياته، وهاجمه الناس بعنف، بل إن جمال عبد الناصر نفسه- وبناءً على طلب الأزهر- اتهمه بالكفر وحوله للمحاكمة على أساس قراءته كتابه "الله والإنسان".
وقد اكتفت المحكمة بمصادرة الكتاب، لم تقم ضده قضايا "محاكم تفتيش" مثلما يحدث اليوم، وهو دليل على سماحة العصر وإرادة العلماء وقتها أن يتعاملوا بالدفع بالتى هى أحسن! وهل مُجمل تاريخه تغير لو أن محاكم التفتيش الإسلامية قامت فى وجهه وقتها لدفعه نحو كُفرٍ حقيقى!
لقد كانت الأزمة الأكبر فى حياته هى تلك الخاصة بقضية الشفاعة، التى أصدر فيها كتاباً، قال فيه إن الشفاعة، التى لم ينكرها، غير تلك التى يقتنع أكثر العلماء والناس بها وأنها مُقيدة واعتمد فى حديثه على كبار العُلماء من أمثال الإمام محمد عبده، مفتى الديار المصرية فى فترة من الفترات، حينها خرج عليه العُلماء ب14 كتاباً، ضد ما ذهب إليه، ونسوا تاريخه فى لحظة، على عكس ما كان باستطاعتهم فعله، من الحديث مع الرجل لفهم وجهة نظره بالحسنى ومناقشة الأمر معه للإقناع بالموعظة الحسنة!! ولقد خرج وقتها المفتى نصر فريد واصل مدافعاً عنه وقائلاً: "الدكتور مصطفى محمود رجل علم وفضل ومشهود له بالفصاحة والفهم وسعة الإطلاع والغيرة على الإسلام فما أكثر المواقف التى أشهر قلمه فيها للدفاع عن الإسلام والمسلمين والذود عن حياض الدين وكم عمل على تنقية الشريعة الإسلاميّة من الشوائب التى علقت بها وشهدت له المحافل التى صال فيها وجال دفاعا عن الدين".
لقد عُرضت على هذا الرجل الوزارة من قبل الرئيس السادات، فرفضها، كما رفض من قبله أحمد لطفى السيد رئاسة الجمهورية، حينما عُرضت عليه من قبل مجلس قيادة الثورة، ورفض بعده جمال حمدان، فى 1983، أن يكون مندوب مصر فى إحدى اللجان الهامة فى الأمم المتحدة فى الخارج وآثر التفرغ للبحث العلمى.
وكان سبب رفض مصطفى محمود أنه طلق زوجتين، وقال للسادات يومها: "أنا فشلت فى إدارة أصغر مؤسسة وهى زواجى، فقد كنت مُطلقاً مرتين".
لقد ألف الطبيب مصطفى محمود 89 كتاباً، ما بين العلم والدين وحول الموت والحياة وفى السياسة، وقدم 400 حلقة من برنامجه "العلم والإيمان" وليت برنامجه استمر! وكان مُفكراً مهماً ومُحترماً للآخر بشدة حتى أن من أقرب أصدقائه الأستاذ لويس جريس زوج الراحلة الكبيرة الفنانة سناء جميل.
لقد كان مسلماً مُستنيراً، وجه برنامجه، ليس فقط للمسلمين ولكن لكل المصريين، كما كان يُشاهده الكثيرون على مستوى العالم العربى.
وأرى أنه علينا أن نتناول جميع كُتبه ونُعيد قراءتها. علينا أن نُحلل حياة هذا الرجل، علينا أن نقوم بعمل فنى حوله لكون حياته كانت ثرية بالفكر وتتصل بقضايانا التى نُعانيها اليوم، علينا أن ندعو له بالرحمة من قلوبنا، لما قام به من أعمال خيرية، تمثلت فى مسجد مصطفى محمود بالمهندسين، الجيزة، وثلاثة مراكز طبية مُلحقة به، لعلاج محدودى الدخل ويقصدها الكثير من المصريين من شتى الأماكن، نظراً لسمعتها الطيبة، وقد شكل قوافل الرحمة من 16 طبيباً، ووهب حياته لهذا الوطن وللفكر والدين بشكلٍ مُتفتح، ولم يروج لثقافة الكراهية ولكن لثقافة الحُب، بث علمه للجميع دون تفرقة.
أدعو الله أن يرحم فقيد مصر، الطبيب مصطفى محمود، ويدخله فسيح جناته لما قدمه لنا جميعاً ويلهم أهله الصبر والسلوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.