من أهم الندوات التى عقدت على هامش المهرجان الدولى للفيلم العربى بوهران الندوة الفكرية التى جاءت تحت عنوان "السينما العربية بين الرؤى الكلاسيكية والحديثة" حيث شهدت حضوراً إعلامياً كبيراً، وافتتحها وزير الإعلام الجزائرى عز الدين ميهوبى بفندق رويال، فى حضور حمراوى حبيب شوقى رئيس المهرجان، ومشاركة الناقدين المصريين كمال رمزى وماجدة واصف، والناقد المغربى مصطفى المسناوى، والفلسطينى بشار إبراهيم، والأردنى عدنان مدنات. فى بداية الندوة تحدث وزير الإعلام الجزائرى عن ضرورة عودة السينما العربية إلى الروايات الأدبية، لتحقيق طفرة نوعية فى المنتج السينمائى العربى وخصوصاً وأننا نملك فى الوطن العربى مؤلفين كبارا، ومنهم السودانى الطيب صالح، ومحمد شكرى من المغرب، وغيرهم من الأسماء لمبدعين كبار قد يعيد إبداعهم الرونق للسينما العربية التى باتت فى مجملها تعتمد على أفلام "الفاست فود" أو الأفلام الاستهلاكية، وعلى جانب آخر استعرض ميهوبى عددا الإشكالات التى تواجه السينما العربية منها أزمة التمويل، عدم اهتمام الحكومات العربية بصناعة السينما، مما دفع بالكثير من المنتجين المخرجين العرب إلى اللجوء للتمويل الأجنبى، لذلك دعا وزير الإعلام الجزائرى إلى ضرورة إنشاء صندوق عربى لتمويل صناعة السينما ودعم إنتاجاتها المميزة. بدأت مداخلات الباحثين من النقاد والمشاركين فى الندوة، حيث أكدت الناقدة د. ماجدة واصف أن هناك هجوماً حالياً فى السينما العربية من المخرجين الذين استطاعوا نقلها إلى العالم من حيث تقديمهم لموضوعات عميقة وتناقش قضايا إنسانية من خلال أزمات محلية، ورصدت ماجدة السينما العربية فى الفترة الماضية من الكلاسيكية إلى الحداثة ونجوم هذه النقلة من المخرجين المصريين والعرب. أما الناقد الأردنى عدنان مدنات فركز على ضرورة التطور التقنى فى السينما العربية، حيث مازالت بعض الدول العربية تعانى أزمات حادة فيما يتعلق بدور العرض التقنية المستخدمة، خصوصاً وأن التقنيات والإبداع عنصران متلازمان ولا يمكن لأى سينمائى تحقيق رؤيته الخاصة إلا من خلال توافرهما. فى حين أن الناقد المصرى كمال رمزى قد اعتبر أن نقطة الضعف الرئيسية فى السينما العربية تكمن فى السيناريو، مشدداً على أن التقنيات الحديثة أبداً لم تكن عائقاً لتطور السينما أو انطلاقها نحو الحداثة، مستشهداً بتحايل المخرج الكبير صلاح أبو سيف على الظروف الإنتاجية الصعبة أثناء تصويره لفيلمه "ريا وسكينة" الذى كان يحمل تجديداً على مستوى الصورة فى هذه الفترة، وفى الوقت نفسه قال رمزى إنه علينا كنقاد ألا نرفض السينما التجارية، لأنها هى التى تدفع بعجلة الإنتاج السينمائى نحو الاستمرار. أما الناقد المغربى مصطفى المسناوى فاستعرض فى ورقته البحثية والتى تحمل عنوان "من سينما الكلام إلى سينما الصورة والصوت" ما تعانيه السينما العربية من طغيان الحوار على الصورة دون الاستفادة من الجماليات التى تحققها التكنولوجيا الحديثة فى السينما، مشدداً على أن السينما العربية تكتفى فى مجملها بترجمة الحوار إلى صورة دون الالتفات كثيراً إلى شرح هذا الحوار بتفاصيل جمالية، وضرب مثلاً بالسينما المصرية التى يعتمد 90% من أفلامها على الحوار والمقالات والتقطاعات بين نجوم المشهد، وأرجع المسناى هذه الظاهرة إلى انتشار الأمية فى الدول العربية وهو ما جعل الفيلم فى بعض الأحيان بديلاً عن الرواية والقصة، مؤكداً أن هناك محالات لعدد من المخرجين العرب لكسر تلك الصرة النمطية، مثل عبد اللطيف عبد الحميد من سوريا، ومحمد ملص من سوريا، ونورى بو زيد من تونس، ومحمد شونح من الجزائر وغيرهم. أما الناقد الفلسطينى بشار إبراهيم فخصص ورقته عن السينما الفلسطينية والتى تنتج فى ظروف خاصة جداً نظراً إلى ظروف الاحتلال، ورغم ذلك استطاعت ومن خلال عدد من مخرجيها فى تحقيق تواجد عالمى.