سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. محمود غزلان عضو مكتب إرشاد «الإخوان» يكتب رسالة ل«المصرى اليوم»: «قذائف الحكومة» أجبرتكم على التحريض ضد الجماعة فتحولتم إلى «سياط تعذيب» تُلهب أعراض المظلومين
لن ترضى عنك «الإخوان» حتى تتبنى مواقفهم ووجهات نظرهم وأجندتهم، وتصرخ رافضاً لما يتعرضون له من ملاحقات «هى ضريبة عمل سياسى» وتقف فى المظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات، رافعاً شعاراتهم وصور مرشديهم وكوادرهم، والإخوان فى ذلك مثلهم مثل النظام وكل الأحزاب والتنظيمات السياسية فى مصر التى تتبنى نظرة أحادية، ترى فى نفسها الحق كل الحق، وما دونهم الباطل، وتضعك أمام معادلة التطرف الأزلية: «من ليس معنا فهو علينا»، دون أن يفهم أى منهم حقيقة دور الصحافة الحقيقى البعيد عن التدجين والحشد، وأنها ليست ولا يجب أن تكون طرفاً فى صراعات سياسية، ولا يجب أن تبدى انحيازاً لأحد دون آخر. تلقت «المصرى اليوم» هذا الرد من الدكتور محمود غزلان، عضو مكتب الإرشاد - رغم كل ما احتواه من هجوم جارح، وتلميحات مرفوضة شكلاً وموضوعاً، فإن الجريدة تنشره كاملاً دون تدخل أو اجتزاء، عملاً بأشياء كثيرة وقيم متعددة لا يعرفها غزلان ولا الإخوان ولا بعض الممتهنين بالسياسة، ربما يرددونها كثيراً كشعارات لا يؤمنون بها، وهى الموضوعية والحياد، والعجيب أن الجريدة التى نشرت نصف صفحة من قبل للنائب الإخوانى محمد البلتاجى، وتنشر نصف صفحة لغزلان الآن، متهمة فى حيادها وموضوعيتها، كما لو كان المطلوب منها أن تتحول إلى نشرة ناطقة باسم مكتب الإرشاد حتى تنجو من اتهامات الإخوان بالارتماء فى حضن النظام ودعم أجندته بالتحريض على الجماعة. وأثناء ممارساتنا المهنية كثيراً ما نتعرض لمثل هذه الأشياء، فعندما تنقل تصريحات مواقف للمرشد، فأنت محايد، وعندما تمنح المختلفين مع الإخوان مساحات كما تمنحها للإخوان، فأنت «بتاع الحكومة والأمن». فيما يخص حديث غزلان عن معالجة الجريدة لقضية ما بات يعرف باسم «التنظيم الدولى»، فقد أسهبنا فيها فى مرات سابقة تثبت حياد الجريدة ونقلها جميع المواقف دون تمييز، ورد غزلان، ومن قبله البلتاجى، دليل واضح كالشمس لا يقبل التشكيك مجدداً، أما حديثه عن خضوع الجريدة للنظام فهو، للمفارقة، الاتهام نفسه الذى تتهمنا به عناصر كثيرة فى النظام بالخضوع للإخوان، حتى إن صحفاً حكومية باتت تطلق علينا «الإخوان اليوم»، وليت ذاكرة غزلان تسعفه بتذكر أرشيف الإخوان فى الجريدة كما يتذكر آيات وأحاديث القول بالزور والظلم والفسق، ليعرف أن مواقف الجريدة فى المحاكمات العسكرية واضح تماماً، أما حديثه عن أن كاتباً طالب بحظرهم دستورياً، فهذا رأيه الذى لا نحجر عليه ولا نتدخل فيه، مثلما لم نتدخل فى رأى غزلان نفسه فى هذا الرد المفعم بالتجاوز والافتراء. ما تفعله «المصرى اليوم» فى القضايا التى تحمل وجهات نظر متضاربة ومتباينة يتسم بعدالة لا تقبل المزايدة، وشجاعة غير متوفرة عند أحد، نستمدها من كوننا نمارس