تحدثت فى المقال السابق عن أنه إذا كنا نريد فعلا أن تنجح الموجة الثورية فعلينا أن نتجنب الأخطاء التى وقعنا فيها فى ال18 يوما ثم فى الموجات الثورية التى تلتها، وتحدثت أيضا أنه لكى ننجح فى إزالة الحكم المستبد الجديد لابد أن يكون الخطاب موحدا والمسار واضحا والسيناريو متفقا عليه من الجميع ويتم إزالة وإذابة أى خلافات أو اختلافات سواء شخصية أو حزبية بين كل قوى المعارضة الوطنية قبل يوم 30 يونيو، وأنه يجب الكف عن استخدام طريقة انزل وبعدين نشوف. من الملفت للنظر قبل الموجة الثورية الجديدة ارتفاع وتيرة الخطاب الفاشى والإقصائى بشكل غير مسبوق فى تاريخ مصر. فمن يحاول انتقاد بعض سلوك المعارضة وبعض اختياراتها فى بعض الأحداث فهو خائن وعميل وخلايا إخوانية نائمة وقابض من فلان أو علان. ومن يحاول توحيد الجهود والخطاب فهو خائن وعميل وخلايا نائمة، وكل من عصر الليمون قبل المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية وصوت لمرسى فهو خائن وعميل وقابض ويجب إقصاؤه من المشهد السياسى. خطاب الإقصاء والتخوين يتهم عاصرى الليمون بأنهم «خونة وقابضين وبتوع مصالح ومناصب وغرقوا مصر» ويجب إقصاؤهم بل تتطرف بعض صفحات الفيس بوك إلى التحريض على الاعتداء عليهم فى مظاهرات يوم 30 يونيو، فى حين أن المحللين والمراقبين للمشهد السياسى فى مصر يعتبرون عاصرى الليمون لهم دور مشهود فى كشف فشل الإخوان الإدارى وهم الشهود على وعود مرسى التى كسرها، وهم من رفضوا المناصب من بدايتها لأنهم لا يسعون لمناصب، وحتى من وافق على قبول منصب كمستشار أو مساعد لرئيس الجمهورية بهدف التغيير من الداخل استقال عندما تأكد وأثبت أن الموضوع صورى ولم يكن هناك أى نوايا حقيقية للتغيير أو للإصلاح أو لمحاربة الفساد أو للنهضة بهذا الوطن. وعاصرو الليمون هم من انسحبوا من الجمعية التأسيسية وكشفوا ألاعيب الإخوان ومخالفتهم لكل الوعود. والمثير للسخرية أن نجد أصواتا تطالب بالتسامح مع فلول النظام السابق وكل من شوه الثورة وعمل ضدها ودافع عن نظام مبارك وفساد عهده، وهذه الدعوة للتسامح غير مقرونة بفكرة العدالة الانتقالية للأسف ولكنها مقترنة بفكرة، مش مهم أى حد المهم نخلص من الإخوان وبعدين نشوف، ولكن فى نفس الوقت غير متسامحين مع عاصرى الليمون رغم تعدد اتجاهاتهم وأحزابهم وتنظيماتهم، رغم أن معظم من يطلق عليهم عاصرى الليمون الذين شكلوا الجبهة الوطنية بعد ذلك هم من كان لهم دور كبير فى إشعال شرارة ثورة 25 يناير. لا أعتبر كل من انتخبوا شفيق من الفلول، لأنى أعلم حجم الهلع الذى كان مسيطرا على الشعب من الإخوان وقت الانتخابات الرئاسية، واتضح أن هذا الهلع كان فى محله، وأعلم أن العديد من الشخصيات المحسوبة على الثورة فضلت انتخاب شفيق على انتخاب مرسى والبعض فضل المقاطعة، وكنا نتخيل أن يكون الإخوان على درجة من الوعى وإدراك أنهم لم يفوزوا بمجهودهم فقط وأن يستطيعوا أن يحققوا وعودهم، وأن يسعوا للتوافق الذى وعدوا بتحقيقه قبل الثورة وأن يحققوا الاستقرار ومبدأ المشاركة وليس المغالبة. وأخيرا وليس آخرا، 30 يونيو هو محطة أخرى وموجة ثورية جديدة لاستكمال الجهود من أجل إسقاط النظام، بشرط الالتزام بالسلمية والحفاظ على وحدة الصف المصرى.