لا أحد فى مصر غنى لها ولرؤسائها -خاصة عبدالناصر- أكثر من عبدالحليم حافظ، لا أحد غنى للاشتراكية والسد العالى والجيش وعبدالناصر أكثر من عبدالحليم حافظ، وبالطبع لا أحد يصلح كنموذج واضح للطرب الرئاسى أكثر من عبدالحليم حافظ، هو سيد الأغنية الوطنية بلا منازع حتى إن جرفها لشخص عبدالناصر فى بعض الأوقات، هو منبع الحماسة التى مازالت تلهب وجدان الناس حتى الآن كلما سمعوا «فدائى فدائى» رغم أنه لا حرب الآن ولا حتى سلام. العندليب هو المطرب الوحيد الذى لم ينتقص منه لقب مطرب السلطة أى شىء، هو المطرب الوحيد الذى غنى لعبدالناصر أكثر مما غنى لمصر ومع ذلك لم يتهمه أحد بالنفاق أو الموالسة ربما لأن مصر كلها فى ذلك التوقيت كانت تغنى لعبدالناصر، أو ربما لأن عبدالحليم حافظ كان يصدق ما يتغنى به حتى إن خالف الواقع كما حدث فى نكسة 1967.. العندليب لم يكن بالنسبة لعبد الناصر مطربا بميكروفون يتمايل على أصواته أو يسرق مع نغماته لحظات من التعب، كان جسرا عبر من خلاله عبدالناصر إلى الناس وتمكن من قلوبهم أكثر، كان الوصلة السحرية التى يخاطب من خلالها عبدالناصر الملايين من شعوب العرب، عبد الحليم ومن معه من ملحنين وشعراء بداية من العظيم صلاح جاهين ومرورا بالأبنودى والموجى وبليغ لم يصنعوا أغانى فقط بل شاركوا فى صناعة الحلم الذى ميز عصر ناصر بأغنيات مازالت باقية حتى الآن مثل «يا أهلا بالمعارك»، «ثورتنا المصرية»، و«ذكريات»، و«حبيب الملايين»، و«يا حبايب بالسلامة». و«صورة»، و«ناصر.. ناصر»، و«أنشودة الجلاء».