الصحافة فقط بلا سياسة وبلا حسابات وبلا انحيازات، ولكم فى قضايا «سيد القمنى» و«عزازيل» خير مثال، لعلكم تتعلمون مجدداً معنى الصحافة وهدفها. رئيس التحرير أعتقد أنكم تعلمون أن هناك خصومة سياسية بين النظام الحاكم وبيننا - نحن الإخوان المسلمين - لأسباب أظنها لا تخفى على فطنتكم، يستخدم فيها النظام كل أجهزة الدولة لإقصائنا عن ميدان العمل العام وخدمة الجماهير، وأجهزة الإعلام القومية ادعاءً، الحكومية حقيقة، تأتى فى طليعة الوسائل التى تسعى لاغتيالنا معنوياً بنشر المفتريات والأكاذيب واستعداء السلطة وتحريضها لتحقيق الاستئصال المادى أو الإقصاء على أقل تقدير. من هنا فقد رحبنا بالصحافة المستقلة، آملين أن تنحاز للحق والصدق والعدل والحرية لتعتدل الموازين وتتضح الحقيقة أمام الجماهير، وأشهد أن صحيفتكم حافظت على كثير من هذه القيم واتسمت بالحياد والموضوعية فيما بين الفرقاء السياسيين فى البداية، ولقد تعرضت من أجل ذلك لكثير من قذائف كُتاب الحكومة، ورموها بما هو فيهم، لإرهابها وإخراجها عن خطها الصحيح. ويبدو أن هذه الخطة الحكومية قد نجحت فى أهدافها، فرأينا فى الآونة الأخيرة مشاركة منكم فى حملة التحريض، ففى يوم واحد نشر أحد كتاب الأعمدة الثابتة عندكم دعوة للحكومة للنص فى الدستور على حظر الجماعة لمدة عشر أو عشرين سنة، ونقلت الصحيفة عن أحد الأحزاب المغمورة أنه يطالب بإسقاط الجنسية المصرية عنّا، وقد تقول: إن الأول رأى والثانى خبر، وأنا أفهم أن الرأى أن يناقش فكرنا، أو موقفاً لنا وأن يستخدم الحجة والمنطق فى مواجهة الحجة والمنطق، أما أن يقول إن رأيى أن أحظرك، فليس هذا برأى ولكنه تحريض سافر، ولذلك فأنا لا أستبعد أن يأتى غداً كاتب ليقول إن رأيى أن أسجنك أو أقتلك، فهل هكذا تكون الآراء؟ وأما الثانى فهو خبر يتضمن تحريضاً باغتيالنا معنوياً بإسقاط الجنسية عنا، وخارج نطاق القانون، فهل المطلوب أن تتحول مصر إلى غابة تحكمها الكراهية والأحقاد ضد فصيل وطنى شعبى له مؤيدوه الذين بلغوا عدة ملايين. إن معنى هذا أنه من حق الواحد منكم لا أن ينتقد مخالفه فحسب بل أن يحاكمه ويحدد له العقوبة التى يراها وعلى السلطة أن تتولى التنفيذ. وبعد أحداث جامعة الأزهر التى شاركتم فى تضخيمها وأطلقتم على المشاركين فى الاستعراض اسم الميليشيات، ولم تبرزوا استنكارنا لها واعتذار الطلاب عنها، ولا الأسباب التى أفضت إليها كما ينبغى أو كما أبرزتم الاستعراض نفسه، وهو الأمر الذى أدى لاعتقالات وانتهاكات كبيرة واتهامات ضخمة ظالمة، وإحالة قيادات كبيرة إلى المحكمة العسكرية، وإحالة الأموال والشركات والمؤسسات الاقتصادية إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ، وقد كان ذلك كفيلاً بتوقفكم لإعادة تقييم الموقف باعتباركم من أنصار الحريات وحقوق الإنسان والعدالة، إلا أنكم - للأسف الشديد - استرسلتم فى المشاركة فى الحملة الظالمة التى يشنها النظام علينا، وكأن أجهزة الإعلام الحكومية لا تكفى، فرحتم تنشرون مذكرة المعلومات التى أعدها