أكد الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، أن كبار مفتشى وزارة التربية والتعليم، أصبحوا يشكلون ما يشبه المافيا فى مجال احتكارهم لتأليف كتب الوزارة، وفى أيام الوزير أحمد جمال الدين، كان لأحدهم رواية بالغة الرداءة أراد تدريسها على الطلبة فى المدارس وقتها، ولولا ثورتى العارمة كانوا سيستمرون فى تدريس هذه الرواية، فهؤلاء المفتشون عادة يتراجعون فقط إذا كان الوزير حاسما وحازما فى مواجهتهم لكنهم يشكلون شبكة قديمة راسخة المصالح والجذور وهم من يختارون تزويد المكتبات المدرسية بكتب من دور نشر بعينها، وحذف طه حسين وتشويهه مسألة ليست جديدة عليهم لكن إذا اختاروا بديلا مناسبا فأهلا وسهلا أما إذا لم يكن البديل مناسبا فلا أهلا ولا سهلا. وأضاف عصفور، أن طه حسين بشكل عام باعتباره رمز فكرى وتاريخى هو عدو للجماعات الدينية فى مصر لأن فكره محافظ ومنفتح، وهذا ما جعله عدوا للأزهريين أنفسهم وكل كتب طه حسين أدت لمعارك وصدامات فكرية بدأت بما قاله فى كتابه "الشعر الجاهلى" ثم فى كتابه التالى عن الأدب الجاهلى الذى اشتمل على فصل مهم عن الحرية والأدب لا يزال يستفز معظم المحافظين حتى اليوم. وكذلك ما كتبه عن ضرورة إعادة النظر فى ميراثنا الإسلامى فى ضوء منظور عقلانى، والذى تضمنته أعماله "الوعد الحق" و"على هامش السيرة" واستمرت المعارك عندما قدم كتابه "مستقبل الثقافة المصرية " سنة 1938 والذى تصدى له حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان بكتاب اسمه "ضد مستقبل الثقافة فى مصر" فالصدام كان جذريا بين طه حسين والمجموعات الإسلامية ذات العقل الظلامى سواء كانت أزهرية أو غير أزهرية، والذين شوهوا كتبه وحاولوا قطع رأسه يريدون إنهاء وجود أى مفكر مثل طه حسين فهم لا يحاربونه فقط، بل يحاربون من ينزع منزعه، ولا يريدون الاعتراف بأن طه حسين هو الرمز الأكبر للاستنارة فى تراثنا المصرى الحديث. من جانبه أكد الشاعر شعبان يوسف، مقرر ورشة الزيتون، أن تراث الدكتور طه حسين، يتعرض لتهميش واعتداء سافرين من قوى الرجعية، ففى نصف هذا العام الأول تم الاعتداء على تمثاله وفصل رأسه فى حديقة المنيا، ثم قرر بعد ذلك المسئولون فى وزارة التربية والتعليم إلغاء كتاب "الأيام" المقرر على الثانوية العامة، وهذا الكتاب تم الاعتداء عليه بضراوة بالحذف والإضافة والتعديل، مما يعد جريمة نكراء ارتكبتها الوزارة والقائمون على إدارتها. فقد قاموا بضم الأجزاء الثلاثة لرواية "الأيام" فى كتاب واحد وحذفوا من الجزء الأول تسعة فصول كاملة من أصل عشرين فصلا واعتدوا على الكتابة نفسها فحذفوا جملا وفقرات وغيروا وبدلوا واستبعدوا كل ما له علاقة بالمعارك الفكرية التى خاضها طه حسين مع الأزهر أى أنهم قاموا بمجزرة حقيقة لطه حسين، بالإضافة إلى أنه تقريبا لا أحد يطبع كتب طه حسين وله كتب كثيرة غير موجودة واستمرار ذلك معناه استمرار العدوان على طه حسين. وأضاف يوسف أنه يدعو كل المهتمين بتراث وفكر وأهمية طه حسين إلى حضور ندوة ورشة الزيتون غدا التى سيحضرها عدد من المسئولين فى وزارة التربية والتعليم وعدد من الباحثين فى تراث طه حسين، تأتى الندوة فى إطار الاحتفال بالذكرى الأربعين لرحيله التى تحل الشهر المقبل، وستستعرض كافة أشكال الحرب التى شنت ضد طه حسين على مدى تاريخه حتى الآن.