نقلاً عن اليومى.. تثبت علاقة السينما بعبدالناصر الفكرة القائلة بأن الفن يمكن أن يلعب الدورين معًا، أى الدور السيئ فى تشويه التاريخ وتخريب الضمير وإفساد الذوق، والدور الإيجابى الذى يتمثل فى تمجيد الوطن والحفاوة برموزه وإمتاع الناس، فالرجل نال من رصاصات الإدانة والتشويه بعد رحيله ما يكفى لقتله عشر مرات، وقد أسرف صناع السينما فى سبعينيات القرن الماضى فى طمس أهم إيجابيات فترة حكم عبدالناصر، على حساب تكثيف الضوء على سلبيات تلك الفترة، خاصة فيما يتعلق بمسألة تعذيب المعتقلين السياسيين، لكن دعنا قبل أن نكمل، نفتح الصفحة الخاصة بعلاقة السينما بعبد الناصر، لنطالعها من البداية! الحموات الفاتنات لا تتعجب، فأول حفاوة أعلنتها السينما بثورة يوليو لاحت فى نهاية فيلم «الحموات الفاتنات، عرض فى 26/10/1953»، صحيح أن حسين صدقى أنتج وأخرج فيلم «يسقط الاستعمار» قبل «الحموات الفاتنات» بعام تقريبًا، فقد شاهده الجمهور فى 1/12/1952، لكنه كان يمجد الكفاح ضد الاحتلال الإنجليزى فحسب، ولم يذكر ثورة يوليو من قريب أو بعيد، أما «الحموات الفاتنات» فينتهى بأغنية كوميدية يلقيها إسماعيل ياسين وكمال الشناوى ومارى منيب وميمى شكيب وكاريمان على إيقاع ووزن أغنية ليلى مراد «الاتحاد والنظام والعمل» وهو الشعار الذى رفعته ثورة يوليو، حيث يظهر صوت ليلى فى النهاية. المثير للدهشة أن السينما المصرية لم تلتفت إلى ثورة يوليو طوال ثلاثة أعوام، إذ ظلت سائرة على صراطها المعتاد المتمثل فى تقديم أفلام اجتماعية وكوميدية، ولم تقرب عالم السياسة والتغيرات الدرامية التى تحدث فى مصر إلا فى 23 يناير 1955 حين عرض فيلم «إسماعيل ياسين فى الجيش» لفطين عبدالوهاب، والذى كتب قصته عبدالمنعم الصاوى وسامى داود كما كتب فى مقدمة الفيلم! وكان واضحًا أن هذا الفيلم يبعث برسالة عن أهمية الجيش ووطنيته وانضباطه، خاصة أن صناعه كتبوا رسالة شكر إلى القوات المسلحة لتعاونها فى تقديم هذا الفيلم كما جاء فى المقدمة بعد الأسماء، ثم توالت سلسلة أفلام إسماعيل ياسين فى الأسطول والطيران والبوليس، وكلها تمتدح مؤسسات الدولة العسكرية والشرطية! الله معنا أخيرًا وبعد ثلاث سنوات على ثورة يوليو تجرأت السينما، ودخلت قصور الملك فاروق، لتصور فيها مشاهد فيلم «الله معنا، عرض فى 14/3/1955»، لتدين فساده مع حاشيته وتفضح حكاية الأسلحة الفاسدة التى استخدم الجيش المصرى بعضها فى حرب فلسطين، وقد كتب إحسان عبدالقدوس قصة الفيلم وأخرجه أحمد بدرخان، ولا يخفى عليك أن الفيلم احتفى بالجيش والضباط الأحرار ومنشوراتهم وبطولتهم وجسارتهم، ثم عرض فيلم «ضحايا الإقطاع/ 6/6/1955» لمخرجه مصطفى كمال البدرى، ولكننى لم أشاهد هذا الفيلم ولم أجده، لكن صديقنا الناقد السينمائى محمود قاسم يقول عنه فى كتابه «دليل الأفلام فى القرن العشرين» إن الفيلم يفضح استغلال رجال الإقطاع فى العهد الملكى، ولما جاءت الثورة اتخذت قرارات الإصلاح الزراعى فانضبطت أحوال الناس وأقيم العدل. رد قلبى فى عام 1957 أقدمت السينما على عرض ثلاثة أفلام تتناول الثورة وأحداثها، خاصة معركة بورسعيد، وقد استمع الناس إلى صوت جمال عبدالناصر فى السينما للمرة الأولى فى فيلم «بورسعيد، عرض فى أول يوليو 1957» للمخرج عز الدين ذو الفقار، حيث ينقل لنا الفيلم جزءًا من إحدى خطب عبدالناصر، وقبله عرض «فيلم سجين أبوزعبل، 17/6/1957» للمخرج نيازى مصطفى الذى يتضمن فى نهايته مشاهد درامية من العدوان الثلاثى على بورسعيد، وكيف نسى المصريون خلافاتهم واتحدوا فى مواجهة غدر الدول الثلاث! حقق هذان الفيلمان نجاحات لا بأس بها، لكن فيلم «رد قلبى، 9/12/1957» للمخرج عز الدين ذو الفقار تفوق عليهما فى النجاح والحضور التاريخى، وقد تعرض هذا الفيلم للمرة الأولى بوضوح لتنظيم الضباط