ضابط أمن الدولة ضد القيادات المحولة للقضاء العسكرى، وكأنها حقائق لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، وكأن جهاز أمن الدولة يتحرى الحق ويحترم القانون وحقوق الإنسان، وهو الذى ينشر الرعب والفزع ويتحكم فى كل مؤسسات الدولة ويعتقل الآلاف بدون تهمة أو بتهم ملفقة كثيراً ما رفضها القضاء النزيه، وبرّأ المظلومين منها، وليس أدل على ذلك من أنه اعتقل حوالى 25 ألفاً من الإخوان فى الأعوام الخمسة عشر الأخيرة بتهم شبيهة بتلك التى يتهم بها الإخوان الآن، ولم يقدم منهم للمحاكمة سوى مائتين، وهؤلاء قدموا لمحاكم عسكرية تفتقد الحد الأدنى من الضمانات، فالقضاة تابعون للسلطة التنفيذية، وكذلك الادعاء العسكرى، أى أن السلطة التنفيذية (الحكومة) هى الخصم وهى الحَكَم. فهل بعد ذلك يصح نشر مذكرة المعلومات وعلى صفحة كاملة ولأيام متتالية؟ وفى أى قضية أخرى فعلتم هذا؟ ولمصلحة من هذا النشر؟ ألا يُعدّ هذا اغتيالاً معنوياً تمهيداً للاغتيال المادى؟ ألا يعنى ذلك أيضاً أنكم تعتبرون المواطن منا مداناً حتى تثبت براءته على عكس القاعدة القانونية المعروفة أن الإنسان برىء حتى تثبت إدانته؟ لو كان المنشور حيثيات حكم نهائى أصدره القضاء الطبيعى العادل لرحبنا به، أما أن يكون قول الخصم الكاره المتربص بخصمه المفترى عليه بالباطل على طريقة «لقد عكرت علىّ الماء» فهنا تسقط كل القيم النبيلة التى اكتسبتم بها مصداقيتكم فى البداية، وتحولتم إلى سياط تعذيب تلهب أعراض المظلومين وإيذاء الأعراض والنفوس أفدح كثيراً من إيذاء الأبدان، وهذا ما كنا نربأ بكم أن تسقطوا فيه. (يَا أَيُّهَا الَّذيِنَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة:199) (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (ق:18) صدق الله العظيم. «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» و«إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقى لها بالاً يهوى بها فى جهنم» و«هل يكبُّ الناسَ فى النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟» و«ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ الشرك بالله وعقوق الوالدين، ألا وقول الزور، ألا وقول الزور، ألا وقول الزور» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. والجديد الذى أريد أن أذكركم به وأسألكم عنه هو أن مذكرات التحريات، وخصوصاً فى القضايا ذات الطابع السياسى، غالباً ما تكون ملفقة ومختلقة. وأحسب أنكم سمعتم عن قضية (التفاحة) أيام السادات التى اتهم فيها الدكتور محمد عبدالسلام الزيات، نائب رئيس الوزراء الأسبق، والنائب أحمد طه وعدد من اليساريين بالتخابر مع سفارة بلغاريا، وملأت أخبارها صفحات الجرائد ثم انتهت إلى لا شىء، حيث أفرج عن المتهمين جميعاً ولم يقدم أحدهم للمحاكمة. ولعلكم سمعتم عن التنظيم التابع لإيران بعد نجاح ثورة الخومينى، الذى نُسب إليه التخطيط لعمليات انفجارات وتخريب فى مصر، وظهر أعضاؤه على شاشة التليفزيون واعترفوا جميعاً ثم ذاب