بدأت إثيوبيا فى تشييد سد النهضة الضخم على قدم وساق، حيث يهدف المسئولون إلى الانتهاء من تشييده بحلول يوليو 2017، على الرغم من المخاوف المصرية. ونوه المهندس الإثيوبى سيميجنيو بيكيلى، الذى يشرف على عملية إنشاء السد، إلى التشابه بين سد النهضة العظيم وسد هوفر الذى تم تشييده فى الولاياتالمتحدة إبان فترة الكساد الكبير فى الثلاثين من القرن الماضى، واعتبر فى وقته أيقونة المشاريع الأمريكية. وقال بيكيلى، والذى يقرأ الآن تاريخ سد هوفر، إنه يحدوه الأمل فى أن يحقق سد النهضة لإثيوبيا ما حقق سد هوفر للولايات المتحدة. وتسلط تلك التصريحات الضوء على التوقعات الكبيرة بشأن السد الذى أدخل أديس أبابا فى صراع مع القاهرة، التى عبرت عن قلقها من تأثيره على حصة مصر من مياه النيل. وقال بيكيلى "تم تشييد سد هوفر عندما كانت أمريكا فى حالة كساد، وكان تشييده تجربة ناجحة، متأكد من أن سدنا سيدشن لمستقبل مشرق للبلاد ولمنطقة بأسرها". وعلى الرغم من المخاوف المصرية، تعهدت إثيوبيا التى تعانى من انقطاع متكرر للتيار الكهربى، بالمضى قدما فى بناء السد الذى سيكون أكبر سد كهرومائى فى القارة الأفريقية. وبدأت إثيوبيا فى مايو فى تحويل مجرى نهر النيل الأزرق لتمهيد الطريق أمام بناء السد الذى يصل تكلفته لأكثر من 4.2 مليار دولار، والذى سيولد طاقة كهربائية بما يفوق ست آلاف ميجاوات. وقالت مؤسسة الكهرباء الوطنية فى إثيوبيا، إن من بين الدول المحتملة التى يمكن شراء الطاقة الكهربائية التى سيولدها السد دولتى جنوب السودان وشماله وجيبوتى والصومال وأوغندا، وحتى مصر التى يساورها القلق من بناء السد. وفى منطقة بنى شنقول قماز المتاخمة للسودان والتى تبعد بمسافة 800 كيلومتر من العاصمة، يعمل العمال فى جو شديد الحرارة مستخدمين الآلات العملاقة لسحق الصخور من أجل تشييد السد بحلول يوليو 2017. ومع إجراء مباحثات بين الدبلوماسيين المصريين والأثيوبيين بشأن أثار السد على صحة مصر من مياه نهر النيل، إلا أن العمل على تشيده يجرى على قدم وساق فى مؤشر على عزم أديس أبابا على المضى قدما فى بناء السد. ويعمل على تشييد السد ما يقرب من خمسة آلاف عامل أثيوبى وألفين آخرين من عشرين دولة يعملون على الساعة، ويتعين على الزوار المرور خلال العديد من نقاط التفتيش التى يحرسها قوات من الجيش الإثيوبى. وتقوم ببناء السد شركة الصين لمعدات وتكنولوجيا الطاقة الكهربائية. وقال بيكيلى للصحفيين الأسبوع الماضى، إن بعض مياه التى تم تغيير مسارها بدأ تجميعها فى سد تخزينى مؤقت، فى حين قال المسئولون إنه سيبدأ ملء الخزان سيكون العام القادم. ويجرى الآن وضع خطوط الطاقة التى تربط السد بالشبكة الوطنية، فضلا عن أن الكابلات من الشبكة الوطنية تم تمديدها إلى جيبوتى والسودان، وبعد ذلك إلى كينيا. وحصل مشروع سد النهضة على تأييد دول المنبع فى شرق ووسط أفريقيا الذين التقوا تحت راية مبادرة حوض النيل التى أقرت اتفاقية الإطار التعاونى لحوض النيل. وصدق البرلمان الإثيوبى على هذه الاتفاقية التى تحل محل الاتفاقية المبرمة فى 1929 إبان الاستعمار البريطانى، ومنحت مصر حق الاعتراض على المشاريع التى تقام على مجرى النيل. ووقعت مصر والسودان على اتفاقية فى عام 1959 لتقسيم مياه النيل بينهما، دون النظر فى حصص الدول الأخرى. واقترح عدد من المسئولين المصريين الشهر المنصرم مهاجمة السد، فى حين حذر الرئيس المصرى محمد مرسى من جميع الوسائل متاحة فيما يتعلق بالتعاطى مع سد النهضة. وقال رئيس الوزراء الإثيوبى هيلى مريام ديسالين الأسبوع الماضى، إنه فى الوقت الذى تراعى فيه بلاده القلق المصرى، فإن الأمور المتعلقة بتشييد السد وحجمه تعد خطوطا حمراء لا يمكن التفاوض عليها. وفى حالة بناء السد دون حدوث أى عوائق فإن هذا سيعيد إنجازا كبيرا يحسب لقادة إثيوبيا، وفى بادئ الأمر أطلق على السد اسم المشروع "أكس"، وكان سريا ثم أطلق عليه اسم "سد النهضة العظيم الإثيوبى". وقلل السفير الأمريكى السابق لدى إثيوبيا، ديفيد شين، من أن النزاع بين مصر وأثيوبيا على خلفية سد النهضة قد يتطور إلى صراع مسلح. وقال شين "عقب فترات طويلة من الصمت، فإن هناك نوبات دورية مثلما رأينا الشهر الماضى، أتوقع استمرار هذا النهج لكنه لن يتطور إلى صراع مسلح بين البلدين". وقالت الحكومة الإثيوبية، التى ضمنت الحصول على قرض مقداره مليار دولار من الصين، إنها مستمرة فى جمع المزيد من الأموال داخليا. ويتعين على الموظفين الحكوميين دفع مرتب شهر واحد لشراء السندات التى تبيعها الحكومة، وذلك للمرة الثانية فى حين طلب من البنوك الخاصة من قبل البنك المركزى شراء سندات تقدر بالمليارات من عملة البلاد.