الأحرار، وكلنا يذكر جملة الممثل القدير كمال ياسين وهو يصارح شكرى سرحان قائلاً: «أنا من الأحرار يا على»! تكرر صوت عبدالناصر مرة أخرى، وهو يؤمم قناة السويس فى فيلم «الباب المفتوح، 6/10/1963» للمخرج هنرى بركات المأخوذ عن رواية للدكتورة لطيفة الزيات، وقد استقبل الجمهور هذا الفيلم بحفاوة شديدة، ومازال يلقى نجاحًا حين عرضه فى الفضائيات، نظرًا لكونه جيد الصنع يشيع فى روح المشاهد معانى نبيلة فى قالب سينمائى بالغ الرقة والذكاء. هذه بعض الأفلام التى احتفت بثورة يوليو وزعيمها، لكن حين ابتلينا بكابوس هزيمة 1967 توقفت الحفاوة بالرجل، وقُدمت أفلام قليلة تتعرض لسلبيات يوليو بشكل مباشر مثل فيلم «العيب، 6/11/1967» للمخرج نور الدمرداش الذى يفضح عالم الرشوة والفساد فى الأجهزة الحكومية، وفيلم «ميرامار، 3/10/1969» للمخرج كمال الشيخ الذى يدين تنظيم الاتحاد الاشتراكى وفساد القطاع العام، أما فيلم «شىء من الخوف، 3/10/1969» لحسين كمال، فيصفع فكرة الديكتاتور بقسوة فى إدانة غير مباشرة لبعض توجهات ثورة يوليو. وبعد رحيل عبدالناصر فى 28 سبتمبر 1970 دارت الأيام دورة معاكسة كما يقول الناقد الراحل فاروق عبدالقادر، وتسلم الرئيس السادات السلطة، فانحاز إلى الأمريكان وإسرائيل ورجال الأعمال الفاسدين، وأهمل العمال والفلاحين والموظفين والفقراء، فاختفى وجه وصوت عبدالناصر تمامًا من على شاشة السينما لمدة تزيد على خمس سنوات، ليعود بعدها ملعونًا ومدانًا! لعنة السينما بدأ الهجوم المضاد سينمائيًا بعنف على عبدالناصر وفترة حكمه مع بداية عرض فيلم «الكرنك،29/12/1975» للمخرج على بدرخان، حيث بدا أن السادات لا يلهث من أجل محو الحقبة الناصرية من ذاكرة الناس فحسب، بل وإدانتها وكيل اللعنات لها، إذ راحت الأفلام المنافقة للسلطة الجديدة فى تشويه عبدالناصر ومنجزاته، وتوقف التليفزيون الرسمى عن عرض الأفلام التى تمتدح الشعب وزعيمه مثل فيلمى «بورسعيد والباب المفتوح»، كذلك أوقفت الإذاعة بث أغنيات الفترة الناصرية، وهكذا قاد إعلام السادات حملة شرسة ضد الرجل شاركت فيها السينما، وهى من أخطر الأسلحة، فتكرر عرض فيلم «الكرنك» أكثر من مرة فى التليفزيون الرسمى، لأنه يختزل العهد الناصرى فى تعذيب الناس فقط! ثم توالت أفلام تلعن العصر الناصرى وجبروت مراكز القوى مثل «طائر الليل الحزين، 23/5/1977» للمخرج يحيى العلمى، وأخرى تسخر من السد العالى أحد أبرز منجزات الشعب «رحلة داخل امرأة، 6/3/1978» للمخرج أشرف فهمى، ونعود إلى التعذيب فى فيلم «إحنا بتوع الأوتوبيس، 22/10/1979» لحسين كمال ليكرر أسطوانة التعذيب سيرًا مع الموجة التى تنافق السادات وتدين عبدالناصر! أجل.. نجح السادات وإعلامه وسينماه فى تشويه عبدالناصر لفترة، لكن الشعب الذكى اكتشف بعد مرور سنوات طويلة مَنْ هو الرئيس الذى كان يعمل لصالحه بحق، وبدأت السينما تنصف عبدالناصر من جديد «فيلم ناصر 56 على سبيل المثال»، وبدأ الشباب يرفع صورته فى ثورتى يناير 2011 ويونيو 2013، ولكن تلك قصة أخرى قد نعود إليها يومًا ما! للمزيد من تحقيقات وملفات... قانونيون وسياسيون يثمنون اتجاه الرئاسة لتشديد عقوبة التصويت مرتين بالاستفتاء.. حامد الجمل: قد تصل للمؤبد.. شوقى السيد: رادعة لدعوات التزوير.. زكى: إجراء إيجابى.. بهاء الدين شعبان: تطبيق للديمقراطية حملات الحالمين ب"الاتحادية" تكثف نشاطها رغم عدم إعلان الترشح رسميا.."كمل جميلك":المتطوعون تركوا عملهم لجمع توقيعات ل"السيسى"..و"مرشح الثورة":صباحى أعلن نيته خوض السباق.. و"موافى" يروج لنفسه وللدستور وزير التنمية المحلية: لا تغيير فى المحافظين أو المحليات بعد الاستفتاء .. اللواء عادل لبيب: الفساد موجود فى كل مكان بالعالم ولن نستطيع القضاء عليه بالكامل وننقل القيادات الفاسدة للمناطق النائية