أكتب عن المخرج الكبير محمد خان.. لسنا فى حاجة إلى أى مناسبة للكتابة عنه، فهو حاضر بقوة فى الثقافة المصرية، لأن أفلامه جزء حقيقى وأصيل فى حياتنا الثقافية، والقاهرة هذه العاصمة الفريدة لا توجد كاميرا تعاملت معها كما حدث فى شرائط خان.. والقاهرة ليست فقط «وسط البلد»، إنما شوارعها وحواريها، والمبانى والمعانى والأفكار، وحياة ناسها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ومحاورها السياسية، وهو ما نراه بوضوح فى فيلمى «أحلام هند وكاميليا» و«عودة مواطن» مثلا، أو «زوجة رجل مهم» كمثال لنظام حكم ومرحلة. ورغم ذلك فهناك أكثر من مناسبة الآن للحديث عن محمد خان.. أولا: أن مصر تشارك بأحدث أفلامه «فتاة المصنع» فى مسابقة مهرجان دبى السينمائى، وهو الفيلم رقم 23 فى مشواره مع الأفلام الروائية الطويلة.. وثانيا: أن الاستفتاء الذى نظمه نفس المهرجان لأفضل 100 فيلم عربى، جاء ثلاثة منهم بتوقيع محمد خان. إذن فهو سفير حقيقى للفن والسينما المصرية، ولكن الغريب جداً والطريف للغاية أن محمد خان «72 سنة»: مصرى لا يحمل الجنسية المصرية، إنما يحمل جنسية وجواز سفر إنجليزيا!!.. رغم أنه ولد وعاش فى مصر، فى حى السكاكينى، وهو من أم تحمل الجنسية المصرية وأب باكستانى، وكل أفلامه مصرية فكرة وروحاً ومعنى.. والمهم أن هذا ينقلنا إلى المناسبة الثالثة للحديث عن خان.. منذ أسبوعين نقل موقع «اليوم السابع» عن صفحة محمد خان على ال«الفيس بوك» كلماته التالية: «هل من الممكن لحكومة الدكتور الببلاوى أن تمنحنى الجنسية، وأنا فى العقد الثامن من عمرى قبل فوات الآوان»؟.. وهو مطلب لمحمد خان منذ سنوات طويلة، ولا نعرف بالضبط: ما الذى يعيقه؟!.. قضية أمام المحاكم لا تنظر! وعد من الرئيس الأسبق حسنى مبارك «بعد أن كرم محمد خان بمناسبة فيلم «أيام السادات»، لم يوف به!.. حملة إلكترونية بعد ثورة 25 يناير، لم تصل لمسامع المسؤولين!.. ومنح «مئات الآلاف» من الرئيس السابق محمد مرسى للفلسطينيين من «حماس» الجنسية لأسباب معلومة، ولكن خان ليس «حماسيا ولا إخوانيا»!.. ولا نعرف ما هى المشكلة بالضبط؟! إن كل محاولات محمد خان مع رؤوساء الوزراء فى مصر على مدى 30 سنة، لم تعط ثمارها، ولا أظن أن أحداً يتذكر أسماء هؤلاء «رؤوساء الحكومات المتعاقبة»، فقد ذهبوا مع الريح، ولكن لا أحد ينسى اسم «محمد خان». فى مقدمة فيلم «سوبر ماركت» كتب خان هذا الإهداء:«تحية.. من أحد الفاشلين إلى كل الناجحين»، ربما كان يقصد نفسه أو بطل فيلمه أو الإنسان الذى يحمل قيمة وطموحا فى مواجهة الفاسدين!.. وبكل تأكيد ليس محمد خان «أحد الفاشلين»، بل هو أحد صناع البهجة والثقافة فى حياتنا المعاصرة، وهو مصرى حتى النخاع، أما «كل الناجحين» الذين لم يمنحوا «الجنسية» لمحمد خان، فقد قامت ثورتان للتخلص منهم.. ومازالت مصر كما هى لم تتغير!!