الذين يعايرون أحمد ماهر مؤسس 6 أبريل وغيره من النشطاء بمواقفهم السابقة الداعمة للإخوان والرئيس مرسى، يتجاهلون أن الأصل فى ممارسة السياسة الحرية فى اتخاذ المواقف. السياسة ليست جامدا، لكنها مواقف متغيرة بتغير المصالح، ومن يتغير ويتبدل ليس بالضرورة متحولا، خاصة إذا كانت لديه شجاعة الاعتراف بأسباب تحولاته، وإعلان مراجعاته ونقده الذاتى.
لا يمكن أن تشمت فى عاصرى الليمون اليوم، لأن المرشح الذى أيدوه بنى نظاما بدأ بالتنكيل بهم بعد أن تنكر لكل وعوده التى قطعها على نفسه معهم، وأدار وجهه للأهداف المشتركة، لأن قرار الدعم فى ذلك الوقت كانت له أسباب ربما تختلف معها أو تتفق، لكنها فى النهاية كانت وجيهة لصاحب القرار الذى تصور أن اختيار مرسى هو المر، واختيار شفيق هو الأمر منه.
شخصيا لم أعصر الليمون، وفضلت المقاطعة، واعتبرت اللحظة التى أعلنت فيها نتائج المرحلة الأولى بإعادة بين شفيق ومرسى موتا لمشروع الثورة كما أفهمه على الأقل إلى حين، لكنى ذلك لم يمنعنى لحظة إعلان فوز محمد مرسى بالرئاسة، وخطابه فى ميدان التحرير أن أكتب: «اليوم تعود لكلمة مصرى المعنى المكتمل والفخر المستحق»، ولم يكن ذلك تقديرا مفرطا فى مرسى كشخص بقدر ما كان انصافا لإرادة هذا الشعب التى انتهت بتنصيب رئيس منتخب فى انتخابات جيدة.
واليوم رغم كل ما جرى خلال حكم مرسى حتى الآن لا أعتقد أنه كان الأفضل أن يأتى شفيق، فكلاهما يمثل وجها للاستبداد كانت مصر تستحق الخلاص منه، وربما شاءت الأقدار أن تجرب الاستبداد الدينى، لتكون الحركة فى اتجاه الخلاص من الاستبداد كله واثقة فى طريقها الواجب.
الشامتون فى عاصرى الليمون اليوم عليهم أن يتنبهوا أن أغلب هؤلاء مارس حريته فى اتخاذ القرار، ثم مارس حقه فى مراجعته واتخذ مواقف متباينة ومخالفة لدعمه المبدئى لهذا النظام معيدا تقييم مواقفه السابقة بشجاعة معلنة، وهذا هو الأصل الحقيقى فى الممارسة السياسية الراشدة، وهؤلاء هناك فارق كبير بينهم وبين من بقى ويبقى غارقا فى مكابرة تمنعه عن إدراك حقيقة ما وصلنا إليه، ثم يلفظه نظام ظل يؤيده بحماس فى أول لحظة شقاق أو اختلاف على مغنم أو مقصد.
ربما تسألنى إذا كانت التحولات أمرا غير مستهجن سياسيا، فهل يجوز ذلك للرئيس مرسى وجماعته، وأنت من انتقدت مرارا هذه التحولات؟
وهنا لابد أن تعرف أن التحولات لابد أن تكون مصحوبة بمراجعات معلنة وواضحة، فالمؤكد أن الرئيس مرسى من حقه أن يتحول عن موقفه السابق من قرض صندوق النقد حين كان نائبا وأن يقبله حين كان رئيسا، لكن بشرط أن يخبرنا أنه راجع مواقفه السابقة من واقع مسئوليته الجديدة واكتشف أنه كان خاطئا، لكنه بات الآن يعذر كل الحكومات السابقة التى كانت تتجه للاقتراض ويجلدها هو وجماعته بالمعارضة.
من حق الجماعة أن يتحول موقفها من القضية الفلسطينية من أعلى السقف بالمطالبة بفتح باب الجهاد، إلى اتخاذ الاجراءات الدبلوماسية اللازمة للضغط على اسرائيل فحسب، لكن بعد ان تعترف بشجاعة أنها راجعت موقفها واكتشفت ان شعاراتها السابقة كانت محض مزايدة.
للتحولات شروط حتى تكون مقبولة، وعاصرو الليمون استوفوا هذه الشروط بالمراجعات، فلا تشمتوا فيهم، اهتموا فقط بأولئك الذين يتحولون دون شجاعة فى الاعتذار أو أخلاق فى الخصومة.