التنظيم كما يذوب الملح فى الماء فلم نسمع عنه شيئاً طيلة الثلاثين سنة الماضية، وحتى الآن. ولعلكم سمعتم عن تنظيم الحمام الزاجل الذى كان ينوى تدمير السفارة الأمريكية بالقاهرة عن طريق ربط المتفجرات بأقدام الحمام الزاجل وإطلاقه ليدمر السفارة ثم أفرج عن المتهمين جميعاً بدون محاكمة. ولعلكم سمعتم عن محاولة اغتيال اللواء حسن أبوباشا، التى قبض على أثرها على مجموعة من الشباب وعُذبوا تعذيباً وحشياً حتى اعترفوا على أنفسهم وبينما قررت النيابة تحويلهم للمحاكمة والمطالبة بإعدامهم ظهر الجناة الحقيقيون واعترفوا، وأفرج عن المجموعة المظلومة. ولعلكم سمعتم عن عشرات الآلاف من الإخوان الذين اتهموا بمحاولة قلب نظام الحكم وتعطيل الدستور ومؤسسات الدولة ثم أفرج عنهم بدون محاكمة، وكذلك عشرات التنظيمات التى نسمع عنها كل فترة ثم تنعدم أخبارها ويفرج عن أعضائها. ثم ألم تسألوا أنفسكم مرة: لماذا يقدم من يقدم منا إلى محاكم عسكرية وليس إلى القضاة الطبيعيين فى الوقت الذى يقدم فيه عتاة المجرمين من القتلة وتجار المخدرات ومنتهكى الأعراض بل جواسيس الصهاينة إلى القضاء الطبيعى؟ لماذا يفرج عن جواسيس الصهاينة بقضاء نصف مدة السجن، ولا يفرج عن رجالنا بقضاء ثلاثة أرباع مدة الحبس والحصول على أحكام قضائية بوجوب الإفراج عنهم؟ ولماذا تتصاعد الحملة ضدنا قبل وبعد كل حدث سياسى فى البلد أو خارجه مما يمت للبلد بصلة؟ ألم تحرك هذه الحقائق والتساؤلات ضميركم لتتوقفوا عن مسايرة الظلم والافتراء وتتذكروا قول المولى تبارك وتعالى (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) (الحجرات: 6). وهل تقبلون أن يفترى عليكم ضابط موتور، ويكتب فى شأنكم مذكرة بإحراز مخدرات أو اختلاس أموال أو ما شابه ذلك؟ هل تكونون سعداء؟ ثم إذا جاء صحفى ونشرها بتفاصيلها فى صحيفة ما، كيف يكون وقعها على أنفسكم وأسرتكم وأولادكم وبناتكم وأهلكم وأصدقائكم، وإذا كنتم لا ترضون هذا لأنفسكم فكيف تفعلونه مع الآخرين؟ ألأنكم مختلفون معهم فكرياً وسياسياً تشاركون فى اغتيالهم معنوياً؟ أم لأنكم تشعرون بنوع من الحصانة تستبيح أعراض الناس؟ وهل لو أرسل إليكم أحد المحامين مذكرة دفاع بحجم مذكرة المعلومات التى نشرتموها فهل ستقومون بنشرها وعلى مدى أيام مثلما فعلتم مع مذكرة المعلومات؟ أستاذ مجدى الجلاد.. لقد فقتم صحيفة الأهرام وفيها صحفى يعتبره زملاؤه كبير المخبرين.. فلماذا تفعلون هذا؟ إرضاء للنظام أم إرضاء لملاك الصحيفة ومجلس إدارتها، أم إرضاء للنفس وتشفياً من المخالفين؟ (والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين) (التوبة من الآية 62). إننا لا نريد منكم أن تقفوا معنا أو تدافعوا عنا، رغم أن هذا حقنا فنحن مظلومون ومضطهدون والشرع والأخلاق والمبادئ والرجولة تقضى بذلك، ولكننا لا نطمع فى ذلك، ولكن نريد ألا تكونوا علينا فهذا قصارى ما نطمح إليه.. وأخيراً أكرر هدانا الله وإياكم أيها الأستاذ الكبير.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.